عبد المالك حمروش المدير العام
عدد المساهمات : 5782 تاريخ التسجيل : 26/02/2010 الموقع : https://elsoumoudelcharif.ahlamontada.com
| موضوع: في الداخلية أيد خفية – فهمي هويدي الإثنين يونيو 27, 2011 1:53 pm | |
| صحيفة السبيل الأردنيه الاثنين 25 رجب 1432 – 27 يونيو 2011
في الداخلية أيد خفية – فهمي هويدي
http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2011/06/blog-post_27.html
إذا كان الانفلات الأمني في مصر قد تم بفعل فاعل، كما قال رئيس الوزراء الدكتور عصام شرف، فهل استمرار ذلك الانفلات، وإن بدرجة أقل، تم بفعل فاعل أيضا، أم أنها مجرد مصادفة؟
وإذا كان الذي فعلها في البداية قد أبعد عن موقعه، شخصا كان أو فريقا، فهل نحن على ثقة من أن أعوانهم وأذرعهم قد توقفوا بدورهم عن الفعل؟
ولماذا لم نعد نسمع صوت عناصر ائتلاف ضباط الشرطة الذين تضامنوا مع الثورة، وطالبوا بإصلاح المنظومة الأمنية في مصر؟
وما هي القوى التي أسكتت أصواتهم؟ ولمصلحة من تم ذلك؟
لدي عدة أسئلة من ذلك القبيل، تنطلق كلها من الشعور بعدم الاطمئنان إلى براءة بعض الأوضاع في جهاز الشرطة، وترجح كفة الشك في أن هناك من يحرص على استمرار درجة من الانفلات الأمني وإشاعة الشعور بعدم الاستقرار في مصر.
ولست متأكدا مما إذا كان الدافع إلى ذلك هو تعاطف البعض مع رموز النظام القديم وسياساته التي جعلت الشعب في قبضة أو خدمة الشرطة، أم أن هناك من يرى أن الذين قاموا بالثورة مجموعات من الشبان «الصغار» الذين يتعين «تأديبهم» وإقناعهم بأن الشرطة فوق الجميع، وأسياد الناس كما قال أحدهم، وبدونها فإن البلد يظل في خطر، وإن كل ما فعله أولئك الشبان لا قيمة له.
أيا كان الأمر، فالشاهد أنه في الوضع الراهن ثمة رسالة غير بريئة يراد توصيلها إلى كل من يهمه الأمر، وصادرة عن «موقع ما» في جهاز الشرطة.
لست أرى أشخاصا بذواتهم وراء ذلك الخطاب، لكني أرى قرائن لا تخطئها عين تشير إلى وجودهم. وسأضرب المثل باثنتين فقط من تلك القرائن، هما:
1ــ هناك 99 قسم شرطة تم إحراقها أثناء الثورة، ولم يتم ترميم أي منها طوال الأشهر الخمسة الماضية. وكانت نتيجة ذلك أنه تم اللجوء إلى أماكن بديلة لكي يؤدي منها رجال الشرطة مهامهم. وأغلب تلك الأماكن إن لم يكن كلها غير مؤهل لذلك، وحين يكون الأمر كذلك، فإن قسم الشرطة يصبح عاجزا عن أن يؤدي وظيفته، كما أن المكان ذاته يتعذر تأمينه وحمايته.
هناك أكثر من علامة استفهام حول أسباب التقاعس عن ترميم وتشغيل ذلك الكم من أقسام الشرطة طوال الأشهر الماضية، والتسويف في عملية الإصلاح بإحالة الأمر إلى مديريات الأمن التي لا تمتلك أي خبرة في ذلك المجال، علما بأن في الوزارة إدارة للمشروعات مسئولة عن هذه العملية، وليس معقولا ولا مفهوما أن يقف مسئولو تلك الإدارة متفرجين على مشهد الأقسام المحترقة، دون أن يحركوا ساكنا.
الأمر الجدير بالملاحظة في هذا الصدد أن الإمكانات المتوافرة لدى الدولة تسمح بإنجاز هذه العملية بمنتهى السرعة، وإعادة بناء أو ترميم الكنائس التي عرضت للاعتداء تشهد بذلك، لكن هذه السرعة توقفت تماما عندما تعلق الأمر بأقسام الشرطة، الأمر الذي يثير السؤال: لماذا؟
2 ــ في الوقت الذي تكتظ فيه السجون بالنزلاء، الأمر الذي يفتح الباب لعمليات الشغب ومحاولات الهروب التي أصبحت تتكرر بين يوم وآخر، فإن هناك تراخيا مثيرا للدهشة في تسلم سجن وادي النطرون الذي يسع ثلاثة آلاف سجين، وتم بناؤه بتكلفة وصلت 112 مليون جنيه.
معلوماتي أن ذلك السجن الجديد تم الانتهاء من بنائه وأصبح جاهرا للتسلم في أول شهر أبريل الماضي، وأن تشغيله يتطلب بعض تجهيزات بسيطة لا تتجاوز تكلفتها 50 ألف جنيه، ولكن هناك تراخيا غير مفهوم في عملية التجهيز، كان من نتيجته أنه لا يزال السجن بإمكاناته الكبيرة مغلقا منذ ثلاثة أشهر, في حين تعاني السجون الأخرى من التكدس وعدم الأمان. وذلك التراخي الحاصل في تشغيل سجن وادي النطرون حاصل أيضا في التعامل مع التوسعات التي أدخلت على سجني جمصة والمنيا.
أدري أن وزير الداخلية الحالي اللواء منصور العيسوي يبذل جهدا مخلصا لتطهير أجهزة الوزارة من العناصر التي كانت ركيزة السياسة الأمنية الباطشة للنظام السابق، أو تلك التي استثمرت أجواء إطلاق يد الشرطة واعتبارها فوق القانون وفوق أي حساب للضلوع في صور مختلفة من الفساد المالي بوجه أخص، لكن استمرار ذلك الوضع طوال السنوات الثلاثين السابقة أدى إلى توحش الرتب العليا وتوسيع دائرة الفساد في الجهاز، الأمر الذي بات يستدعى المزيد من الحزم في التعامل مع العناصر التي تم تفريخها في تلك الفترة، بما قد يتطلب إعادة هيكلة أجهزة الوزارة و«تنظيفها» من الفلول والأعوان وأعوان الأعوان.
ذلك أنه إذا كانت أشياء كثيرة تحتمل الانتظار في عملية بناء النظام الجديد، فإن إعادة النظر في الجهاز الأمني ليس من بينها بكل تأكيد،
بل لنا أن نقول إنه لكي تنصلح أوضاع كثيرة في البلد اقتصادية واجتماعية، فلا بديل عن التمسك بشعار "الأمن أولا". .................. | |
|