الوصية التاسعة: أخرجوا من قلوبكم الأضداد والأنداد والشركاء.
فإن الحق عز وجل لا يقبل شريكاً ولا سيّما في القلب الذي هو بيته (أي: محط تجلياته , ومكان الإيمان به )
كان سيدانا الحسن والحسين عليهما السلام يلعبان بين يدي جدهما رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام وعلى آله الكرام وهما صغيران ، وهو فرح بهما ، مقبل عليهما بكليته ، فأطلعه الله على مقتلهما من بعده ، وإنما أطلعه على ذلك حتى يحول الفرح بهما في قلبه إلى غم عليهما ، وكذلك كان يحب أم المؤمنين عائشة عليها السلام فجرت عليها تلك القصة المشهورة المعروفة بتهمتها بالفاحشة وقد برّأها الله منها فتنحت عن قلبه مع علمه وتيقنه ببراءتها لأنه علم مقصود الحق عز وجل في ذلك.
ويعقوب عليه السلام لما أحب يوسف عليه السلام جرى ما جرى عليه وفرّق بينه وبينه ، ومن هذا الجنس كثير جرى على الأنبياء والأولياء محبوبي الحق عز وجل لأنه غيور يفرغ قلوبهم مما سواه.
فعليكم بالإخلاص ، صلوا لله ، صوموا لله ، لا لخلقه ، تعيشوا في الدنيا لله لا لخلقه ولا لنفوسكم ، كونوا في جميع الطاعات لله تعالى لا لخلقه.
واعلموا أنكم لا تقدرون على الأعمال الصالحة والإخلاص فيها لله إلا بقصر الأمل ، وقصر الأمل لا تقدرون عليه إلا بذكر الموت، وما تقدرون عليه إلا برؤية المقابر الدّارسة (أي التي فنيت فيها الأجساد) والتفكر في أهلها وما كانوا فيه، قولوا لأنفسكم عندها : هؤلاء كانوا يأكلون ويشربون وينكحون ويلبسون ويجمعون (وعلى الأنتر نت يعكفون) كيف حالهم الآن ؟
وإلى اللقاء غدا إن شاء الله مع الوصية العشرة.