رسالة مفتوحة إلى التيارات الإسلامية والماركسية
من Fawzi Dimassi في 21 يوليو، 2011، الساعة 06:04 مساءً
رسالة مفتوحة
إلى
حزب التحرير – السلفيين – حركة التجديد - حركة النهضة – اليسار المتشدّد
إنّ تونس الممتدّة جذور حضارتها في عمق التاريخ ، تونس جامع الزيتونة ، وتونس مجلّة الأحوال الشخصيّة ، هذا البلد الذي تتعايش فيه كل الأديان ( الإسلام – المسيحية – اليهودية ) بطرق سلمية على قاعدة حبّ تونس والمحافظة على آمنها واستقرارها ، ولم نلحظ يوما على امتداد التاريخ أنّ موسى عليه السلام آو عيسى عليه السلام أو محمد صلى الله عليه وسلّه قد حمل للحظة في خطابه بذور دعوة للفتنة آو التقاتل أو النيل من حريّة شخص نظرا لاختلافه معه ... والله جلّ جلاله خلق الناس شعوبا وقبائل ومللا ونحلا ومذاهب وبعث بالرسول محمّد رحمة للعالمين ، وبعث بموسى لفرعون الطاغية ليجادله بالتي هي أحسن ، إذا فالدين والرسالات السماوية هي نصوص لبثّ ثقافة الحبّ والتعايش والتعاون من أجل خير الإنسان ، فهل على عهد الرسول محمد لمسنا في أخلاقه ظلما للإنسان ؟ أو عداوة لحريّة التعبير أو التفكير أو السؤال ، ألم يدع أصحابه إلى الهجرة إلى الحبشة وقد كان راعيها مسيحيّا ؟ فالإسلام دين تسامح ورحابة صدر وعلوّ أخلاق ودليلنا النسيج المجتمعي المتنوع على عهد الرسول في المدينة ، كما أنّ الفكر الماركسي هو فكر قام على مقولات ضرب الظلم واستغلال الفقراء والكادحين ، وقام ضدّ الفكر الكنسي المتحجّر المؤسّس لشرعية البرجوازية واضطهادها واستغلالها الفاحش للسواد الأعظم ، ورسّخ هذا الفكر الإنساني مفهوم الاشتراكية المبشّرة بانقضاء عصر الاستغلال الفاحش على حساب كرامة الإنسان وإنسانيته ، ولم يدع يوم حزب من الأحزاب الشيوعية على امتداد الوطن العربي لإغلاق بيوت العبادة أو القطع مع الفكر الديني ، كما أنّ الإسلام لم يكن يوما ضدّ التفكير ومع التكفير ، والقرآن على ذلك شهيد ، وتونس التي احتضنت كلّ التيارات الفكرية والحساسيات السياسية لم تكن يوما ساحة للتقاتل على قاعدة الاختلاف الديني أو الفكري ، ومشهدها الفكري والفني زاخر بآيات التوافق ،أليس من آيات عظمة تراثنا الغنائي التونسي يهود مثل راؤول جورنو وحبيبة مسيكة والشيخ العفريت ؟ ونذكر كذلك على سبيل الذكر لا الحصر دفاع كمال الجندوبي اليساري على الإسلاميين المضطهدين في السجون ، ودفاع سهام بن سدرين عن حرية التعبير ، وحماية الحزب الديمقراطي التقدمي لمناضلي حركة النهضة ، وفتح منبر جريدة الموقف ، فكانت في بعض صفحاتها صوتا لهم ، وانخراط حركة النهضة في هيئة 18 أكتوبر جنبا إلى جنب مع حزب العمال الشيوعي ، ومن يوم تحصّلت النهضة على الترخيص القانوني لم نسمع في خطاباتها دعوة للعنف المنظّم والمعادي لحرية المعتقد، بل وجدناها تتعامل بتسامح مع كلّ خصومها ، حتى السلفيون انسفهم كانوا على درجة من التسامح الفكري وسموّهم الأخلاقي شأنهم في ذلك شأن كل فصائل القوميين والبعثيين . إنّ عمر الجامعة التونسية أكثر من نصف قرنأي نصف قرن من التنوير وبثّ العلم والمعرفة وثقافة الاختلاف والتنوّع والعمل على ترسيخ ثقافة النسبيّة ، إذ لا أحد يملك الحقيقة المطلقة ، والتونسي بطبيعته متسامح كريم الخلق متفتّح متمسّك بهويّته ، فلا نظنّه يقبل بعرض خزعبلات مثل فيلم " لا ربي ... لا سيدي " تحت عنوان حرية التعبير ، ولا نظنّه باسم الإسلام يلبس حزاما ناسفا ويفجّر مقاهي مفتوحة في رمضان باسم الشهادة والجهاد في سبيل الله ، لانّ الشارع التونسي محكوم بأخلاقيات " إذا عصيتم فاستتروا " ومحكوم كذلك بأخلاقيات " إنّك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء " ، هل نصبت مشانق شعبيّة بعد ثورة 14 جانفي لمحاسبة السراق والمجرمين ؟ هل انخرط الشعب التونسي في حرب أهليّة على الطريقة الصوماليّة ؟ ألا يوجد اليوم متحجّبات مناضلات في حزب العمال الشيوعي ؟ أليس اتحاد الشغل والذي كان رياديّا في خدمة الثورة التونسية محكوما بالتعدّد والتنوّع والتوحّد ويجمع كلّ الأطياف ؟ فالله والفكر الإنساني العالمي بصبّون في نفس الخانة تكريم الإنسان والذود على إنسانيّته ، ثمّ إنّ الحداثة قامت على نبذ الإقصاء والإلغاء باسم الفكر آو الدين وقامت على النسبية والحوار فلنكن كذلك حفاظا على تونس ، إذ هذا البلد في تنوعه وحدته ، لنبتعد على خطابات النفي الفكري والإستمناء السياسي باسم التقدمية أو باسم الدين ، ولنكن يدا واحدة لنحفظ تونس من المتربصين وعبيد السفارات ، ولنجعل من ثورتنا مثالا في العالم وهي كذلك ، ولنبتعد على الصراعات الحزبية المجحفة ، ولنقطع مع الخبث السياسي ومقاومة الخصم السياسي بأساليب نزلت بالأداء السياسي إلى حدّ الإسفاف والتراشق بالتهم ( كافر – ملحد- خوانجي – ارهابي – ماضوي – عميل – قروسطي – إرهابي ) فلنقطع مع هذا السجلّ اللغوي الديكتاتوري الشمولي فتونس للجميع ، وتتسّع للجميع ، وليكن صندوق الانتخابات في كنف الاحترام هو الفيصل
تحيا تونس
فوزي الديماسي – كاتب تونسي
نشر الكاتب التونسي السيد/ فوزي هذا المقال على الفيس بوك وعلقت عليه بما يلي:
الصراع الآن في المرحلة الانتقالية خطأ فادح ولعبة خطيرة قد تعصف بكل شيء ليسقط البلد في يد استبداد أكثر سوادا من ذلك الذي سقط رأسه وبقي جسمه يغذي هذا الصراع لعله يستعيد مجده الغابر .. على كل الأحزاب والتيارات والتنظيمات أن تضع اليد في اليد للعبور بسلام إلى الوضع الديمقراطي الدائم .. حيث يكون التنافس عن طريق البرامج التنموية والتطويرية لنقل تونس وشعبها إلى العالم المعاصر بكل أطيافها السياسية والإيديولوجية دون إقصاء .. ومن له القدرة على وضع برنامج أفضل وأنجح للتنمية والتطوير يتقدم إلى الشعب التونسي الكريم ليقنعه به حتى يمنحه فرصة التنفيذ بانتخابه لتولي السلطة في فترة محددة بعدها يرجع إلى حلبة تنافس البرامج من جديد والفوز للأصلح وهو الحزب المبرهن من خلال برنامجه الجديد على كفاءة أفضل في الفكر والعمل..في اعتقادي أن أي حزب أو تنظيم يصارع الآن أو يتسبب في الصراع هو أحد اثنين إما أن يكون عاجزا على التنافس الفكري لوضع برنامج قادر على إنجاز المهمة المنتظرة وإما أنه وربما لنفس السبب يريد ضرب المسيرة الديمقراطية لكونه لا يرى له مكانا مستحقا فيها لقصوره وسوء نيته السياسية .. بمعنى أن هدفه هو الحكم بطريقة استبدادية من جديد لأنه عاجز عن ممارسة الحكم الديمقراطي قصورا وتقصيرا .. أظن أنه لا بد من فضح هذه الممارسات المغرضة ووقوف الجميع ضدها حتى تتوقف فورا .. وييأس كل من يريد الوصول إلى السلطة عن طريق هذه الاستراتيجيات الهدامة ذات النية الاستبداية .. أما حكاية الايديولوجيات المستعملة كاستراتيجيات لبلوغ السلطة فهي مفضوحة وعقيمة ولا خير يرجى منها فالجميع اليسار واليمين بمن فيهم العلمانيين والماركسيين والليبراليين والإسلاميين طلاب سلطة استبدادية لأنهم يرفعون شعارات فارغة ولا برامج تسنده للتطبيق الفوري بعد الانتخابات على الوضع التونسي الخاص, أظن أنه من الضروري إنشاء جبهة تتمركز حول القوى الحية الحقيقية والثورية المخلصة بسندها الشعب كله .. تكون مهمتها نبذ كل من يسعى إلى الصراع السياسي الهدام وأي صراع سياسي في المرحلة الانتقالية لا يكون الا هداما .. ومن أراد من الأحزاب أو المجتمع المدني وسائر التنظيمات أن ينضم إلى الجبهة الديمقراطية للتحول المنشود فمرحبا به .. ومن أقصى نفسه عن هذا المسعى الذي لا مسعى غيره في زعمي أثناء المرحلة الانتقالية فليذهب حيث شاء لكن من غير السماح له بالتحرك في اتجاه إشعال نار الفتنة والصراع السلبي الهدام .. هكذا أرى الأمر من بعيد لكني بقلبي معكم ومع كل الثورة العربية الزاحفة في سائر الوطن العربي والتي تنعش أملا في الانبعاث الحضاري والحياة الكريمة منذ قرون عديدة خلت .. تحياتي إلى الصديق فوزي الدماسي صاحب هذه المبادرة الخلاقة وإلى كل المساهمين في هذا التفكير البناء ومن خلالكم إلى الشعب التونسي الأبي العريق الذي أنجزا إبداعا سياسيا في مجال التغيير الديمقراطي غير مسبوق وبسببه وامتدادات تطبيقه إلى كل بلاد العرب وغيرها وخاصة إلى أرض الكنانة مصر أم الدنيا التي أعطته زخما متميزا هذا الإبداع السياسي التونسي الديمقراطي جعل العالم أجمع ينظر بإعجاب وجدية لأول مرة منذ ما يزيد على عشرة قرون إلى الشعب العربي وعلى رأسه الشعب التونسي صاحب براءة هذا الإبداع المجيد .. عاشت تونس حرة أبية مزدهرة .. والمجد والخلود لشهدائها وشهدا الأمة الثائرة جميعا وفي مقدمتهم الشهيد البطل محمد البوعزيزي .. ورجاء يا توانسة ياكرام لا تنسوا ولو لحظة رعاية هذا المجد الذي أتحفتم به أمة العرب والإسلام والبشرية كلها وأنتم تتصرفون في هذه المرحلة الانتقالية البالغة الحساسية .. تحياتي الخاصة إليك أخي الكريم فوزي الديماسي.