الزمر في استنبول

الزمر في استنبول والمعارضة السورية
د.محمد رحال
السويد 28/7/2011
المثل الشعبي الشامي العريق والذي قيل منذ قرن نراه اليوم رأي العين بين استنبول وبلاد الشام ، وهذا المثل الشعبي العريق : العرس في حرستا والزمر في استنبول أصبح حيا نعيش فصوله على يد من ركب حصان المعارضة وصادر حق أبناء الثورة في التعبير عن أنفسهم ، وتحولت استنبول إلى مكان للزمر والطبل لمجموعة صادرت حق المعارضة من الجميع في الوقت الذي ترفض فيه الثورة الشعبية في سورية تلك المعارضة وتطالبها بصرف تلك الأموال على اسر الشهداء بدلا من صرفها على مجموعات من أصحاب البذلات الأنيقة والتي تعتبر نفسها انها وصية على الثورة الشعبية في سورية .
الثورة في سورية الآن هي ثورة منظمة تقودها تنسيقيات الثورة والتي انتظمت ضمن المجلس الثوري للتنسيقيات ، هذا المجلس الذي يضم حتى اليوم أكثر من مائة تنسيقية ارتضت أن يكون عملها سرا وليس علنا ، ولكن من يحضر تلك المؤتمرات للمعارضة لم يجد في نفسه حرجا أن يعلن انه يمثل تلك التنسيقيات ، بل وهناك من وجد فسحة من الحرية ليعلن عن إنشاء اتحادات للتنسيقيات ، أو مجالس وطنية للتنسيقيات على الصفحات الالكترونية دون احترام لدماء الشهداء الذين سقطوا من اجل الحرية وفداء للوطن الغالي في سورية ، وأبشع من هذا أن هناك من ادعى انه ناطق باسم التنسيقيات ولايجد غضاضة أبدا بالقول انه يتحدث من حمص أو دمشق على انه شاهد عيان ، في الوقت الذي عرفنا فيه انه يقيم في الأردن أو بيروت أو استنبول أو واشنطن ، والأسوأ أننا عرفنا أن بعضهم يمول ماديا من إحدى القنوات الفضائية على انه ناطق باسم التنسيقيات ، أي انه موظف بصفة ناطق إعلامي لاعلاقة له بالواقع ، وهو واقع يكشف مدى التآمر على الثورة السورية ، ولدى مخاطبتنا تلك القنوات من اجل تصحيح الخطأ وذلك بناء على طلب من المجلس الثوري للتنسيقيات فان شكوانا ذهبت أدراج الرياح ، بالرغم من أنها قنوات تدعي المصداقية والبحث عن الخبر الصحيح ، والأسوأ من هذا هو التلميع الواضح لشخصيات لاعلاقة لها بالثورة في الداخل وكأن الأمر نوعا من اللصوصية العلنية .
أسوأ مافي الأمر أن من يدعي تمثيل المعارضة والثورة في الداخل من أصحاب البذلات الأنيقة إما انه من أصحاب اللحى ودعاة التقى والورع والذين مسحوا دولا بأكملها تحت شعار جمع التبرعات للثورة والتي لم يصلها قرش واحد بعد أن سيطر على المعارضة مجموعات من القروش تكالبت على دماء الشهداء وتنتظر أن تعود إلى الوطن على محمولة على الأكف والأكتاف ، والقسم الآخر يدعي انه من أصحاب الفكر العلماني ولايختلف بشيء عن أصحاب اللحى ، وكلاهما مرفوض من الداخل ، ولهذا عبثا يحاول الطرفان التسابق للمؤتمرات وكان القضية هي في استنبول وليست على ارض الواقع في سورية التي ملأت الدماء أرضها جراء ظلم السلطة ونذالة من يسمون أنفسهم بالمعارضة .
وفي حصيلة جولة خليجية لزيارة إخواننا في تلك البلاد وأعدادهم بالملايين فاني وجدت تذمرا شديدا منهم من تلك المعارضة والتي لاترى إلا نفسها وهي مجموعات من الأفراد نصبت نفسها بديلا عن الثورة وعن ملايين المغتربين ، ثم قيل لنا أن نحترم قراراتهم واجتماعاتهم كي لايقال أن المعارضة فاشلة ، وهي طرفة غريبة النوع ؟؟؟ درجة قال لي بعض من حاضرت فيهم انه يفضل ديكتاتورية الشبيحة عن تلك المعارضة والتي تمددت حتى وصلت إلى الدعوة إلى تشكيل حكومة مؤقتة من نفس الأشكال الانتهازية والتي صرفت الملايين في على اجتماعاتها ولجانها لاشخاص مرضى بمرض حب السلطة والظهور على شاشات الفضائيات المتنوعة ، وكان سؤال قادة التنسيقيات في الداخل دائما يدور في محور الثورة ومدى انتساب تلك المعارضة للثورة ، وهم في الداخل من يدفع الثمن ، مطالبين المعارضة ذات الخمس نجوم بالكف عن النعيق أنهم يمثلون الثورة ، فالثورة لاتحتاجهم فضلا عن أنهم أصبحوا عالة على الثورة ، حتى أن احد قادة التنسيقيات قال لي عبر السكايبي أن تلك المعارضة وأحزابها وجمهورها لايمثلون إلا جزءا صغيرا من تنسيقية باب السباع ، إلا أن الفارق بين الاثنين أن باب السباع مليء بالسباع بينما تلك المعارضات لاتمثل إلا أنواعا من القطط التي أشبعت الساحة الإعلامية مواء ونياحا وصياحا .
الثورة في الداخل تدعوا أقطاب المعارضة أو من يسمون أنفسهم بأقطاب المعارضة أن ينظروا إلى أنفسهم أمام مرآة الواقع وان يقدموا للثورة كشفا بشهاداتهم الثورية ، فهل هم أكثر وطنية أو علما أو ثقافة من أصحاب الثورة في الداخل ، وقادة الثورة لاتنقصهم الخبرة أو العلم الو الوطنية ، ولاتنقصهم الشهادات العليا والمميزة ، فبأي حق تعقد المؤتمرات باسم ثوار سالت دمائهم من اجل الوطن والحرية .
أليس من الأجدى لتلك المؤتمرات أن تعقد في خيمة صحراوية لتحاكي خيم المشردين من أبناء الوطن الغالي ومن اجل دعم الثورة في الداخل بدلا من توزيع المناصب على مجموعات من الانتهازيين والبلهاء ومقتنصي الفرص والبلهاء والذين خدعوا أنفسهم بأنهم القادة الحقيقيون لسورية المستقبل وذلك بسبب رسائل الإطراء التي تصلهم من عشرات من المعجبين واغلبها من رجالات الأمن يداعبون بها خيالات بعض الحالمين بالسلطة والقيادة .
ألا يخجل البعض من فشل تلك المؤتمرات ويصر على متابعتها وكأنها قدرا مقدورا ،ثم يظهر على الفضائيات وكأنه فارس الأمة ورسولها ، أم أن الحياء ذهب من وجوه الرجال ، وأجدر بهم أن يعيدوا قراءة المثل القائل إذا لم تستح فاعمل ماشئت، فعذرا منكم ياشهداء سورية العظيمة ، ولااجد لهؤلاء عذرا ، فلو كن فيهم ذرة من الشرف لما اجتمعوا إلا من اجل دعم الثورة في الداخل ولما تركوا الثورة يتيمة ثم سرقوا التبرعات ليقيموا الولائم ذات الخمس نجوم في الوقت الذي لايجد الشهداء ثمنا للأكفان.