عبد المالك حمروش المدير العام
عدد المساهمات : 5782 تاريخ التسجيل : 26/02/2010 الموقع : https://elsoumoudelcharif.ahlamontada.com
| موضوع: الثورة العربية .. الكمين المعادي ينهار .. مرحلة الحسم .. ومجال اللاعودة .. بقلم عبدو المعلم الإثنين أغسطس 22, 2011 3:29 pm | |
| الثورة العربية .. الكمين المعادي ينهار .. مرحلة الحسم .. ومجال اللاعودة ..بقلم عبدو المعلم سقوط طرابلس واعتقال سيف الإسلام كان كل شيء في العام الماضي يوحي بأن الأمة العربية بلغت مرحلة الاحتضار إن لم تحدث معجزة .. كانت المقاومة والشعوب والممانعة هي شموع الأمل التي لا زالت منيرة شيئا ما ولكنها محاطة برياح عاتية محلية وإقليمية وعالمية .. كان اليأس والاحباط سيدا الموقف ..
الأمل ومن كانوا يتمسكون بالأمل بشيء من العناد والحدس الغامض وبعض المعطيات النظرية التي تفيد بأنه لا يعقل أن تنهار أمة بحجم الأمة العربية بمعطياتها البشرية والجغرافية والتاريخية .. نعم ذلك صحيح نظريا .. لكن كيف يمكن تبديد هذا الظلام الدامس ومعالجة الاستسلام والعمالة والهجمة الصهيوأمريكية غربية الشرسة؟ وكان المتفائلون يعقدون الأمل على النخب وخاصة منها النخبة المثقفة التي يعود إليها دور التوعية التي إذا ما ارتفعت وتولت النخب قيادة المسيرة المنقذة يمكن أن يحدث التحول التدريجي نحو الديمقراطية بمقدار ارتفاع الوعي الذي سيتسارع أكثر مما يجعل النفوذ السياسي يتوزع أكثر وتصبح السلطة الاستبدادية مجبرة على الانفتاح المتعاظم والمتسارع .. وهكذا بالتدريج إلى أن تصبح المشاركة في السلطة من المعارضة والمجتمع المدني على درجة متساوية مع النظام القائم ثم تتجاوزه وتميل كفة ممثلي الشعب وهكذا إلى أن يقع الانتقال الديمقراطي نهائيا في ظرف زمني ليس بالقصير .. ربما يكون متوسط المدى .. هذا إذا صحت الفرضية القائمة على هذا التصور المتفائل لمجريات الأمور..
اليأس أما معسكر اليأس والسائر طوعا أو كرها في ركاب الاستبداد والفساد والعمالة ومنه النخب التي باعت نفسها للسلطان بأبخس الأثمان والتي تتعيش على فتات موائد السلطة راضية بذلك كمصير شخصي قائم على المصلحة الضيقة وعلى أنانية معتبرة نفسها محظوظة, ولقاء ذلك تدعم الاستبداد بالتضليل والتيئيس والتزيين والمشاركة في الفساد والاستبداد والعمالة بالنسبة خاصة للنخب الاقتصادية والتكنوقراطية المدنية والعسكرية .. هذا المعسكر لم يكن يهمه كثيرا مصير الأمة ولا ينشغل به أبدا .. حاصرا اهتمامه في المصلحة الذاتية الضيقة والمصير الشخصي أو على الأكثر الفئوي المتحالف مع السلطة والمشارك فيها بشكل أو بآخر ولو بالخبرة ورأس المال وغير ذلك مما يسمح له بتنمية مكتسباته الشخصية حتى لو كان ذلك على حساب الشعب والأمة .. وهو واع بذلك تمام الوعي لكنه محبط وأناني ولا يرى طريقا آخر ممكنا غير ما يقوم به من مشاركة في استعباد الامة واستغلالها وتجهيلها وتفقيرها باستمرار حتى تكون قابلة للخضوع والاستثمار بصفة دائمة لفائدة السلطة التي وضع نفسه في خدمتها ومن خلالها التكتلات السياسية والاقتصادية العالمية او المعولمة والتي يمكن تسميتها بالاستعمار الجديد.. هذا الوضع الخطير دفع بوعي الشعب إلى أقصاه إلى جانب انتشار تكنولوجيا الاتصال والتواصل وتطورها المذهل في الفترة القريبة الماضية .. الأمر الذي جعل الشعب العربي يرى نفسه ووضعه بكل شفافية ووضوح داركا كل الإدراك النية السيئة للسلطة وتقصيرها وقصورها وفسادها واستبداها وأيضا عمالتها في كثير من الأقطار .. ومن جهة النخب أدرك الشعب أنها خانته وباعته مقابل مصالح شخصية ضيقة مهينة ولا يمكن التعويل عليها .. فما كان منه إلا أن قرر الاعتماد على نفسه بعد الله سبحانه ودفع طليعته الشبابية إلى إعلان الثورة بطريقة بسيط وفق صيغة إسقاط الاستبداد وإقامة الديمقراطية أو الاستشهاد لأن الحياة التي آل إليها أهون بكثير من الموت ولأن وجوده والأمة كلها أصبح مهددا تهديدا جديا .. حيث المسجد الأقصى المبارك أول القبلتين وثالث الحرمين الشريفين يكاد يسقط تحت ضربات التخريب الصهيوني المتواصل المتعمد .. والقدس الشريف برمته يكاد يتهود .. وفلسطين الحبيبة كلها تكاد تضيع نهائيا وباقي أقطار العرب أيضا مهددة بشكل أو بآخر والعمل في مشروع الشرق الأوسط الجديد وما فيه من تقسيم وتفتيت وإضعاف للبلدان وإغرقها فيما أسموه الفوضى الخلاقة يجري على قدم وساق ..
الثورة كان الخيار واضحا إما الثورة وإما الموت النهائي للشعوب والهوية والأمة كلها .. ولم يكن الأمر بقابل للنقاش والتنظير والانتظار .. ولأن منطق الشعوب عملي بسيط وفعال .. ولأن الكأس كانت ملآنة على آخرها فقد كانت قطرة البطل الشهيد محمد البوعزيزي أكثر من كافية لتفيض في تونس الخضراء آخر البلدان التي كان ينتظر منها مثل هذا الإبداع السياسي الديمقراطي الذي أصبح عالميا .. وبعد أيام معدودات تفجرت الثورة في أرض الكنانة وأم الدنيا وكانت هي الأخرى ميئوسا منها تماما تبعا لمنطق تلك الأيام السوداء .. وبسرعة كبيرة والعالم مندهشا لهذا الإبداع السياسي العربي غير المسبوق ولطريقة التنفيذ المخترعة من قبل الشعبين الثائرين .. وقبل أن يفيق الجميع سقط رأس النظام في تونس وتبعه سريعا خلع رأس النظام المصري المتعفن .. ولم يمض إلا وقت قصير جدا حتى أفاق العالم وباقي النظام العربي على الفاجعة فأسرع إلى تأسيس حلف رهيب لإجهاض الثورة العربية في البلدين المبادرين ومنع انتصارها في أي بلد آخر .. تكون هذا الحلف السيء اللاتاريخي - لأنه معاكس لحركة التاريخ - من المتضررين وهم : أمريكا والكيان الصهيوني والغرب والنظام العربي ومن يتبع هذه الكتلة المنتفعة وحدها من الوضع السابق على الثورة .. والذي كان مطمئنا إلى استمراره حتى آخر الزمان .. فكان أن اندلعت الثورة في ليبيا ثم في اليمن وسوريا هذا بشكل بارز يضاف إليها إرهاصات ممهدة في معظم بلاد العرب إن لم تكن كلها .. وابتدأت المواجهة الشرسة في ليبيا باستعمال كل أنواع الأسلحة حتى المحرمة دوليا لقمع المظاهرات السلمية حتى لو اقتضى الأمر الإبادة فلا مانع فالغاية تبرر الوسيلة وسقط آلاف الشهداء وغير ذلك من ممارسات الهولوكوست الحقيقي .. وفي درجة معينة من المراوغة وصلت الأمور حد الفضيحة واكتشاف التحالف المعقود .. فراح الغرب يداري وجهه القبيح وراء تدخل تحت عنوان "حماية المدنيين" وبطلب من النظام العربي تأييده ولإضفاء الشرعية الكاذبة على ذلك النفاق جعلوه تحت غطاء الأمم المتحدة الشبح الكاذب .. وهكذا بدأ الناتو يحمي الشعب الليبي بطيرانه المتكاسل .. أحيانا يساهم في قتل الشعب المسحوق .. وأحيانا أخرى يترك الفرصة لكتائب القذافي أو بالأحرى كتائب الموت والإجرام والمجازر تمرح على الأرض وتنتقل بدباباتها ومدافعها وتجهيزاتها الثقيلة مئات الكيلو مترات وطائرات الغرب العمياء لا تراها أو بالأحرى تدعي أنها لم ترها .. وهي في الواقع تعطي الفرصة كاملة لحليفها نيرون ليبيا السفاح لعله يستطيع القضاء على الثورة في ذلك القطر الثري .. ولم يدركوا - لطمعهم وغبائهم - أن الذي ارتكب المجازر في حق شعبه لا يمكن له أن يحكمه مستقبلا إطلاقا .. ونفس السيناريو يتكرر في اليمن ثم في سوريا وقبلها البحرين ولو أن هذه حالة خاصة لأسباب عدة غير أنها في الجوهر تقع في ذات السياق التحرري الثوري للشعب العربي ضد أعدائه في الداخل والخارج ..
فشل الكمين لا زالت المناورات مستمرة في تونس ومصر لكنها أصبحت مكشوفة .. وقد أدرك جسم النظام الباقي في الحكم بعد خلع رأسه وبعض من معه بأن التحول الديمقراطي لا مفر منه .. لكنه لا زال لم يفقد الأمل هو وحلفاؤه في الداخل والخارج في الاحتفاظ بجزء ما من النفوذ والمصالح والتعايش مع الديمقراطية القادمة بالتأسيس لذلك الوضع الآن في المرحلة الانتقالية .. وقد كانت تلك المحاولات البلهاء تجد تشجيعها في الكمين المنصوب للثورة العربية في كل من ليبيا واليمن وسوريا والبحرين كذلك .. خاصة وأن الثورة في هذا البلد قد بدا للعيان أنها قمعت وما هي كذلك في الواقع .. وهكذا نشطت بقايا النظام الحاكم في كل من تونس ومصر وصارت تأتي بين الفينة والأخرى بممارسات قمعية مثل تلك التي كانت تمارسها في الماضي .. لكن رد الفعل الذي يقابلها يأتي رادعا في الغالب .. فتفيق من أحلامها الوردية وتمارس المناورات مجددا .. وأملها معقود على الكمين المنصوب للثورة في البلدان الأربعة المذكورة وفي كل الأقطار الأخرى بدرجات متفاوتة .. لكن التطورات تفيد من حين لآخر أن الفشل هو نصيب ذلك الكمين السيء الذكر .. حتى أن أصحاب الكمين قد راحوا منذ مدة ينادون بأن الحل السلمي والتفاوضي هو السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة في البلدان التي اشتعلت فيها الثورة هذه شهور ولم تحسم .. بل قالوا باستحالة الحسم ولا بد من التحاور والتوصل إلى صيغة مع النظام هي في جوهرها القضاء على الثورة في هذا القطر أو ذاك .. غير أن التصميم الشعبي العربي المضحي بالنفس والنفيس يفشل تلك الدعوات المغرضة المنافقة كل مرة .. فيتظاهر الحلف الأسود مرة أخرى بالانحياز للشعب ظاهريا وهو في الحقيقة يقف مع النظام سرا ويقدم له كل المساندة ليمعن في القتل والقمع والتنكيل والاغتصاب .. وها هي الشعوب الأربعة تتمكن نهائيا من الفضح التام للأدوار المشبوهة وتجعل أصحابها بين خيارين اثنين لا ثالث لهما .. إما الشعوب والثورة والديمقراطية أو الاستبداد والفساد والعمالة .. وها هو الحلف الأطلسي الاستعماري الذي كان يماطل في مواجهة كتائب الموت في ليبيا قد صار يكثف غاراته على طرابلس عندما صار سقوطها بين أيدي الثوار لا ريب فيه .. وبذلك ينهار الكمين الذي نصبه التحالف الآثم والذي تلقى ضربات لا تقل أهمية في كل من اليمن وسوريا .. ولم يعد بإمكانه أن يمارس التلاعب والتخفي وراء أي شيء .. لقد أظهرت تضحيات الشعوب الجسيمة كل الحقائق ناصعة .. وأفشلت الكمين المنصوب لثورتها فشلا ذريعا .. وصار سقوط حلفائها المستبدين الفاسدين لا جدال فيه .. وبالتالي فإن الثورة العربية ستنطلق الآن سريعا لتشمل كل بلدان العرب من الماء إلى الماء .. وعلى ذلك الحلف اللعين أن يستنتج النتائج الضرورية من ذلك الانتشار السريع المتوقع للثورة .. ويفهم إن كان مؤهلا للفهم أن كمينه قد فشل لكونه مسعى مضادا للتاريخ بينما نجحت حركة الشعوب في تجاوزه لأن مسعاها تاريخي .. ولم يحصل في أي يوم من الأيام أن انتصر اللاتاريخ على التاريخ. | |
|