jalili عضو ذهبي
عدد المساهمات : 631 تاريخ التسجيل : 14/07/2010
| موضوع: مستقبل تدريس اللغة العربية وآدابها في جامعة هلسنكي في خطر حقيقي .. أ. د. حسيب شحادة الأربعاء سبتمبر 14, 2011 2:16 pm | |
| مستقبل تدريس اللغة العربية وآدابها في جامعة هلسنكي في خطر حقيقي
(للذكرى والتاريخ!)
أ. د. حسيب شحادة
جامعة هلسنكي Haseeb.Shehadeh@Helsinki.Fi لا ريبَ في أن يوم الثلاثاء الموافق للثامن من شباط عام ٢٠٠٥ سيكون يوماً أسودَ محزناً في تاريخ تدريس اللغة العربية في فنلندا، والعلاقات العربية الفنلندية، إذ فيه صادق مجلس كلية الآداب في جامعة هلسنكي بأكثرية ساحقة (٢١ صوتآ مقابل ٣ أصوات وامتناع ثلاثة عن التصويت) على اقتراح "محاضر جامعي في الدراسات الإسلامية واللغة العربية" بدلا من "محاضر جامعي في اللغة العربية وثقافتها". بإيجاز شديد، معنى هذا الإقرار تقليص كبيرٌ جدّاً في تدريس اللغة العربية، وإيلاء المكانة الأولى لما سمّي بـ"الدراسات الإسلامية". من المعروف أن مَهمّة "المحاضر الجامعي" في أي مَساق لغوي، هي تدريس اللغة لا سيّما المكتوبة في المهارات اللغوية الثلاث، القراءة والتكلّم والكتابة، في نطاق الساعات الثماني الأسبوعية المنوطة به. من البَدهيّ أن مثل هذا العدد الضئيل من الساعات الأسبوعية، لا يمكّن أمهرَ المدرِّسين وأنجب الطلبة من تحقيق قدر كاف ونافع من رسالتهم خلال السنين الخمس أو الست أو السبع بُغية الحصول على شهادة الماجستير، أخذين بعين الاعتبار أن الطلاب يبدأون من نقطة الصفر وهم غير متفرّغين لدراسة اللغة العربية فقط. فما بالك بعد هذه المصادقة المستهجنة حقّاً على تقليص خمسين بالمائة من هذه الساعات الأسبوعية وتكريس الباقي لما يُدعى بـ "الدراسات الإسلامية". هل من المستطاع إجراء أي بحث أصيل رصين في الشؤون الإسلامية عامّة والعربية الإسلامية خاصّة، دون التمتّع بملكة راسخة في جميع أنماط اللغة العربية، المكتوبة والمنطوقة؟ اللغة العربية هي المظلّة الواسعة التي تنضوي تحت كنفها جميعُ الدراسات العربية اللغوية والأدبية والثقافية والاجتماعية والسياسية والفلسفية والدينية، إسلاميا ومسيحيا ويهوديا. ماذا سيكون مصير ذلك التراث الضخم في شتّى مجالات العلم والمعرفة، الذي سطّره غير العرب، اليهود والمسيحيون والقرّاؤون والسامريون والمندائيون منذ القرن الثامن للميلاد وإلى يوم الناس هذا باللغة العربية؟ يكفي أن ننوّه في هذا السياق باسمي جهبذين في مضامير معرفية جمّة، أبو سعيد الفيومي (ت. ٩٤٢م.) وموسى بن ميمون (١٢٠٤م.). يعود تاريخ دراسة اللغة العربية في أوروبا إلى القرون الوسطى، وكان ذلك لأغراض لاهوتية تبشيرية، ثم من أجل دراسة العلوم الطبية التي برع فيها أطباء العرب مثل ابن سينا (Avicenne)، ثم من أجل الوصول لفهم نصوص العهد القديم بصورة أشمل وأفضل. ويقال إنّ يوحنا أسقف إشبيلية قد ترجم التوراة إلى العربية عام ٧٢٤م وكان بطرس الموقّر (Peter the Venerable) قد ترجم القرآن إلى اللاتينية بعد ذلك في الأندلس أيضا ثم روبرت تشيستر (Robert Chester/ of Ketton) الانچليزي عام ١١٤٣. وفي مدينة أخرى، طليطلة، في "فردوس العرب المفقود" أيضا، أُسّس في مستهلّ القرن الثاني عشر مركز للترجمة من اللغة العربية إلى الإسبانية فاللاتينية فلغات أوروبية إضافية. وقد أبلى المستعربون (الموزاراب، Mozarabs) من المسيحيين واليهود بلاء حسنا في المركز المذكور الذي ترأسه أسقف المدينة Raymond de Sauvetat وقد دعمه الخلفاء وأحسنوا رعايته. وفي جزيرة صقلية التي حكمها العرب خلال الحقبة ٩٠٢-١٠٩١م. كان مركز للدراسات العربية، ويذكر الرحالة العربي، ابن جُبير، (١١٤٥-١٢١٧) أن وليم الثاني، الملك النورماندي (١١٦٦-١٢٨٩م.) كان يقرأ العربية ويكتبها. وفي تلك الفترة دخلت كلمات عربية إلى اللغات الأوروبية، مثل: ديوان، تفريق، تعرفة، فلك (duana, divan; traffic; tariff; fellucco). ويذكر أن الكنيسة قد وافقت عام ١٣١٢م. في ڤينا على تعليم اللغة العربية في كل من الجامعات، الڤاتيكان وپاريس وأكسفورد وبولونيا، إلا أن الأمر لم يتحقّق في أكسفورد إلا بعد قرنين ونصف من الزمان. كان ذلك بواسطة أستاذ اللغة العربية، وليم بدويل (William Bedwell, ١٥٦١-١٦١٢) ذي لقب "أبو العربية في بريطانيا". وفي القرون اللاحقة، السابع عشر-الحادي والعشرين، تنامى اهتمام المستشرقين الغربيين بالعربية لأسباب إضافية، اقتصادية وعسكرية ودينية وسياسية وعلمية. أما في فنلندا فيمكن القول إن تدريس العربية يرجع إلى بداية القرن الثامن عشر وتحديدا إلى العام ١٧٠٩-١٧١٠، حيث درّس الأستاذ أبراهام ألانوس (Abraham Alanus) قواعد العربية للمرّة الأولى في جامعة توركو، التي كانت قد فتحت أبوابها عام ١٦٤٠. ومنذ ذلك التاريخ التأسيسي للجامعة كان هناك ما سمّي بـ"الدراسات الشرقية (linguarum orientalium) التي شملت عبرية العهد القديم (Biblical Hebrew) واللغة الآرامية. وفي العام ١٩٧٤ أُقيم معهد الدراسات الآسيوية والإفريقية الذي يضمّ تسعة أقسام، وكانت العربية تدرّس ضمن مجموعة اللغات السامية على عهد الأستاذ الفذّ يوسي أرو (١٩٢٨-١٩٨٣ ,Jussi Aro) حتى العام ١٩٨٠ إذ فيه أُسّس كرسي اللغة العربية، واستمر تحت هذا المسمّى إلى العام ١٩٩٨، إذ آنه استبدل بـالاسم "اللغة العربية والدراسات الإسلامية". ومما يجدُر ذكره أن وظيفة "محاضر في اللغة العربية" قد استحدثت في جامعة هلسنكي في العام ١٩٧١ أما وظيفة "مساعد" فقد أضيفت في العام ١٩٩٠ وتتركز في الشؤون الإدارية. ويُشار إلى أن العبء الأساسي، كماً وكيفا، في تدريس اللغة ملقىً على كاهل المحاضر، إذ أن الأستاذ، مدير القسم، ولا أستاذ غيره، يقوم بتدريس أربع حصص أسبوعية أي ثلاث ساعات هي بمثابة محاضرات عامة حول بعض المواضيع الثقافية أو الدينية أو قراءة نصوص معينة وترجمتها إلى الفنلندية، وفي هذا التدريس لا تُسمع اللغة العربية ولا تُكتب في الغالب الأعم،ّ بل تُترجم ويُحكى عنها. بعبارة مقتضبة، يتعامل الأستاذ مع اللغة العربية وكأنها لغة ميتة محنّطة كالفرعونية والأكّادية والأوغريتية ولا نقول كاللاتينية إذ أنها تُسمع في صلوات الكنائس الكاثوليكية أحيانا كثيرة. ولا بدّ من الإشارة في ختام هذه الفذلكة الاستهلالية إلى تلك اللجنة التي شكلتها وزارة التعليم الفنلندية في حزيران العام ١٩٨٤ بغية تقييم الدراسة والتطوير في لغات آسيا وإفريقيا وثقافاتهما. وفي أواخر العام ١٩٨٦ دوّن تقرير مذكّرات ضخم، يضمّ خمسمائة صفحة ونيّف يقضي، ضمن ما جاء فيه، إلى أن جامعة هلسنكي تتولّى تدريس هذه المساقات الجمّة لأكثرَ من نصف العالم مساحة وسكانا ولا حاجة لإقامة دوائر جامعية مشابهة في جامعات فنلندية أخرى. كما وورد في التقرير ذاته أنه لا بدَّ من العمل بجدية من أجل تطوير تدريس هذه المساقات اللغوية وبشكل خاص بالنسبة لمهارات التكلم بهذه اللغات الحيّة. وفي خريف العام ٢٠٠٥ سيزور فريق من الأساتذة المختصين وذلك لتقييم المستوى البحثي ومستوى تدريس اللغات في معهد الدراسات الآسيوية والإفريقية في جامعة هلسنكي، ويُرجى أن يحظى الجانب العملي والنظري لمعرفة اللغات الحية بنصيبه الذي يستحقه. وعلى الصعيد المحلي في منطقة العاصمة الفنلندية، لا بدّ من التنويه بـ"إذاعة ابن فضلان" العربية التي تبث منذ أكثر من تسع سنوات ساعتين أسبوعيا يومي الأحد والأربعاء من الثانيةَ عشرةَ وإلى الواحدة ظُـهراً وذلك على الموجة ٣، ١٠٠ ميغاهيرتس، وحبّذا لو تضافرت جهود المثقفين في الجالية العربية من أجل تطوير هذا الصوت اليتيم وتوسيعه. ويشار إلى أن اللغة العربية كانت قد أصبحت لغة رسمية في كل من مجلس الأمن وفي الجمعية العامّة للأمم المتحدة وذلك في العام ١٩٨٢. والآن إليكم حكاية بداية الخطوات لوأد اللغة العربية في بلاد الشمال، في جامعة ابنة البلطيق. عند سماع خبر الاقتراح القاضي في آخر المطاف إلى إنهاء تدريس اللغة العربية في جامعة هلسنكي، انبرى بعض الإخوة المثقفين العرب والفنلنديين إلى تأسيس "لَجنة المحافظة على اللغة العربية"، وكان ذلك في ٢٢ كانون الأول عام ٢٠٠٤. وتمثّل هذه الفئة المثقفة والغيورة على اللغة العربية وثقافتها شريحة من المجتمع الفنلندي، وتتابع باهتمام وقلق بالغين النقاشَ الدائر في جامعة ابنة البلطيق، بشأن مستقبل تدريس اللغة العربية وآدابها فيها. وقد ارتأى أعضاء هذه اللجنة الفريدة في نوعها، هنا في بلاد الشمال، أن يجمعوا التواقيع على عريضة كتبت بالفنلندية والإنجليزية والعربية تنادي بعدم مسّ تدريس العربية بأي سوء. كما توجّه أعضاء اللجنة إلى ممثلي الدول العربية الخمسة (جمهورية مصر العربية، العراق، المغرب، تونس والمفوضية الفلسطينية) طلبا للمساعدة. ومما جاء في رسالتهم "من واجبنا وحقّنا قوميا وثقافيا وأكاديميا إحاطتُكم جميعاً عِلما بصدد هذا الموضوع البالغ الأهمية، آملين أن تتضامنوا معنا وتقوموا بدوركم بغيةَ استجلاء حقيقة الأمر والعمل قَدْرَ المستطاع متكاتفين متضافرين، كلٌّ من موقعه من أجل المحافظة على مكانة تدريس اللغة العربية في جامعة هلسنكي، أُِسْوةً بباقي اللغات الحيّة الأخرى. وقد التقى ممثلون أربعة عن هذه اللجنة، عربيان وفنلنديان، بالأستاذة آيلي نينولا (Aili Nenola)، عميدة كلية الآداب في الجامعة في ٢٠٠٥/١/١١ وشرحوا لها موقفهم وقدّموا لها عريضةً بهذه الفحوى، وقّع عليها زُهاءَ ١٤٠ شخصا ومن ضمنِهم أكاديميون كثيرون. إن محاولةَ تبديل منصب "مُحاضر في اللغة العربية" إلى "محاضر في الدراسات الإسلامية" ما هي إلا خطوة ضارّة، مستهجنة وغير حكيمة، وتحمل في طياتها أبعادا ليست في صالح الأبحاث العربية اللغوية والأدبية والثقافية والدينية ولا العلاقات العربية الفنلندية. إنه حقّ يراد به باطل. من نافل القول أن أيَّ بحث بشأن الإسلام وثقافة العرب وآدابهم وتاريخهم ماضيا وحاضرا ومستقبلاً يفتقرُ إلى ملكة راسخة في كافة أنماط اللغة العربية المكتوبة والمنطوقة سيكون منقوصا وغيرَ أصيل. ومن الجليّ أن مَهمَّةَ تدريس مثل هذه الملكات اللغوية في جامعات العالم بأسره منوطةٌ، كما هو معروف، بأساتذة ذوي كفاءة وخبرة علمية عالية عمليا ونظريا يجب أن تعانق مستوى ابن اللغة القحّ.
من المعروف أن وظيفة المحاضر الجامعي في شتّى الجامعات في العالم، وفنلندا ضمن هذا الإطار الأكاديمي، تعتمد، في الدرجة الأولى، على تدريس اللغات الحيّة نظريا وعمليا. إن قراءة المصادر العربية، الشعر الجاهلي، القرآن الكريم، الحديث النبوي الشريف والأدب العربي منذ المتنبي مثلاً مرورا بجبران خليل جبران ونجيب محفوظ وغادة السمان وحتى محمود درويش باللغة الأصلية، لغةِ الضاد، شيءٌ وقراءة بعض ذلك عبر الترجمة أمر آخرُ، وشتّان ما بينهما. من المعروف أنّ فنلندا ذات تاريخ رائع من حيث نزاهتُها الاستشراقية وتدريس العربية ومعرفتها الحقّة واحترامها إذ أنها لم تمارس استعمار الغير، ويتجسّد كل ذلك الإرث العلمي الفذّ في نتاج الأساتذة المرموقين أمثال أبراهام ألانوس، أول أستاذ للعربية عام ١٧٠٩-١٧١٠ في مدينة توركو في غرب فنلندا، وجورج أوچست ڤلين (عبد الوالي) وأرماس سالونن وآپلي ساريسالو ويوسّي أرو وإركي سالونن وهيكي پالڤا (Abraham Alanus, George August Wallin, Armas Salonen, Aapeli Saarisalo, Jussi Aro, Erkki Salonen, Heikki Palva)). ينبغي الحفاظُ على هذا الكنز وهذه السمعة الطيبة والسير في الاتجاه ذاته نحو التقدم والتطور لا التقهقر والتشرذم والتقوقع داخل أربعة جدران. من المؤكَّد أن معرفة اللغة العربية وثقافةَ العرب في عصر العولمة هذا مطْلب حيويّ بغية تعزيز أواصر العلاقات بين فنلندا والعالم العربي في كافّة المضامير. وعليه لا مندوحةَ من تطوير تدريس اللغة العربية وتعميقِه في كافة المستويات اللغوية المكتوبة والمنطوقة القديمة والحديثة، النثرية والشعرية، لا التقليص أو الإلغاء تحت مسمّى هذا أو ذاك. يُشار إلى أن أيَّ عامل أجنبي يلتمس عملا ما في فنلندا يحتاج أولا إلى أن يكون ذا معرفة كافية باللغة الفنلندية ليتعامل ويتفاهمَ مع المجتمع الذي يعيش بين ظهرانيه، وهذا من حقّ الدولة المضيفة في إعلاء شأن لغتها، وحبّذا لو انتهجتِ الدول العربيةُ النهج ذاتَه. وللمرء المفكّر والمنصف أن يتساءل، ألا ينبغي على أستاذ الجامعة، الذي يدرّس لغة حيّة وهامّة كالروسية والإسبانية، على سبيل المثال، أن يكون مالكا لناصية اللغة التي يدرّسها، سماعاً وحديثا، قراءة وكتابة ولا نودّ القول وتفكيراً.
إنّ الترجمة من لغة حيّة أو ميّتة إلى اللغة الأم لدى المترجم عمليةٌ لا تتطلّب بالضرورة التمكنَ من اللغة المترجم منها حديثا وكتابة، ولكن على أستاذ لغة حيّة أن يُجيد مادة تدريسِه نظريا وتطبيقيا. وكل من يعمل في مجال الترجمة يعلم يقينا أن معرفة نظرية أساسية فقط بلغة الأصل (origin language) كافيةٌ للمترجم بغيةَ نقل نصوص منها مكتوبةٍ إلى لغة الأم لديه، مركز الثقل في هذه العملية الثقافية أو العلم أو الفن هي اللغة المترجم إليها، لغة الهدف (target language). أما الترجمة الفورية (spontaneous) فتحتاج إلى معرفة عملية ودربة للغة المترجَم منها، إذ في هذه الحالة لا مجالَ للتلكؤ وفحص المعاجم والمصادر واستشارة الآخرين. ومن أجل ذلك، على ما يبدو، قال أبو المترجمين اليهود في القرون الوسطى، يهودا ابن تبون (١١٢٠-١١٩١) الذي نقل العديدَ من المؤلفات اليهودية التي كُتبت باللغة العربية المسماة في الأبحاث العلمية المعاصرة بالاسم غير الموفّق "العربية اليهودية (Judaeo-Arabic) إلى اللغة العبرية، إن الترجمة الناجحةَ بحاجة إلى ثلاثة شروط. معرفة ناصية اللغة المترجم منها، معرفة ناصية اللغة المترجم إليها ومعرفة مضمون المادة المترجمة. ومما يجدُر ذكرُه أن عدد الناطقين بالعربية في بداية العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين يبلغ قرابة الأربعمائة مليون انسان في العالم العربي، من ضمنهم نحو خمسة عشر مليونا من المسيحيين الذين يستخدمون العربية في لوترجياتهم أيضا، وهناك ما يُدعى باليهود العرب الناطقين بالعربية، والعربية هي اللغة المقدّسة بالنسبة لبليون مسلم ونيّف في العالم منهم أكثر من عشرة ملايين في دول الاتحاد الأوروبي وعددهم هنا في فنلندا أكثر من عشرين ألفا.
إن اقتراح "محاضر في الأبحاث الإسلامية" معناه بكل بساطة إلغاءُ تدريس اللغة العربية، وقد تبنّاه أفرادٌ يعدّون على أصابع اليد الواحدة، وكلهم ليسوا ذوي صلة حيّة ومباشرة لا باللغة العربية ولا بآدابها ولا بالعرب وبعاداتهم وتقاليدهم وتاريخهم، لا العربية الفصيحة ولا بين بين ولا أية واحدة من المحكيات. ومن الغريب حقّاً أن هؤلاء الأفراد الذين يشكّلون في الوقت الراهن عِماد "المجلس الإداري" في معهد الدراسات الآسيوية والإفريقية، لم يروا أن هناك داعيا أو حاجة لاستشارة آخرين من الزملاء في المعهد نفسه أو من خارجه، قبل تبنّي الاقتراح المذكور. يبدو أن الاعتداد المفرط بالنفس في بعض الأحيان يفوق القدر المقبول والمهضوم. ليس هذا فحسب، بل والأنكى من ذلك أن مدير هذا المجلس رفض التماسَ أستاذ زميلٍ له في المعهد، يقضي بعقد اجتماع بين أساتذة المعهد وعددهم سبعة لتدارس الأمر والوصول إلى قرار جماعي مقبول ونزيه، يقدّم إلى مجلس كلية الأداب في الجامعة. وهذا الاقتراح المتعمّد وغير النزيه صادر بطبيعة الحال عن شخص واحد، أستاذ اللغة العربية والدراسات الإسلامية. ويشار إلى أن أنظمة الجامعة الداخلية تخوّل أستاذ مادة تدريسية معيّنة القيام بتعديلات معينة طفيفة في مجاله ولكن، كما يبدو، ليس لمثل هذا الحدّ البعيد، كما أن تلك الأنظمة لا تطالب أو تشترط على المرشحين للحصول على أستاذية في اللغات الحية كالعربية والعبرية أن يكونوا متمكنين مما سيعلّمون نظريا وعمليا. ولذلك لا غرابة في وجود الكثيرين من أمثال هؤلاء الأساتذة البعيدين كل البعد عن التكلم أو الكتابة وحتى القراءة السليمة بهذه اللغات التي يعلّمونها، أو بالأحرى، يعلّمون عنها بلغاتهم هم وعن طريق الترجمة فقط والمصادر الأجنبية في المقام الأوّل.
هذا الاقتراح المستهجن والمفاجىء بالنسبة للكثيرين لن يكون مستقبلاً في صالح جامعة هلسنكي ولا طلابها ولا الأبحاث العلمية، لا العربية ولا السامية ولا الإسلامية على حدّ سواء. أليس مكان الإسلام والأبحاث الدينية في قسم الأديان، وكما هو معروف، هناك كلية كبيرة اسمها "كلية اللاهوت"، وإذا كان المقصود الإسلام السياسي فمكانه المناسب في قسم العلوم السياسية، أمّا كل ما يمتّ إلى اللغة العربية بصلة وطيدة ومبنيّ أصلاً بمعظمه على مراجعَ ومصادرَ بالعربية فمكانه الطبيعي في قسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية. لا يخفى على أحد أن كل من يرغب في الاطّلاع على بعض النواحي في الديانة الإسلامية، مثل القرآن والحديث والعبادات والتقاليد، فما عليه إلا أن يبحث عن ذلك في شبكة المعلومات مثلا أو في المكتبات، ففيهما مادة وافرة بكل اللغات العالمية المعروفة على الأقل. وفي المقابل من البدهي القول إن التوجّه إلى نفس المصادر بالنسبة لمن يودّ جديا تعلم اللغة العربية لن يأتي بالثمار المرجوّة. في هذه الحالة لا بدّ من الانخراط في عملية تعليمية متواصلة في إطار منهجي مدروس وبإشراف مدرّس قدير ذي تجربة غنية ومعرفة اللغة علما وعملا. من الواضح اليوم أن لا وجود لأشخاص أفذاذ مثل المرحوم الأستاذ الفنلندي، يوسي أرو، المتواضع بشموخه كالسنبلة المليئة المنحنية، والذي تعلم العربية الأدبية والمحكية بنفسه أولا وبمساعدة بعض النازحين العرب إلى بلاد الشمال هذه ثانيا.
إن السؤال الملحاح المطروح هو: ما الهدف الحقيقي يا تُرى من وراء نيّة وأد هذه اللغة العالمية هنا في جامعة هلسنكي في هذا الوقت بالذات؟ ألا يحِقّ لهذه اللغة العريقة أن تحظى بنفس المكانة التدريسية التي تحتلّها سائر اللغات الحيّة في معهد الدراسات الآسيوية والإفريقية، مثل السواحيلية والعبرية واليابانية والصينية والهندية؟ ويذكر أن منصب "محاضر في اللغة العربية" أصبح شاغرا منذ نهاية العام ٢٠٠١، ولم يملأ حتى الأول من آب ٢٠٠٦، بصورة رسمية مبنية على "التنافس الديمقراطي"! يبدو أن مجلس كلية الآداب في جامعة هلسنكي ذا الـ-٢٧ عضوا، الذي كان قد ناقش الاقتراح الذي يتمخّض عنه في آخر المطاف إلغاءٌ شبه كامل لتدريس العربية، والمقدّم من قبل هيئة الإدارة في معهد الدراسات الآسيوية والإفريقية في ٢٠٠٤/١٢/١٤ دون البتّ فيه عاد في الثامن من شهر شُباط واتخذ قرارا في هذا الشأن، إنه للأسف الشديد قد صادق على الاقتراح القاضي بتهميش اللغة العربية والتركيز على ما يسمّى بالدراسات الإسلامية ضاربا بذلك جميع الالتماسات التي قُدّمت للجامعة عرض الحائط. كان الاقتراح في البداية في ربيع العام ٢٠٠٤ "محاضر في اللغة العربية والدراسات الإسلامية" ولم يعثر على شخص ملائم في هذين المساقين، ثمّ بدّلت الوظيفة إلى "محاضر في الدراسات الإسلامية" إلا أن مجلس كلية الآداب في جامعة هلسنكي لم يصادق عليها فجاء أخيرا هذا الاقتراح الثعلبي "محاضر في الدراسات الإسلامية والعربية" وصودق عليه كما ذكر في بداية هذه المقالة. وحول ماهية هذه الوظيفة في قسم "اللغة العربية والدراسات الإسلامية" ينظر لاحقا، وللمرء المنصف أن يتساءل لماذا لا يبدّل إذن اسم المساق برمته ليصبح "الدراسات الإسلامية وعربية" وهذا يعني في حقيقة الأمر "فتات من العربية"، عربية المبتدئين وقدر منزور من مستوى أعرجَ لاحق يسمى في الغرب "وسطي، إنترميديت" لا يغني ولا يسمن من جوع، كما سيكشف قادم الأيام. رحم الله حافظ إبراهيم الذي قال في عام ١٩٠٣
أرَى لـــِرِجال الغــرْبِ عـزّاً ومَنْعـةً وكـــم عزُّ أقـــْـوام بعــزّ لُغــــــــات أيُطْرِبكُم من جانِب الغَرْب ناعـبٌ يُنــادي بـوأْدي في ربيعِ حيـاتــي
لقد تطرقت الصحيفة الأسبوعية المسيحية الفنلندية Kotimaa في عددها الصادر في ٢٠٠٥/١/١٤ ص. ١٠ إلى موضوع العريضة آنفة الذكر والتي تحظى بتأييد الكثير من الأكاديميين ورجال الدين، مسلمين ومسيحيين، القائلين بوجوب التركيز على اللغة فهي الينبوع، إذ أن معهد الدراسات الآسيوية والإفريقية يُعنى في الأساس باللغات والثقافات، كما يدل على ذلك اسمه بالفنلندية (Aasian ja Afrikan kielten ja kulttuurien laitos)، وليس بالأديان والمعتقدات. ومن اللافت للانتباه والاستهجان حقّاً رأي أستاذ اللغة العربية والدراسات الإسلامية القائل بأن لا أساس لقلق الموقّعين على العريضة، إذ لا نية في التغييرلا كمّا ولا كيفا، ويضيف أن الوظائف الدائمة الثلاث في قسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية تتطرق إلى الشقين. يا سلام ! من يدرّس الإسلاميات وما هي؟ وهل قراءة نصوص إسلامية وترجمتها إلى الفنلندية تصبّان في خانة الإسلاميات أو الدراسات الإسلامية؟ ولماذا إذن يقدّم رسميا الاقتراح "محاضر في الدراسات الإسلامية" إلى كلية الآداب وليس، كما هو الوضع المألوف في بقية الدوائر في المعهد للدراسات الآسيوية والإفريقية، "محاضر في اللغة العربية وآدابها"؟ ولم لا تسمى الأشياء بأسمائها الصحيحة في عصرنا المتقدم والدقيق هذا؟ جواب الأستاذ ذاته: أهمية الدراسات الإسلامية في العالم في الوقت الراهن. مثل هذا الجواب غير المبرَّر لا ينطلي على أحد، هل إذا أُطلق اسم موضوع رائج حاليا في الإعلام معناه النجاح فيه بدون معرفة مقوّمات البحث فيه ألا وهي اللغة العربية أولا وأخيراً! ومن ينجرّ وراء مثل هذا التنظير الواهي والانتهازي بوسعه القول: "لا بدّ من تدريس مادة "الإرهاب" لأنها أكثر المواضيع رواجا ومناقشة في العالم اليوم في كافة وسائل الاتصال!
ولا بدّ من طرح سؤال وجيه، هل فاقد الشيء، معرفة عملية باللغة، أية لغة حيّة، يجرؤ على اتخاذ خطوات ترمي إلى تطوير تدريسها حديثا وكتابة؟ قد يكون الجواب إيجابيا لو تحلّى ذلك المرء بنسبة عالية من الثقة بالنفس ومعرفة ميزاته الإيجابية والأقل إيجابية عنده وعند غيره للتعاون وتكميل الواحد للآخر خدمة للغة العربية وثقافتها. ومن جهة أخرى قد لا تتحقق مثل هذه الثقة بالمقدرة الحقيقية الفعلية باللغة دون الاعتراف بواقع الأمر والشروع الجادّ في تعلم اللغة الأدبية الحديثة حديثا وكتابة. كيف تسمح جامعة مرموقة لنفسها أن يبقى أستاذ العربية والأبحاث الإسلامية عاجزا عن التكلم والكتابة بهذه اللغة مدّة عقدين من الزمن تقريبا. ماذا سيقول الفنلندي لو وجد، على سبيل المثال، بروفيسورا عربيا في اللغة الفنلندية وآدابها وهو عاجز عن التكلم والكتابة بهذه اللغة؟
وفي مقال تحت عنوان "لا بدّ من تدريس العربية الحية في الجامعة" نشرته الصحيفة الأسبوعية الفنلندية آنفة الذكر في ٢٠٠٥/١/٢٨ ص. ٣١، تطرق السيّد كارلو إرتياهو (Kaarlo Yrtiaho) إلى الموضوع موضحا بالأمثلة الجلية أهمية الاستمرار في تدريس اللغة العربية في فنلندا بل العمل من أجل تطويرها وتوسيعها، كما يقول أكاديميون كثيرون مثل أساتذة اللغات السامية والإفريقية والأديان. يقول الكاتب، الذي يجيد العربية، إن معرفة اللغة الحية ولهجاتِها ضرورية من أجل الحوار مع الآخر ومعرفة الثقافة العربية والمعتقدات. هذه المعرفة ضرورية دبلوماسيا واقتصاديا وإعلاميا فاللغة هي الأم وإذا نُحّيت جانبا تيّتمت الدراسات والأبحاث اللغوية والثقافية التي تتنفّس وتنمو من رئتي اللغة بأنماطها المتنوعة المكتوبة والمحكية.
كما وقام رؤساء البعثات الدبلوماسية العربية الخمس مشكورين، بالتوقيع على رسالة بهذا الخصوص، أُرسلت إلى المستشار، الأستاذ كاري رايڤيو (Kari Raivio) في ٢٦ كانون الثاني ٢٠٠٥. وفيها يعرب ممثلو هذه الدول العربية عن قلقهم إثر سماعهم عن الاقتراح المذكور وقد شدّدوا، دون محاولة التدخل بشؤون الجامعة الداخلية، على أهمية اللغة العربية وثقافتها وعدم تعريضهما للخطر. كما ذكروا أن جعل تدريس اللغة العربية قسما من الدراسات الإسلامية لا يخدم تحقيق قدر كاف من الانفتاح الثقافي وعلى المرء أن يتذكر أن هناك حوالي خمس عشرة مليونا من المسيحيين في العالم الناطقين بالعربية كلغة أم ويستخدمونها في طقوسهم الدينية. وفي النهاية يرجو الموقّعون من المستشار أن يتكرّم ويزن الأمور بجدية قبل اتخاذ القرار للحؤول دون نجوم آثار أو تداعيات سلبية بالنسبة للطرفين.
وفي الوقت ذاته تناهى إلى مسامع أو بصر الأديبة اللبنانية المعروفة، إملي نصر الله (١٩٣١-)، خبرُ محاولة القضاء على تدريس اللغة العربية في فنلندا. وعلى الفور خطّت هذه الأديبة رسالة إلكترونية وأرسلتها لكل من الأساتذة، مستشار الجامعة آنف الذكر، ورئيس الجامعة إلكّا نينيلوتو (Ilkka Niiniluoto) ونائبته الأولى، هنّلي نيمي (Hannele Niemi) وعميدة كلية الآداب، آيلي نينولا (Aili Nenola) ونائبتها مِريا ساري (Mirja Saari). وتقول ابنة بلاد الأرز في رسالتها الإلكترونية "يسرني ويشرفني أن أتقدم إليكم بهذه المناشدة ليس جرّاء قلقي فحسب بل لكوني مؤلفة كتاب قد صدر بترجمته الفنلندية مؤخرا تحت عنوان "Muistot". إنها تشير بهذا لروايتها، "تلك الذكريات"، التي صدرت عن مؤسسة نوفل ببيروت عام ١٩٨٠ وفي طبعتها الثانية عام ١٩٨٦. وتضيف الأديبة أنها قد استنفرت عند سماعها عن الاقتراح المذكور قائلة "إننا العلماء الثقات باللغة العربية والأدب العربي، مسيحيون ومسلمون على حد سواء، نرى في هذه الخطوة، استبدال كرسي "محاضر في اللغة العربية والثقافة العربية" بـ "محاضر في الدراسات الإسلامية" أمرا غير مناسب لجامعتكم المرموقة. إني لا أتحدث بصفتي مسيحية، إنّي أؤكد لكم وأطمئنكم أن المسلمين يعرفون أن إحياء الثقافة العربية (الحديثة) قد تمّ بفضل علماء وكتّاب مسيحيين بالأساس وبواسطة جامعات أجنبية. أضف إلى ذلك أن الدراسات الإسلامية لا يمكن أن تفهم كما يجب بدون معرفة حقيقية باللغة العربية وثقافتها. من فضلكم لا يغرنّكم الامر فترتكبون خطأ فادحا. إن العربية هي المظلة العامة وإننا نناشدكم بعدم قَبول الاقتراح بل تقوية مكانة وكرسي اللغة العربية وثقافتها".
نكرر ونقول بكل جدية ومسؤولية وبعيدا عن المراوغة والتلاعب بالألفاظ: هل من بحث جاد في أية مجالات ثقافية أو دينية لشعب ما دون التمتع بملكة راسخة في لغة ذلك الشعب. وهذه الملكة _ سماع وفهم، قراءة، تكلّم بل وتفكير بالعربية الأدبية المعاصرة وبلغة بين بين وبواحدة على الأقلّ من اللهجات المحكية والكتابة السليمة _ يجب أن تتوفّر لدى جميع أعضاء الهيئة التدريسية ولا سيما المحاضر كما هي الحال في كل الجامعات في العالم. ومن هذا المنطلق المنطقي العصري المعولم نرى وجوب إدخال بند صريح في السياسة الجامعية يقضي بأن يكون أستاذ، أي بروفيسور، أية لغة حيّة مالكا لناصيتها نظريا وتطبيقيا ليكون مثالاً يُحتذى به بين زملائه وطلابه. مثل هذا البند جدّ ضروري إذ بدونه سيسعى كل شاب طموح إلى الجمع والترجمة والنسخ والإلصاق وتكديس الكيلوغرامات من المطبوعات دون القدرة على التكلم والتفاهم مع أبناء لغة من يكتب عنهم وعن حضارتهم ودينهم أو التوجّه إليهم كتابيا بلغتهم. الإسلام يمكوناته المختلفة شيء وأتباعه المسلمون على اختلافهم أيضا أمرٌ آخرُ وخير وسيلة لمعرفتهما هي اللغة العربية!
أيُعقل أو أيطيب لمثل هؤلاء الأساتذة أن يجدوا بين ظهرانيهم طلابا لهم يتكلمون ويكتبون اللغة التي يتعلمون، في حين أن معلميهم عاجزون عن ذلك؟ لا ريب أن في قرارة كل من هؤلاء الأساتذة يعشّش أسى دفين متجدد ولوعة متأججة كلما سمعوا لغة تخصّصهم فيهرعون للفرار عند قدوم ناطق بهذه اللغة. بمرور السنين تصبح رابطتهم بلغة تخصّصهم مقتصرة على العين أي النص والقاموس لا على الأذن أي الصوت وابن اللغة وشتان ما بينهما. ورُوي عن واحد منهم أنّه لم يحرّك ساكنا عند سماعه تحية زميل آخر له تواجد كلاهما في نفس الغرفة. طرح الزميل تحية "إلى اللقاء" عند خروجه من الغرفة دون سماع أي ردّ مثلها أو بأحسنَ منها.
وعلى الموقع الإلكتروني لجامعة هلسنكي نشر في أوائل آذار ٢٠٠٥ إعلان بالفنلندية وبترجمة إنجليزية يتعلق بالوظيفة الجديدة قيد البحث. وفيما يلي نقل لما جاء في هذا الإعلان وذلك للذكرى والتاريخ. " يعلن معهد الدراسات الآسيوية والإفريقية عن شغور وظيفة "محاضر جامعي في الدراسات الإسلامية وعربية" (يتراوح المرتّب ما بين ٢٥٣٢-٤٢٠٠ يورو شهريا). البحث عن مرشح ملائم مفتوح أمام الجميع وسيتم التعيين لمدة خمس سنوات ابتداء من الأول من آب ٢٠٠٥ وهناك نصف سنة بمثابة مدّة تجريبية. تشمل مهام المحاضر تعليم دراسات إسلامية والعربية، إرشاد في إعداد رسائل جامعية، القيام بأبحاث في إطار المساق، إلا أن التشديد منصبّ على التدريس. متطلبات الوظيفة شهادة دكتوراة في المجال المقدّم إليه ومهارات تعليمية جيّدة. من الممكن اعتبار حامل شهادة الماجستير كفؤا للوظيفة إذا كان متمرسا جيدا بمهام الوظيفة. على المرشح الناجح للوظيفة أن يتمتّع بمؤهلات أكاديمية في الدراسات الإسلامية (مؤهل أساسي) وبالنسبة للغة العربية مستوى متوسط على الأقل (يعادل حوالي ٦٠ إلى ٨٠ وحدة دراسية) في الدراسة النظرية. سيتم تقييم الكفاءات الأكاديمية بناء على الأبحاث المنشورة ونشاطات أكاديمية أخرى قام بها المرشح في مجال الدراسات الإسلامية. وفي شأن تقييم القدرات التعليمية ستؤخذ النقاط الآتية بالحسبان: دربة المرشح البيدوغوجية، تجربة سابقة في التدريس، القدرة على إعداد موادّ دراسية أكاديمية، محاضرات اختبارية سابقة، أنواع أخرى من الجدارة في التدريس. تشديد خاص سيوضع على مهارات تعليمية عملية في نطاق محاضرة اختبارية سيجريها المعهد. وتتطلب الوظيفة أيضا مهاراتٍ في الفنلندية والقدرة على فهم السويدية، أما بخصوص المرشح الأجنبي أو المواطن غير الفنلندي فلا يحتاج إلى ذلك بل إلى معرفة الإنجليزية المنطوقة والمكتوبة. يتطلب من المرشح الناجح إما أن تكون العربية لغة الأم بالنسبة له أو أن يكون ذا مهارات ممتازة فيها. هذه البراعة والقدرة اللغوية ستُفحص من خلال الشهادات والمحاضرة الاختبارية ومقابلة شخصية. يجب أن تحتوي الطلبات على بيان السيرة العلمية بالإنجليزية وشهادات المعرفة اللغوية، قائمة بالمنشورات، تقرير مختصر حول مؤهلات تدريسية (تضم شهادات لمؤهلات تعليمية) ووثائق أخرى يراها مقدم الطلب ذات صلة بالموضوع. وللمزيد من المعلومات حول تقييم المهارات التدريسية الرجاء التوجه إلى موقع كلية الآداب على الشبكة (www.hum.helsinki.fi أضف إلى ذلك، على المتقدم بطلب أن يرسل عينة لأهم منشوراته شريطة ألا يتعدى عددها الخمسة وذلك لمكتب كلية الآداب، شارع فابيان ٣٣، الطابق الأول، ساعات الدوام التاسعة - الرابعة إلا ربعا، أو إلى العنوان البريدي لمكتب كلية الآداب وهو: ص. ب. ٣، شارع فابيان ٣٣، رمز بريدي ٠٠٠١٤، جامعة هلسنكي، فنلندا. يجب إرسال الطلب بملحقاته إلى العنوان التالي: أمين السجلّ، ص. ب. ٣٣ (شارع الجامعة ٤)، الرمز البريدي ٠٠٠١٤، جامعة هلسنكي، فنلندا. الموعد النهائي لتقديم الطلبات: يوم الأربعاء ٣٠ آذار ٢٠٠٥ الساعة الرابعة إلا ربعا بعد الظهر. للمزيد من المعلومات يرجى الاتصال بالأستاذ ياكو هامين-أنتلا، هاتف: ٢٢٠٩٢ ١٩١- ٩ -٣٥٨، بريد إلكتروني jaakko.hameen-anttila@helsinki.fi ، فاكس: ٢٢٠٩٤ ١٩١ ٩ ٣٥٨، معهد الدراسات الآسيوية والإفريقية، ص. ب. ٥٩ ( (Unioninkatu 38 B ٠٠٠١٤ جامعة هلسنكي، فنلندا". هذا الإعلان ليس بحاجة إلى تعليق إذ أن متناقضاته جلية ومخيط على مقاس معين لوأد لغة الضاد، كما أن مقارنته بإعلانات من هذا القبيل في شتى جامعات العالم الغربي تعريه وتفضحه، إذ من سيقرّر مثلا أن فلانا ضليع بالعربية وفي اللجنة المقيِّمة لا وجود لأي شخص يعرف العربية لا حديثا ولا كتابة كما يجب! التلم الأعوج من الثور الكبير!
مرّت الأسابيع بل والشهور، قرابة نصف عام، "لا مين سمع ولا مين دري، واللي شاف عاف"، وبعد الاستفسار من السيدة العميدة، آيلي نِنولا، اتّضح بعد هياض ومياض أن اللجنة المعينة والمعنية تبحث في الموضوع، وبعد استفسار آخر عن هوية أعضاء اللجنة الموقرة تبيّن أن الأستاذ همين - أنْتلا، رئيس قسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية ليس ضمن أعضاء اللجنة! اللجنة "مستقلة وحيادية وديموقراطية!!" ترأستها العميدة بنفسها واشترك فيها الأستاذ هيكي پالڤا المفروض أن يكون غيوراً على اللغة العربية إذ أنه كان أستاذ اللغة العربية وتخصّصه اللهجات العربية، شكليات واضحة وأحابيل ومماطلة لا تنطلي على الكثيرين لتفريغ السمّ الزعاف على مراحل. وفجأة طُلب من سيدة واحدة فقط، سيلڤيا أكَر (عكر) كانت قد تقدّمت لللمنصب المذكور لإلقاء محاضرة اختبارية حول البخاري، الرجل والمحدِّث والأسطورة. كل ذلك بدون تعليل هذا القرار ومقارنة جدارتها العلمية بالمرشَّحين الآخرين الذين تقدّموا لنفس المنصب، وقد تمّ قَبولها في ١١ تشرين الأول ٢٠٠٥ من قبل مجلس كلية الآداب، وستباشر عملها في بداية آب ٢٠٠٦. يُذكر أن هذه السيدة غير حائزة على شهادة دكتوراة، تجربتها التدريسية الأكاديمية محدودة جدا جدا ونتاجها العلمي في الإسلاميات واللغة العربية وآدابها لا يعلمه إلا الله حتى هذه الساعة. المهم في مثل هذه الحالات الرضا عن فلان والفزع والهلع من علان لاعتبارات شخصية جلية.
على ضَوْء ما تقدم نرجو من حضراتكم إيلاءَ الموضوع الاهتمامَ الذي يستحقّه، مثل الكتابة والاحتجاج والاتّصال بأصحاب الشأن والقرار في جامعة هلسنكي، مثل المستشار والرئيس والعميدة (first name.family name@helsinki.fi)، وبجهات رسمية فاعلة أخرى وإثارة الموضوع ونشره بين المعارف والأصدقاء وفي وسائل الإعلام المختلفة من أجل إبراز خطورة الأمر بغية إيجاد السبيل الأمثل للوصول إلى حلّ يؤمّن مصلحة الجميع ويحافظ على الأقلّ على إبقاء تدريس اللغة العربية في جامعة هلسكني إذ أنها الوحيدة في فنلندا التي تدرّس فيها هذه اللغة حتى الآن.
حتّى اللغة، لبّ الحضارة والهوية والعزّة القومية ومرآتها، ما تبقّى لبني يعْرب، يجري وأدُها هنا في ابنة البلطيق في مستهلّ القرن الحادي والعشرين لأنّ أستاذَها عاجزٌ عن التكلم والكتابة بأي نمط من أنماط العربية، لا المحكية ولا المكتوبة!! ووضع كهذا قد يستمرّ عقدين من الزمان ونيف! ويقول العرب: عيش كتير بتشوف كتير، التلم الاعوج من التور لكبير، والساكت عن الحقّ شيطان أخرسُ! | |
|