ليس دفاعاً عن جحا .! (1)
د. عادل محمد عايش الأسطل
أنا مع الصفقة.. إنا ضد الصفقة.. أنا على حياد كامل من الصفقة.. أنا مع الصفقة ولكن!، أنا ضد الصفقة ولكن!، أنا لو كانت هكذا لكان أحسن.. أنا لو كانت على كذا لكان يستحسن.. وأنا لو شاوروني في الأمر لكان أفضل.. وأنا لا علم لي، وأنا لا رأي لي... إلى ما هنالك من الخواطر والآراء، والقبولات والمعارضات، المؤتلفة منها والمختلفة، وكما قال جحا: إرضاء الناس غاية لا تُدرك.
ما سلف كان جزءاً من الآراء المتباينة والجدالات والنقاشات العديدة، مابين مؤيدة ومعترضة ومتحفظة ومتوافقة أو محايدة، التي سادت في الآونة الأخيرة وعلى كافة الأصعدة، سواءً كانت المحلية الفلسطينية، والعربية وأيضاً الداخل الإسرائيلي والصعيد الدولي والهيئات والمؤسسات الدولية الأخرى، وذلك في أعقاب الاتفاق بين حركة حماس و(إسرائيل) حول إتمام هذه الصفقة، والتي نتج عنها تبادلاً للأسرى شمل إطلاق سراح ألف أسير فلسطيني، وجميع النساء من السجون الإسرائيلية مقابل الجندي شاليط.
ربما هذه الصفقة وفي هذه المرحلة بالذات، التي كانت الأكبر جللاً والأكثر جدلاً، من سابقاتها، الاتفاقات السبعة والثلاثين، التي حدثت بين المنظمات الفلسطينية و(إسرائيل) منذ نشأتها وإلى الآن، مع عدم إغفال أو غض النظر عن الاتفاقيات التي أبرمتها الأخيرة، مع منظمة حزب الله، في شأن التبادلات في الأسرى، والتي كانت هي الأخرى محل اهتمام واسع، من حيث الشدٍ والجذب والموافقة والمعارضة، محلياً ودولياً. وتبعاً للبيئة السياسية والأحداث التي جرت وتجري على الساحات المختلفة، وخاصةً اللبنانية.
فعلى الصعيد الفلسطيني في شأن الصفقة، رحّب رئيس السلطة محمود عباس بها وأثنى عليها، وأمل أن يتم الإفراج عن جميع السجناء، من السجون الإسرائيلية، وبدورها رحبت حركة فتح بها أيضاً، والعديد من الأحزاب والحركات والقوى الفلسطينية المختلفة وسواء في داخل فلسطين أو خارج الوطن من فلسطينيي الشتات والمهجر.
وكان رئيس وزراء الحكومة المقالة "إسماعيل هنية" قد رحّب باتفاق التبادل، ودعا إلى تبييض السجون الإسرائيلية من الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين.
ومن جانبه، شدد نائب رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني "أحمد بحر" على تأييدها، على أنها تشكل إنجازاً رائعاً، ومكسباً استراتيجياً كبيراً، للشعب الفلسطيني، بكافة فصائله ومشاربه السياسية والفكرية، وأن محاولة تشويهها أو الانتقاص منها، تعبر عن اتجاه مشبوه، وخيار غير وطني، لا يمكن قبوله أو السكوت عليه بأي حال من الأحوال.
وبالرغم من تلك الإيجابيات من قبل كبار المسئولين الفلسطينيين، إلاّ أن الشارع الفلسطيني انقسم بعامته، وشمل هذا الانقسام، العسكريين والمثقفين والكتاب السياسيين والمحللين الفلسطينيين، من حيث التأييد والمعارضة، بشأنها، خاصة بعد الإعلان عن عدم شمولها، القادة الكبار أو الثقيلين، كما يطلق عليهم الإعلام الإسرائيلي، وأبرزهم أمين عام الجبهة الشعبية أحمد سعدات، وقادة كتائب عز الدين، ومنهم عبد الله البرغوثي، والقيادي في حركة فتح مروان البرغوثي، وإبراهيم حامد، وحسن سلامة، وعباس السيد، وغيرهم، إذ شكل غيابهم صدمة كبيرة، لدى عموم الفلسطينيين بما فيهم حماس نفسها.
فمن ناحية عمّت الفرحة مئات العائلات الفلسطينية، التي شاهدت أسماء أبنائها في القوائم النهائية التي نشرتها حركة حماس ولجان المقاومة الشعبية، وبالمقابل فإن خيبة أمل كبيرة، أصابت مئات أخرى من العائلات التي كانت في انتظار خروج أولادها وأحفادها من غياهب السجون الإسرائيلية، وأيضاً شرائح واسعة من الفلسطينيين، بعد التأكد من أن الصفقة استثنت ليس فقط أبرز الأسماء القيادية، بل أيضاً لأنها لم تضم عشرات الأسماء من أبرز الناشطين العسكريين في حماس وفتح، والجهاد والجبهة الشعبية، وبعض الأسرى القدامى، إضافة إلى النواب والمسئولين السياسيين، بالإضافة إلى أنها تتضمن إبعاد 203 من الأسرى مباشرة إلى غزة، وما يقارب 40 منهم إلى تركيا.
ولعل الصدمة وخيبة الأمل الكبرى، اللتين أصابتا العديد من الفلسطينيين، كان مردهما حماس نفسها، التي كانت أعلنت في السابق مراراً وتكراراً، بأنه ليس في واردها التنازل عن قائمة سابقة، ضمت معظم القياديين السياسيين والعسكريين للفصائل الفلسطينية، وأعطت وعوداً بذلك وإذ بها توقع صفقة على هذه الشاكلة، تتنازل فيها عن أبرز الأسماء الأسيرة على الإطلاق، حتى في الجناح العسكري لحماس نفسها.
وبدوره كان أعرب وزير خارجية السلطة الفلسطينية "رياض المالكي" عن خيبة أمله من موافقة حركة حماس على السماح لإسرائيل، بنفي عدد من المعتقلين المقرر الإفراج عنهم في إطار صفقة تبادل الأسرى. وقال:" نحن نشعر بخيبة أمل كبيرة بشان نفي بعض الأسرى، لأننا لا نريد أن نرى أي فلسطيني يُنفى من منطقته بقرار يتخذه شعبه".
وكان أعرب عن خيبته من ناحية، وشكك من ناحيةٍ أخرى، في توقيت صفقة التبادل، ملمحاً إلى أن حركة حماس وإسرائيل، ربما خططتا لإحراج السلطة الفلسطينية. وقال:"ما أريد التركيز عليه هو توقيت' الصفقة، مشيراً إلى أن هذا التوقيت، يرتبط بالطلب الذي تقدم به عباس إلى الأمم المتحدة للاعتراف بدولة فلسطين، والذي لقي تأييداً كبيراً من الفلسطينيين.
وتساءل الوزير "هل الهدف من توقيت الصفقة، تعزيز شعبية الحكومة الإسرائيلية وحماس، في مواجهة السلطة الفلسطينية والرئيس عباس؟
ومن جانبه أعرب وزير الأسرى، عيسى قراقع، عن تحفظاته بشأن هذه الصفقة، رغم أنه باركها. وأعلن عن أسفه، لأن الصفقة لا تتضمن مروان البرغوثي وأحمد سعدات، وكبار الضباط من صفوف حماس.
وكان أعرب نجل أحمد سعدات زعيم الجبهة الشعبية، عن أسفه العميق، لأن الصفقة لا تتضمن والده، ولكته أبدى رضاه، ودعا إلى إطلاق سراح جميع السجناء والأسرى.
من ناحيتها عارضت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الصفقة بسبب لم تفِ بالمطالب الفلسطينية، وأنها لن تزيد الاحتلال، إلاّ تشدداً تجاه مطالب الأسرى، الذين لا يزالون في المعتقلات والزنازين الإسرائيلية، وحذرت من الركون والى ما يشاع من أحاديثٍ تدور، عن أن الصفقة، ستوقف إجراءات سلطات الاحتلال، من سياسة العزل الانفرادي والتنكيل بالأسرى وذويهم، وقالت: بأنه على العكس من ذلك، فلن تزيد سلطات الاحتلال إلاّ تشدداً.
ومن جهةٍ أخرى أكّد بعض الناشطين الفلسطينيين، أن جهاز المخابرات الإسرائيلي العامة (الشاباك) قد نجح في فرض شروطه في تلك الصفقة، ونشرت صحف إسرائيلية، أن هناك رسالة غامضة من طرف حماس، وصلت إلى (إسرائيل)، نقلت في محتواها ليونة واضحة في موقفها، مع أن هناك الكثيرين من فقهاء السياسة والأمن في إسرائيل، يؤكدون أن إسرائيل هي التي رضخت لمطالب حماس.
وكانت هناك أنباء أشارت إلى معارضة بعضاً من قياديي الحركة في حماس، لعدم ورود أسماء بعض القياديين وخاصةً من العسكريين في القائمة التبادلية.
وعموماً حاولت حماس التخفيف من وطأة عدم الرضا، بقولها:" إن الصفقة وصلت إلى طريق مسدود، فإما إبقاء الجميع في السجن أو الظفر بما يزيد عن ألف أسير". بل ذهبت مصادر حماس إلى حد القول، إن قيادات الأسرى الذين لم تشملهم الصفقة، وافقوا عليها، وآثروا على أنفسهم. غير أن ذلك لم يقنع كثيرين، وزاد الجدل واحتد في الشارع الفلسطيني، حول الصفقة وتفاصيلها لا سيما بعد نشر كامل الأسماء المزمع الإفراج عنهم.
وعلى الصعيد الإسرائيلي، فقد مثلت قضية اتفاق الصفقة، انقساماً واضحاً في المجتمع الإسرائيلي هو الآخر، ليس بين اليسار واليمين فحسب، بل على مستوى المجتمع ككل، فبينما عبر عن رضاه السواد الأعظم من الإسرائيليين، فقد كان هناك الكثيرين (القيادات والرموز)، ممن قابلوا تلك الصفقة بالسخط وعدم الرضا.
وكان رحّب على مضض، رئيس الحكومة الإسرائيلية نتانياهو - الذي يعاني مشكلات اجتماعية ومعارضة- وكذلك الحكومة بالصفقة، حين اعتبر الصفقة بأنها متوازنة، وكان قال لوزرائه خلال اجتماعه بهم، في جلسة مجلس الوزراء التي وصفت بالأكثر دراماتيكية :"لا أريد أن أخفي عليكم ، هذا هو القرار الصعب. بالنظر إلى عائلات ضحايا الإرهاب، وأنا أفهم المعاناة والبؤس الذي يحيط بها، وأنا واحد منهم، ولكن الآن يجري اختبار القيادة أكثر من أي وقت مضى، من خلال قدرتها على اتخاذ القرارات القاسية والأكثر صعوبة، وأضاف: " نحن شعب إسرائيل، على وجه الخصوص، مسئولون عن بعضنا البعض، ومثلما قال حكماؤنا الأوائل:" من ينقذ حياة واحدة يهودية في إسرائيل، فكأنما ينقذ العالم بأسره.
على اعتبار أن من ساعد يهودياً، فكأنما أحيا شعب(إسرائيل)، هذا مع ما رافق من آمال من أن (إسرائيل)، ستعيد اعتقال المفرج عنهم في المستقبل، توضح ذلك حينما أعلن عن بعض القادة الأمنيين وضابط رفيعي المستوى خلال منتدى هيئة الأركان العامة لجيش الدفاع الإسرائيلي بقولهم:" إذا عاد هؤلاء (الإرهابيون) مرة أخرى إلى أساليبهم القديمة، فسنلقي القبض عليهم مرة أخرى، أو قتلهم". وهو ما دفع بالمشككين إلى القول، بأن ذلك لم يعد كونه إرضاءً للمعارضين الإسرائيليين في هذه المرحلة على الأقل.
وكان ذلك من رأي رئيس الكنيست "روفين ريفلين" من حزب(ليكود) وفي المعارضة، عضو الكنيست شاؤول موفاز من حزب(كاديما)، حيث دعا الوزراء في الحكومة، للتصويت لصالح الصفقة، ورحب عضو الكنيست "دوف هينان" من حزب(حداش) بالصفقة، إضافةً إلى موافقة وتأييد كبار المسئولين والجنرالات في جيش الدفاع الإسرائيلي.
ودينياً فكان رأي الحاخامات متجانساً مع الحكومة، ومنهم الحاخام "يونا متسغر" والحاخام "شلومو عمار"، فقد باركوا الصفقة، وأعلنوا عن تأييدهم لها، لما تحمل من معاني الفداء والخلاص. وكان عاد وزير الدفاع "إيهود باراك" في يوم الغفران الزعيم الروحي لحزب "شاس" "عوفاديا يوسيف"، ويبدو أنه أطلعه على آخر التطورات حول هذه الصفقة الجديدة، لإطلاق سراح شاليط، وطلب منه تكليف وزراء "شاس" في التصويت لصالح الحكومة وتأييد الصفقة.
دولياً فقد عقب الرئيس الأمريكي على اتفاق التبادل، وأعرب عن تأييده له، وكذلك الرئيس الفرنسي ساركوزي، الذي انضم للمهنئين، خاصةً أنه كان شارك في الماضي، في الجهود المبذولة لإطلاق سراح شاليط، خاصة وأن الجندي يحمل الجنسية الفرنسية (مواطن فرنسي)،
لكن هناك من عارض الصفقة، فمع التوقيع عليها، وأولهم منظمة "ألماغور" أول جهة إسرائيلية تعترض على صفقة التبادل، وهي منظمة صهيونية متطرفة تطالب بعدم الإفراج عن أي أسير، تلطخت يديه بدماء اليهود، أو حتى تحسين ظروف الأسرى، داخل المعتقلات الصهيونية. وكانت قد قدّمت هذه المنظمة، عدة التماسات لمحاكم صهيونية، ضد قرارات الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين.
وكان وزير الداخلية "إيلي يشاي" قد بدأ معارضته للصفقة، من خلال تحركاته مع ممثلي هذه المنظمة، وجهات متطرفة أخرى، وممثلين عن عوائل الذين قتلوا على أيدي المقاومة الفلسطينية، في مسعىً لإقناع الحكومة الإسرائيلية، بعدم الإفراج عن أسرى فلسطينيين، ضمن صفقة التبادل المرتقبة مع المقاومة الفلسطينية.
وكان هاجم بعض ممثلي الأحزاب السياسية في الكنيست، الحكومة ورئيس الوزراء، ووصفوا الصفقة بأنها عبارة عن "اتفاق استسلام" ودعوا اللوبي الإسرائيلي لاتخاذ قراره حول الصفقة، ودعوا الحكومة إلى عدم سحبها الخطوط الحمراء التي كانت وضعتها بهذا الشأن، وعدم السماح بإطلاق سراح (إرهابيين) في (يهودا والسامرة).
وقد أعربت المعارضة اليمينية، والاتحاد الوطني، عن معارضتهما القوية لهذا الاتفاق. وكانت كلا منهما قد اتهمت نتانياهو، بأنه انهار واستسلم لحركة حماس، في ضوء أن اليهود هم الذين حاولوا تعليم العالم كيفية محاربة الإرهاب، وتساءلوا، لماذا الاستسلام؟ واتهمتاه كذلك، بأنه لم يكن عنده ما يكفي من الشجاعة، لكي ينظر في عيون اليتامى والأرامل والآباء والأمهات الثكلى، والأسر التي مات أولادها، وأضافوا:" بأن صفقة شاليط "سيئة لإسرائيل".
وأيضاً بأنه قد أخفى حتى عن وزراء حكومته، الذين صوتوا لصالح الصفقة، نقاطاً مهمة غير مكتوبة، التي اتفق عليها مع حركة حماس، وتعتبر جزء من هذه الصفقة وهي من قبيل التعهدات الملزمة، بشهادة الطرف الألماني والمصري، وتتمثل في: تعهّدات (إسرائيل) برفع الحصار بشكل كامل عن قطاع غزة، و بعدم التعرض لأي أسير أفرج عنه في هذه الصفقة وكذلك أفراد عائلته، وأيضاً عدم قدرة نتانياهو انتزاع موافقة من حركة حماس بوقف نشاطها لخطف جنود إسرائيليين في المستقبل، حيث خضع لموقف حماس، التي تعلن بأنها سوف تستمر في السعي، لخطف جنود إسرائيليين، والقيام بعمليات لتحرير باقي الأسرى في السجون الإسرائيلية.
ويذكر أن أفيغدور ليبرمان وزير الخارجية الإسرائيلية، كان على علم بالنقاط السرية أو كافة تفاصيل الصفقة، وهو الذي قام بتسريب هذه النقاط للمقربين منه.
وكان عارض الصفقة وبشدة كثيرين منهم "موشي يعالون" رئيس أركان الجيش (الإسرائيلي) السابق، الذي أوضّح أمام وزراء الحكومة أسبابه لرفض هذه الصفقة معتبراً أن العشرات بل المئات من الإسرائيليين سيدفعون حياتهم ثمناً لها. وقال "بدلاً من أن ندعم المعتدلين وتعزيز فرص السلام وإنهاء الصراع، فنحن نعمل على تعزيز المتطرفين، وأولئك الذين يؤمنون فقط، بأنه عن طريق الأسر والقتل سوف يتم تحقيق أهدافهم ومصالحهم".
وأضاف:" القلب يقول نعم للصفقة، ولكن القلب يقول لا، مع تفهمي التام للمعاناة التي تعيشها عائلة شاليط، ولكن يوجد بالمقابل معاناة شديدة لعائلات ضحايا (الإرهاب)، معتبراً أن الإفراج عن هؤلاء الأعداد من (الإرهابيين) سوف يكون له تأثير استراتيجي، على أمن وسلامة (إسرائيل)، وسوف يؤدي ذلك إلى مزيد من الضحايا، لأنهم سيعودون لنشاطهم (الإرهابي) وسيدفع الثمن مزيد من المواطنين في إسرائيل.
وأضاف يعالون يجب التفكير في المستقبل ومصلحة إسرائيل، وبنفس الوقت التفكير في كيفية حماية جنودنا، لأن الأهم بالنسبة لنا، هو كيفية حماية إسرائيل ومواطنيها بالكامل.
وبدورها قامت عائلات قتلى إسرائيليين، ومنظمات أخرى، بتقديم عريضة للمحكمة العليا الإسرائيلية، بهدف منع أو عرقلة الصفقة، ليس - كما تقول- لمنع إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي، ولكن للسعي لمنع إطلاق سراح (الإرهابيين)، الذين سوف يقتلون المزيد من اليهود، ولتمكين الأسر المتضررة بهدف تنظيم نفسها، ومن ثم تمكينها من التدخل في إعداد القوائم التي سيفرج عنها، وناشدت المعنيين في المجتمع الإسرائيلي، إلى الوقوف ضد قرار الحكومة، بحجة أن تلك الصفقة غير معقولة وغير متناسبة"، ولأن السعر المدفوع مقابلها (الجندي شاليط)، هو ثقيل جداً، لما لها من آثار أمنية ونفسية على سكان إسرائيل بوجهٍ عام.
وعلى أية حال، فإنه كما يبدو مضي الصفقة في طريقها، وعلى ما هي عليه برغم الملاحظات والانتقادات والاعتراضات المختلفة، من قبيل النوايا والأسباب، وما كل هذه التناقضات في المواقف، إلاّ باعتبارها من الأمور السياسية الصحية إن جاز التعبير، فلكلٍ توجهاته ومصالحه وأسبابه ورؤاه وحتى مزاجه، ولكن ما الحل؟ فمن منا لا يريد تحقيق ما هو أبعد من ذلك؟ إنه وبالنظر إلى البيئات والظروف وما عليه من المستجدات، وضيق الوقت وتكالب الأزمات وغيرها، كان لابد من إيجاد نهاية كهذه، وإن لم تكن كما يجب، لكنها جاءت في الوقت المناسب، واعتبرت أفضل الموجود في هذه المرحلة بالذات، خاصةً في أجواء سياسية دولية غامضة من ناحية، ومن حيث الساحة الفلسطينية الحالية المفتوحة، والمواتية لتنفيذ اتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس، بغض النظر عن الجانب الذي أنهي هذه الصفقة على هذه الصورة، وهنا تبقى نقطة واحدة مهمة بشأن صفقة التبادل هذه، وهي أنه مادامت الحركة قد أخذت على عاتقها، تحرير كل الأسرى من السجون الإسرائيلية، فما علينا إلاّ الانتظار، الذي نرجو ألاّ يطول.