الجذور الدينية في المجتمع اليهودي، وأثرها في الموروث الأيديولوجي للأصولية الصهيونية (ج5)
د. عادل محمد عايش الأسطل
في هذا الجزء من الدراسة، سنتناول ماهية وتقييم الحركات والأحزاب الدينية، المهمة في دولة(إسرائيل)، وسواءً كانت هذه الحركات والأحزاب مؤيدةً للحركة الصهيونية أم المعارضة لها، مع ملاحظة أن هذه الحركات والأحزاب منها ما قد انتهت واندثرت، سواء من خلال إخفاقها في الانتخابات الإسرائيلية العامة، أو من خلال دخولها في أحزاب أخرى، ومنها ما بقي صامداً على الساحة وحتى يومنا هذا مثل كل من حزبي (المفدال המבדל وشاس ש"ס)، اللذين سنفرد لهما أجزاءً خاصة، كحزبين يُعدان من أبرز الأحزاب الدينية في إسرائيل، وعلى أنهما يُمثلان المتدينين الغربيين والمتدينين الشرقيين على التوالي، أما بالنسبة لما أشرنا إليها بدايةً بشأن الأحزاب والحركات الدينية، فكما يلي:
الحركات والأحزاب الدينية المؤيدة للصهيونية
هناك بالإضافة إلى حزبي همزراحي وهبوعيل همزراحي الصهيونيين، (المفدال) فيما بعد، عدد من الحركات والأحزاب، التي تؤيّد الصهيونية ومن هذه الحركات والأحزاب:
حزب (ميماد Mimad ) معسكر الوسط الديني أو اليهودية العقلانية:
البنية التنظيمية للحزب:
حزب (ميماد מימד) مدينا يهوديت- مدينا ديموكراتيت מדינה יהודית- מדינה דמקרטית/ دولة يهودية- دولة ديموقراطية، حزب ديني صهيوني أشكنازي، قام بتأسيسه الحاخام (يهودا عاميتال יהודה עמטל) رئيس (يشيفا هارعتسيون ישיבה הר עציון) في مجمع (غوش عتسيون بالقدس) في يوليو/تموز من العام 1988. بالتعاون مع مجموعة من اليهود المتدينين، والذين يعتقدون بمبادئ عميتال نفسه، وقد خاض الحزب انتخابات عام 1988، لأول مرة، وحصل على نحو 16000 ألف صوت، التي لم تمكنه تلك من تخطي نسبة الحسم المعمول بها في (إسرائيل)، والتي تؤهله لخوض الانتخابات التشريعية للدخول في الكنيست الإسرائيلي.
ولكن بالرغم من عدم نجاحه في ذلك، فلم تنتفي عنه تأثيراته في الساحة الإسرائيلية، وتنبع أهمية هذا الحزب، في أنه يتسم بالاعتدال والوسطية، فيما يتعلق بعلاقة الدين بالدولة في(إسرائيل) من جهة، وقربه من حزب العمل واليسار الصهيوني عموماً، الذي يعتمد عليه في العديد من النشاطات المختلفة والتي من شأنها رفع الرصيد الانتخابي والسياسي لحزب العمل من جهة أخرى.
ولقد تألّفت قاعدة هذا الحزب في الأساس، من مجموعة أعضاء، أعلنت انشقاقها عن الحزب الديني القومي(المفدال)، احتجاجاً على جنوحه المتواصل نحو أقصى اليمين، وتحوله من حزبٍ معتدلٍ دينياً وسياسياً، إلى حزب شديد التطرف دينياً وقومياً، وقد كان الحاخام (يهودا عاميتال)، يرتبط بحزب العمل ويتساوق معه حول أغلب القضايا، بحكم اتسامه بالوسطية، والأقل تشدداً، لا سيما فيما يختص بعلاقة الدين بالدولة، والذي يقوي هذا السلوك، لاعتماده على اليهود من أصل أوروبي، وخاصةً الناطقين باللغة الإنجليزية، لينافس كل من حزبي (المفدال وشاس)، اللذان يتنافسان على أصوات اليهود الشرقيين، بالرغم من كونه يعبر عن قائمة أكثر أشكنازية ولكن أقل تطرفاً. وقد تحول فيما بعد إلى حركة فكرية، قبل أن يعود، كونه حزباً سياسياً في العام 1999، في إطار قائمة (يسرائيل أحات ישראל אחת إسرائيل واحدة).
الأيديولوجية السياسية لحزب ميماد
وفقاً للمعايير الإسرائيلية، يعتبر هذه الحزب كما أسلفنا، معتدلاً في نظرته للدين والدولة، وقد عرف رئيسه (عميتال)، كأحد الشخصيات النشطة، التي ساعدت في تأسيس المدارس الدينية التي عرفت باسم( ياشيفوت هيسدير ישיבות הסדר) التي تجمع بين الدراسات الدينية والخدمة العسكرية، والتي تعتمدها الحركة الصهيونية، لذا فقد حصل هذا الحزب، على تأييد بعض الفئات العلمانية في داخل (إسرائيل) وخارجها، كما حصل على دعم ومساندة، من بعض دعاة اليهودية الأرثوذكسية الحديثة.
وكان عارض (عاميتال) حركة (غوش إيمونيم) ورأى أنها حركة (مسيحانية كاذبة)، إذ كان يؤمن بأفكار الحاخام (أبراهام كوك אברהאם קוק)، وبأن قيام دولة (إسرائيل)، تمثل مرحلة مهمة من مراحل تحقيق الخلاص، ومن ناحية أخرى كان رفض أفكار (كوك الابن) التي يعتبرها متطرفة، لذا قام (عاميتال) على أنشاء حزبه الجديد، أملاً في أن يكون جسراً وسطاً، بين الكتل والقوائم الحزبية المختلفة، وحزباً دينياً قادراً على تعديل شكل العلاقة بين المتدينين والعلمانيين داخل المجتمع الإسرائيلي بوجهٍ عام، وقد تضمن البرنامج الانتخابي للحزب الأفكار التالية:
-1 الإيمان التام بحق إسرائيل الأبدي في كامل (أرض إسرائيل).
-2 إمكانية التنازل عن بعض الأراضي المحتلة، مقابل مشروع سلام حقيقي مع العرب والفلسطينيين، وخاصةً إذا كان ذلك في مصلحة الدولة، مع بقاء المستوطنات والعمل على توسيعها.
-3 استبعاد فكرة الطرد الجماعي للعرب، وعدم خرق القيم الإنسانية، أثناء التصدي لأعمال العنف، ورفض قيام دولة فلسطينية.
4- العمل على تعزيز الشخصية اليهودية الوطنية للدولة، والعمل على تضيق الهوة بين المتدينين والعلمانيين، وتعزيز سلطة الحاخامية الرئيسية، ومعارضة تعديل قانون من هو اليهودي؟
5- التوسع في التعليم الديني، ودعم المؤسسات الدينية، وضرورة تأدية طلبة المدارس الدينية للخدمة العسكرية.
6- تعزيز دور المرأة في المجتمع، والسماح لها بعضوية المجالس الدينية، مع ملاحظة تحريم تشغيل المرأة لدى بعض أحزاب وجماعات دينية أخرى.
7- عدم مخالفة النشاطات الاقتصادية لتعليم التوراة، والحد من تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي، وتشجيع الاستثمار، ومحاربة الفساد، وتوزيع الدخل بشكل عادل، وكذلك توسيع الخدمات الاجتماعية والصحية، وسن قانون وطني للتامين الصحي.
حركة (غوش إيمونيم Gush Eimonim):
تعتبر حركة (غوش إيمونيم גוש אימונים) كتلة الإخلاص أو الإيمان والثقة، الأبرز في التطرف الصهيوني والتشدد الديني، اعتمدت على أفكار الحاخام الاشكنازي الراب "يهودا كوك יהודה קוק" الذي أسس حركة "مركاز هراف מרכז הרב مركز الراب" عام 1924، الذي أكد على أن التعاليم الدينية هي المرجع الأول والوحيد لليهود بوجهٍ عام، وأكد على أن الخروج عن تلك التعاليم، من شأنه أن يحرم اليهودي من العزة في الدنيا وعند الرب، وكان يؤمن إيماناً راسخاً، بأن قيام الدولة، يمثل بداية الخلاص للشعب اليهودي.
نشأت غالبية عناصر(غوش إيمونيم) منذ بداياتها، داخل حركة الشبيبة الصهيونية المتزمتة دينياً( بني عكيفا בני עקיבה)، وهي عبارة عن شبكة مدارس دينية، كان أسسها تيار(هبوعيل همزراحي- הפועל המזרחי العامل الشرقي)، المتطرف دينياً، والذي يعتبر أحد أركان حزب المفدال، فمنذ العام 1940 سعت حركة (بني عكيفا) على دفع شبابها للاستيطان الجماعي ذي الطابع الديني.
ولهذا تعتبر حركة (غوش إيمونيم) حركة سياسية غير حزبية، تقوم على أفكار ومعتقدات دينية، كانت انطلقت من داخل صفوف حزب المفدال، في فبراير/شباط عام 1974، حيث اعتبرت من إفرازات حرب الغفران أو حرب أكتوبرعام 1973،، إذ كانت تظهر هذه الحركة سمات الانتقام جراء الحرب وخسارة إسرائيل لها، ثم انفصلت نهائياً عن الحزب، وأصبحت كياناً مستقلاً منذ أواخر العام نفسه.
وكان عدد كبير من المستوطنين يلتفون حولها وتعتبر أن "عدم تحقيق النصر الكبير" يعود إلى الانحراف عن روح اليهودية أو الخروج عن النص الديني، كما أن بقاء العرب في فلسطين، هو مخالفة صريحة للدين، وأمر لا يمكن للمؤمنين القبول به.
واعتبر حينها الموجه الروحي للحركة الحاخام "تسفي يهودا كوك" وهو ابن الراب" يهودا كوك" حيث يقدم كل الشروح الدينية اللازمة لتبرير الإرهاب والتحريض عليه. كما أنه يأخذ دور المشرع الذي يقدم الفكر والتأويل ويترك لغيره التطبيق والعمل السياسي.
وكان أن أخذت الحركة في تطوير نفسها من حركة دينية استيطانية، لتصبح حركة سياسية إسرائيلية تم إلى حزب مقاتل، تجبر أياً كان من غير اليهود، على ترك (أرض يسرائيل)، لاعتقادهم بأن المؤسسات الرسمية في الدولة، عاجزة عن تدعيم وتثبيت الأفكار اليهودية التي من شأنها المحافظة على كيان وديمومة الدولة، ولكنهم فشلوا في ذلك، نظراً لطبيعة نظام الحكم في الدولة، وهيمنة قوى جيش الدفاع (الإسرائيلي)، على كل المقاليد الأمنية والقتالية. وكانوا من التشطاء، الذين قدم معظمهم من مستوطنة (كريات أربع) المقامة على أراضي قرية بني نعيم، إلى الشرق من مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، ومستوطنة (محولا) في هضبة الجولان، ومستوطنات مختلفة.
وكان أهم الشخصيات القيادية للحركة(حنان بورات وموشيه ليفنغر و د. زاكس)، اللذين يمثلون تيار المتدينين الصهيونيين الأعنف على مر تاريخ الحركة الصهيونية، الذي أراد للدولة اليهودية، أن تكون تجسيداً، لما جاء في التوراة، بما يسمى (مملكة إسرائيل).
وترى هذه الحركة نفسها، بأنها غير ملتزمة، إلاّ بالمحافظة على(أرض إسرائيل). وهذه التسمية التوراتية، تضفي على اعتقاد الحركة من وجهة نظرها، شرعية احتلال الأراضي، بناءً على عهد خاص، بين الخالق وشعبه المختار.
وأيضاً اعتبرت هذه الحركة، من أهم الحركات اليهودية، التي تنادي بالعمل الجاد من أجل التهويد. فقد اجتمع بعض تلامذة الحاخام المعروف، والمعلم الروحي لهذه الحركة، (تسفي كوك) عام 1982، في كفار عتصيون جنوبي بيت لحم، وأرسوا أسس هذه الحركة الدينية بما يتماشى مع معتقداتهم وأفكارهم التي تطغى عليها أشكال العنف والعنصرية، وكان جلّ هؤلاء المؤسسين من مواليد إسرائيل أي(الصابريم סברים)، الذين درسوا في مدارس دينية، يسيطر عليها الحزب الديني القومي، المِفدال.
مثل هذا الشباب المتدين المنخرط في(مركاز هاراف)، التابع للحاخام (كوك) كان قد حصل بعد حرب 1967، على ما يسمّى بالتوفيق بين الخدمة العسكرية والدراسة الدينية في المعهد الديني(اليِاشيفاة) على غرار المنتمين لحزب ميماد، أي ربط الفكرة الإلهية بالشعور القومي. وبالرغم من أن الحركة قد ساوت بين حكومات إسرائيل وبين الكتاب الأبيض والذي تم إصداره عام 1939، تحت سلطة الحكومة البريطانية، الذي تم التخلي عن فكرة تقسيم فلسطين إلى دولتين إحداهما يهودية والأخرى فلسطينية، لصالح تأسيس دولة فلسطينية مستقلة تكون محكومة من قبل العرب الفلسطينيين واليهود بناء على نسبة كل منهما لإجمالي سكان فلسطين في سنة 1949. كما تم تقييد حركة الاستيطان اليهودي في فلسطين، وتحديد عدد اليهود المسموح لهم بالهجرة إليها في السنوات الخمس اللاحقة لصدور الكتاب
إلاّ أنها تعاونت مع تلك الحكومات، في جميع النشاطات الاستيطانية من خلال هيئات ولجان تمثّل المستوطنين، وأهمها رابطة(بيشع Baishaa) باعتبارها تمثل المجالس الإقليمية لمستعمرات الضفة الغربية والقطاع، وتسعى للتنسيق بين مصالح المستوطنين ومشاريع (غوش إيمونيم)، في الوزارات الحكومية المختلفة، ومكاتب الوكالة اليهودية.
وبغض النظر عن مثل هذا التعاون بين الحركة وحكومات العمل أو الليكود، إلاّ أن هناك الكثير من الخلافات الجوهرية بينهما، حيث عارضت الحركة الانسحاب من سيناء، وأية انسحابات أخرى، ويذكر أن معظم (الغوشيين) من اليهود الإشكناز.
أيديولوجية الحركة
إن حركة (غوش إيمونيم) لا تختلف كثيراً، عن أي حركة أو حزب صهيوني، في تصريفها وتطبيقها لما يسمى في إسرائيل(المسائل الجوهرية والإجماع القومي)، حيث تقوم تكتيكات هذه الحركة، على فرض الأمر الواقع في المناطق الفلسطينية المحتلة. وذلك بهدف تحقيق الغاية النهائية، وهي فرض السيطرة اليهودية قانونياً وسياسياً عليها، حيث تؤمن جماعة (غوش إيمونيم)، بأن المستوطنات اليهودية في المناطق المحتلة، تقوم بوظيفة سياسية محددة، هي تأمين السيادة اليهودية على(يهودا والسامرة)، اعتقاداً منها بضرورة حراسة أرض إسرائيل، والمحافظة عليها، وهي تعتبر ذلك بمثابة الخطوة التحضيرية الأولى، لمسألة الخلاص التام للشعب اليهودي.
حركة (تامي Tame)
تأسست حركة( تامي תמ"י תנועת מסורת ישראל تقاليد إسرائيل) عام 1981، بعد انشقاق الحاخام (آهارون أبوحتسيرا אהרון אבו חצירה)، عن حزب المفدال أيضاً، اعتماداً على اليهود الشرقيين( السفارديم)، وكان من الواضح أنها تشكلت لأسباب طائفية، للقيام بتمثيل مطالب وحقوق اليهود الشرقيين, لأنها في الأساس تعتمد عليهم وخاصةً العناصر المتطرفة، والتي تنتشر بين أوساطهم، كما تعتمد أيضاً على تلك العناصر الدينية الشرقية الأحرى، التي كانت تنتمي لحزب المفدال، ورأت أن قدرة حزب(أغودات يسرائيل) وغيره من الأحزاب الأشنكازية، على الحصول على الميزانيات الضخمة لدعم مؤسستها، إنما هي استخفافاً باليهود الشرقيين.
وكان أبوحتسيرة قد غادر الحكومة، بعد فضيحة سياسية (سرقة الأموال العامة) لدعم مرشحين فاسدين، وقام بتأسيس الحركة، بهدف الدفاع عن مصالح يهود شمال إفريقيا بشكل خاص، واليهود الشرقيين بشكل عام. بهدف فرض المساواة في العدالة والفرص المختلفة ضمن الدولة.
ومما يذكر أن هذه الحركة قد خاضت الانتخابات الإسرائيلية العاشرة 1981، وحصلت على ثلاثة مقاعد في الكنيست الإسرائيلي.
وقد حصلت هذه الحركة على امتيازات في حكومة (مناحيم بيغين מנחם בגן) اليمينية، التي تشكّلتْ بأغلبية بسيطة وبدعم الأحزاب الدينية، وقد احتل زعيمها الحاخام " أبو حصيرة" منصب وزير الأديان.
رفعت (تامي) شعار الفجوة الطائفية، وتركزت دعاية الحركة في أواسط الناخبين التقليديين، ولاقت نجاحاً كبيراً، مما دفع ببعض الشرقيين للانضمام إليها، لاعتقادهم بأنها ستكون الجسر الذي يحول دون التقاطب الطائفي الاجتماعي، الذي يؤدي إلى تحطيم و تجزئة الشعب الواحد.
ولم تستطع الحركة ـ ابتداءً ـ بناء جهازاً عاماً، يشرف على نشاطاتها وعلاقاتها مع الجمهور، ولم تشكل مركزاً للحركة أو دستوراً، أو برنامجاً سياسياً أو اقتصادياً أو اجتماعياً، ولكنها تم تعيين رؤساء الإدارات التابعة للحركة والمشرفة عليها على يد (أهارون أبو حتسيرا). ومع بداية 1983، بدأ العمل لبناء الهيكل التنظيمي للحركة. ولمّا كان ظهور( تامي)، نتيجةً للاعتبارات الطائفية، فإنها فشلت في استقطاب المجتمع الإسرائيلي في انتخابات 1984، حيث لم تحصل سوى على مقعدٍ واحد في الكنيست الإسرائيلي.
السياسة الأيديولوجية للحركة
مواقف الحركة السياسية، لا تختلف كثيراً، عن مواقف المفدال، لدرجة أنها سميت( مفدال شمال أفريقيا)، وقد أيدت حركة( تامي) حركة الاستيطان اليهودي في أرض إسرائيل، كما طالبت بعدم إجراء أي تغيير على الوضع الراهن، وقد دأبت الحركة على رفض قيام دولة فلسطينية مستقلة.
وكان حزب تامي، يمثل وزناً لا بأس به في الحياة السياسية والاجتماعية في الدولة، ظهر ذلك من خلال رفض الحزب حينها، دعم حكومة (مناحيم بيغين) اليمينية، ما لم يحصل على وزارة الشؤون الدينية، وعقب حصوله عليها تمكن أبو حتسيرة من تحويل مبالغ طائلة، من مخصصات الوزارة لصالح مؤسسات السفارديم الدينية.
حركة (كاخ Kach)
في عام 1965 أسس اليهودي (مائير كاهانا מאיר כהנה) منظمة الدفاع اليهودية في الولايات المتحدة. وحين هاجر (كاهانا) إلى فلسطين عام 1969، أسس حركة (دوك Duok) التي أصبحت (كاخ כך هكذا) فيما بعد، وذلك عشية انتخابات الكنيست الثامنة عام 1972. وقد خاضت الحركة انتخابات الكنيست الثامنة عام 1973، والتاسعة عام 1977، ولكنها لم تجتز نسبة الحسم.
أيديولوجية الحركة
تعتبر هذه الحركة من أكثر الحركات الصهيونية تطرفاً، خاصةً وأنها تمثل الموقف الصهيوني، من
حيث عدم إمكانية تحقيق الحلم الصهيوني، إلاّ من خلال تصفية الوجود الفلسطيني نهائياً من فلسطين، وتعتبر منطقة معظم الوطن العربي وخاصة المنطقة الواقعة على ضفتي نهر الأردن وحدة تاريخية وجغرافية، لتحقيق (إسرائيل الكبرى) ودستورها التوراة، وهي تعتبر جبل الشيخ في الشمال وقناة السويس في الجنوب والغرب والأردن في الشرق، هي الحدود الآمنة للكيان الصهيوني، وهي تؤمن بالعنف، وسيلة لدفع السكان العرب إلى الرحيل، بهدف إقامة مستوطنات جديدة، خاصةً وأنها تصبو إلى تكثيف الهجرة اليهودية إلى البلاد، بحيث تكون كل مناطق أرض إسرائيل مفتوحة أمام الاستيطان اليهودي.
وتعتبر أيديولوجية (كاخ) السياسية، هي ما تمخضت عن أفكار ومعتقدات مؤسسها كاهانا، وهي تتمثل في الآتي:
- الشعب اليهودي شعب الله المختار والمقدس، لا يضاهيه أي شعب آخر أو أمة أخرى.
- قيام دولة إسرائيل بمثابة إشارة رئيسية لنزول المسيح.
- الاقتراب من عملية الخلاص للشعب اليهودي، يكمن في الإسراع بضم الأراضي المحتلة، إلى دولة إسرائيل، وإجلاء أعداء اليهود عن أرض إسرائيل، ومحاربة جميع العبادات غير اليهودية في جبل الهيكل.
- اعتبار غير اليهود بمثابة أغراب في (أرض إسرائيل)، واعتبار عملية طردهم هي فرض ديني نحو الخلاص ووقف لتحقير اسم الرب.
- الاعتماد على العنف لدى الحركة، هو أمر واجب، كونه الأداة المثلى لتحقيق الأهداف التي تصبو إليها.
يتبع الجزء السادس