وأخيرا يدشن ميترو الجزائر! .. كتبهاعلي الجزائري الجزائري

وأخيرا يدشن ميترو الجزائر!

كتبهاعلي الجزائري الجزائري ، في 2 نوفمبر 2011 الساعة: 15:21 م

وأخيرا يدشن ميترو الجزائر! .. كتبهاعلي الجزائري الجزائري 39301

وأخيرا يدشن ميترو الجزائر! .. كتبهاعلي الجزائري الجزائري 39301

أشرف الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عشية الاحتفالات المخلدة للذكرى ال57 لاندلاع ثورة نوفمبر 1954 التحريرية وبعد مخاض عسير طويل شاق على تدشين ميترو الجزائر. ميترو انطلقت الأشغال به سنة 1981 ثم توقفت بعد دخول الجزائر في أزمة اقتصادية تلتها أزمة سياسية نتجت عنهما أزمة أمنية كادت تعصف بالدولة. لكن ومع استعادة المبادرة السياسية وانحسار التهديد الأمني والأهم ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية لمستويات قياسية أعيد بعث المشروع رسميا سنة 2001. وبعد 30 سنة من انطلاق الأشغال و10 سنوات من إعادة بعثها تم أخيرا تدشين ميترو الجزائر على خط لا يتجاوز ال9.5 كيلومتر! على أن يتم تمديده لمسافة 50 كلم ستنتهي الأشغال به سنة 2020(إن شاء الله).

قبل سنوات قليلة تابع العالم بأسره بمن فيهم الجزائريون حكومة وشعبا كيف دشنت إمارة دبي خط الميترو الخاص بها والذي قدر طوله ب52 كلم وهذا بعد 4 سنوات من الأشغال (نعم 4 سنوات وليس 30 سنة أو حتى 10 سنوات من أجل أقل من 10 كلم !).ميترو مجهز بآخر ما توصلت إليه التكنولوجيا الحديثة بل واعتبر أعجوبة هندسية تضاف لكل الأعاجيب الهندسية التي شيدتها إمارة دبي في قلب الصحراء من برج خليفة وبرج العرب إلى جزيرة النخلة الأولى و الثانية وخريطة العالم . كل هذه الأعاجيب الهندسية الفريدة من نوعها تم انجازها في ظرف زمني أقل من الفترة التي استغرقها ميترو الجزائر منذ بعثت أشغاله سنة 2001 فقط حتى لا نتحدث عن انطلاقتها سنة 1981!

ميترو الجزائر وبقية المشاريع المدشنة :

وإن كان مشروع ميترو الجزائر يمثل ضرورة غاية في الأهمية لعاصمة البلاد من الناحية الاقتصادية والتنظيمية والبيئية وما سيوفره من نقل سريع منظم بأعداد كبيرة للمسافرين(طبعا لو تم استغلاله بطريقة منظمة ومراعاة سعر التذكرة واحترام المواقيت حتى لا يكون مصيره كمصير الأوتوراي كأوتوراي قسنطينة - سكيكدة مثلا والذي تقدر قيمة تذكرته ب250 دج – الحافلة ب80 دج وسيارة الأجرة ب150 دج – ومع هذا وإن من المفروض أن ينطلق من قسنطينة على ال10:30 لكنه يتأخر لغاية ال11:00 ويصل إلى سكيكدة على الساعة 13:30 وأحيانا 14:00 أي أكثر مما تستغرقه الرحلة بالحافلة أو السيارة رغم كل الزحام الذي يعترضها من شاحنات الوزن الثقيل بالرغم أنه من المفروض قطار سريع !! ).فلو تم استغلاله بطريقة منظمة تحترم مواقيته بدقة ويكون في متناول العامة وليس القماقم وعلية القوم فقط بالتأكيد سيحل الكثير من مشاكل النقل و الزحام و الاكتظاظ بعاصمة الجمهورية . لكن السؤال الذي يتبادر للأذهان : ما فائدة بقية المشاريع المدشنة من المقر الجديد لوزارة الخارجية إلى قصر المؤتمرات ؟! هل هي مشاريع منتجة ؟ وما هي جدواها الاقتصادية (الجدوى السياسية سأعود إليها لاحقا) ؟ أم هو الحنين للماضي وإعادة استنساخ الفشل و المشاريع الفاشلة من أكبر مصنع لأكبر جامعة والتي تحولت بعدها لعبء صرفت عليها الملايير لتسييرها وتطهيرها ؟ أعتقد أن قصر الأمم بنادي الصنوبر وجنان الميثاق وحتى قاعات المؤتمرات بفنادق الأوراسي و الشيراطون والسفير والسوفيتال لها القدرة لاستضافة أي مؤتمر وقد استضافت فعلا أهم المؤتمرات . فلماذا إهدار المال العام على مشاريع وهمية لا فائدة منها إلا البهرجة وشوفوني زعما . أما وزارة الخارجية وبعد التراجع الرهيب الذي عرفته الديبلوماسية الجزائرية مؤخرا وصار صوتها في المحافل الدولية كصرخة مشرد إفريقي في شوارع منهاتن لا وزن ولا قيمة له حتى في قضايا الجوار . وأصبحت الجزائر عرضة للشتم وكيل الاتهامات وبعد أن شتمت من المصريين نخبة وسياسيين وإعلاميين وفنانين وعامة ودهماء وشذاذ آفاق وبعد أن صرحت المغرب أنها قبضت على ضباط جزائريين متهمين بإثارة اضطرابات مخيم العيون وبعد أن اتهمها معارضو القذافي حكام ليبيا الجدد بدعم غريمهم بالمقاتلين المرتزقة و بالعتاد فضلت خارجيتنا الصمت (كونها ربما كانت مشغولة بمتابعة سير أشغال مقرها الجديد). وإن كان الصمت في الحالة المصرية اعتبر حكمة كون الأمر بدا كلعب أطفال مارسه أطفال الرئيس المصري حسني مبارك رغم أنه كان من المفروض أن تتوفر حكومة دولة بحجم الجزائر على ناطق باسمها يقوم بالرد وإن ليس بنفس المستوى الهابط . لكن الصمت في الحالتين المغربية و الليبية وحتى في قضية رهبان تيبحيرين مع فرنسا فهذا لا يفسر إلا بالجبن السياسي لأن الدول التي تحترم نفسها تعبر عن طريق معينين لهذا الغرض عن موقفها وليس تسريب برقيات لوكالة الأنباء من مصدر عليم ليقرأها مقدم النشرة بركاكة مثيرة للشفقة يعبر من خلالها عن موقف الجزائر ! بعد كل هذا وبدل معالجة الخلل تم تدشين مقر ضخم لوزارة الخارجية - علّ حيطانه ومكاتبه الفخمة تقوم بالرد نيابة عن مسؤولينا الصامتين - مشروع ضخم استهلك الملايير ، وحنا واش نصدّرو كما قال سي مخلوف البومباردي بعد تدشين (مصنع) قاعة ألعاب في فيلم كرنفال في دشرة !

ما أشبه اليوم بالبارحة:

في الثمانينات كانت أسعار النفط في أعلى مستوياتها وكان الرئيس الشاذلي بن جديد يدلل الشعب بالموز و الكيوي والأناناس وكانت قيمة الدينار الجزائري أغلى من الفرنك الفرنسي وأغلب العملات الأوربية وكانت سنّة الشعب الجزائري الخروج كل صيف لاستكشاف العالم وكان مسموحا له صرف الدينار في البنوك كما شاء .وكان السيد الرئيس قائد الثورة و مازال يقودها كما كان يسميه الإعلام الرسمي يدشن المشاريع الكبرى والتجمعات السكنية بل حتى المشاريع الحالية من الميترو للطريق السيار هو من ضع حجرها الأساس . ولكن بعد سنة 1986 أو الصدمة النفطية وتراجع إيرادات الجزائر من موردها الوحيد وبعد أن استنزف السياح الجزائريون البنوك من احتياطات العملة الصعبة بسبب رحلة الشتاء و الصيف وبعد تهاوي قيمة الدينار وعودته لحجمه الحقيقي كان زلزال أكتوبر 1988 بعد أن تبين الشعب أن كل شيء هف في هف وما تقوله نشرة الثامنة شيء وواقعه المعاش شيء آخر . ولكن ولأننا أساتذة في استنساخ الفشل وإعادة إنتاج التجارب الفاشلة فهاهو التاريخ يعيد نفسه وربي يستر من الغد الغامض مع مسؤولين شعارهم أنا وبعدي الطوفان. فمؤشرات أزمة الديون السيادية التي تضرب أوربا والتي يؤكد الخبراء أنها ستمتد للولايات المتحدة واليابان وبالتالي لن تنجو النمور الآسيوية والهند و الصين وروسيا والبرازيل وكل الاقتصادات الصاعدة ستؤدي لركود الإنتاج وتوقف المصانع وبالتالي يقل الطلب عن النفط وتتهاوى أسعاره .وكل الخشية أن تلقى الملايير المكدسة كاحتياطي صرف مصير ال26 مليار دولار التي تبخرت نهاية الثمانينات وضرب عليها النّح بلا حسيب ولا رقيب .

لماذا كل هذا ؟

يقول مكيافيلي في كتابه الأمير عامة الناس يحكمون على الأشياء من مظهرها الخارجي .وهذا العالم لا يتكون إلا من هؤلاء العامة . أما غير الساذجين فهم قلة تنعزل حين تجد الكثرة مجتمعة حول الأمير ) . ثم يقول : (…بالإضافة إلى أنه يجب أن يلهي شعبه بالمهرجانات و المعارض في المواسم السنوية المختلفة). وهذه هي الجدوى السياسية من هاته التدشينات وهاته المشاريع الوهمية . كما يتم هاته الأيام الهاء اللاهين اللاهثين خلف الإصلاحات الموعودة بقضية كوطة المرأة وجعلها أم القضايا وغاية المنتهى وإصلاح الوضع في الجزائر يتوقف على الحسم في هذه القضية المصيرية!

مبروك علينا الميترو (فقط) وإن جاء متأخرا و استهلك أضعاف وقته وميزانيته. وكل نوفمبر وكل عيد أضحى وأنتم بخير.

المصدر

» بيان ثورة الجزائر في أول نوفمبر 1954 .. بيان إلى الشعب الجزائري
» جمعة مباركة - وأخيرا تظاهر المثقفون السوريون في دمشق
» جمعة مباركة .. جمعة الرحيل في سوريا .. درعا أولا وأخيرا
» حال الراهن الجزائري
» عن الجزائري المختطف