"النظام السوري أمام خيارين: تنفيذ المبادرة العربية أو التدخل الدولي"يرى الخبير الاستراتيجي عماد جاد، أن قرار مجلس جامعة الدول العربية بتعليق مشاركة الوفود السورية في هيئاتها، خطوة قوية ستزيد في عزلة النظام السوري الذي لم يعد أمامه خيارات كثيرة.الجامعة العربية تعلق مشاركة الوفود الرسمية السورية في الهيئات التابعة لها
قرار مجلس جامعة الدول العربية السبت (12 نوفمبر/تشرين الثاني)، تعليق مشاركة جميع الوفود السورية في المجالس والهيئات التابعة للجامعة اعتباراً من 16 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، إلي حين التزامها بالتنفيذ الكامل لتعهداتها وتوفير الحماية للمدنيين السوريين. كما دعا الدول العربية إلى سحب سفرائها من دمشق.
قرار الجامعة جاء بعد فشل اتفاق توصل إليه مجلس وزراء الخارجية العرب في الثاني من نوفمبر تشرين الثاني مع النظام السوري يقضي بوقف العنف وإزالة المظاهر المسلحة من المدن والبلدات السورية وإطلاق سراح المسجونين السياسيين وبدء حوار مع المعارضة لإدخال إصلاحات سياسية. حيث ظل الاتفاق ظل حبرا على ورق مع تواصل قمع المحتجين من طرف الجيش السوري وسقوط المزيد من الضحايا في مختلف مناطق البلاد منذ الإعلان عن قبول المبادرة العربية من طرف الحكومة السورية.
وفي حوار مع دويتشه فيله، يرى الدكتور عماد جاد، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، أن قرار مجلس جامعة الدول العربية يشكل خطوة مهمة للضغط على النظام السوري، لتنفيذ تعهداته اتجاه المبادرة العربية أو أن يواجه خطر التدخل الدولي.
وفي ما يلي نص الحوار الكامل مع الدكتور عماد جاد:
دويتشه فيله: كيف تقرؤون القرار الذي صدر عن وزراء الخارجية العرب؟
عماد جاد: هذا القرار يمثل خطوة مهمة ومتقدمة في نفس الوقت، اتخذتها الجامعة العربية بعد طول تردد. وتعتبر هذه الخطوة مشابهة لما سبق وأن اتخذ بشأن النظام الليبي بعد أن رفض التجاوب مع كل الجهود والمحاولات التي بذلت من أجل احتواء الأزمة الليبية. ويستمد هذا القرار أهميته من تصويت 18 دولة عربية لصالحه، في مقابل اعتراض دولتين فقط. وأتمنى أن يكون رسالة للرئيس السوري بشار الأسد، كي يبدأ في تنفيذ الاتفاقات التي تم التوصل إليها مع الجامعة العربية، أو أنه سيكون أمام بدء العد التنازلي لاحتمال اتخاذ خطوات أكثر تشددا من الجامعة العربية، ربما تنتهي بطلب التدخل الدولي لحماية الشعب السوري.
وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم آل ثاني في جلسة تشاورية مع الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي
كما ذكرتم هناك 18 دولة عربية صوتت لصالح القرار، مما يعني أن هذا القرار حضي بشبه إجماع من لدن الدول الأعضاء. هل يعتبر ذلك مؤشرا على بداية مرحلة جديدة في سياسة الجامعة العربية فرضها الوضع الجديد في المنطقة العربية؟
طبعا، قبل عام من الآن لم تكن الجامعة العربية لتتخذ مثل هذا القرار. وأعتقد أن الجامعة العربية تحاول التكيف بسرعة مع التغيرات الجارية في المنطقة جراء الربيع العربي. وقرارها اليوم مهم للغاية، ويمثل تجاوبا قويا مع التطورات الجارية في العالم العربي. هذا إضافة إلى أنه رسالة أيضا لكل زعيم عربي، مفادها أنه إذا ما قاوم التغيير واستخدم القوة في مواجهته، فإنه سيلاقي نفس المصير.
لكن هناك دول صوتت لصالح قرار الجامعة العربية ضد سوريا، يحكمها مستبدون، تطالبهم شعوبهم بالديمقراطية وإصلاحات سياسية حقيقية. ماذا دفع هذه الدول للتصويت لصالح القرار؟
أعتقد أن هذه الدول تسعى للظهور بمظهر الدول التي لا ترفض الإصلاح والتغيير، وأنها تسير مع التغيرات الجارية في المنطقة. لكن ما يجب أن تنتبه إليه هذه الدول هو استيعاب الدرس، وألا تتمسك بمواقف قد تدفع الجامعة العربية باتخاذ مواقف اتجاهها كما جرى مع النظام الليبي أو السوري الآن.
هل سيؤدي قرار الجامعة العربية فعلا إلى عزلة نظام بشار الأسد، وكيف سيكون رد فعل النظام السوري حياله؟
من المؤكد أن هذا القرار هو بداية لعزلة النظام السوري عربيا قبل عزله دوليا. ولا أتوقع أي رد فعل من النظام السوري، فإما أن يستوعب هذا القرار ويبدأ في التجاوب، أو يرفض ويواصل التمسك بمواقفه التقليدية. وهنا، قد يصل موقف الجامعة العربية إلى درجة طلب التدخل الدولي على غرار ما جرى في ليبيا.
ما هي الأوراق التي بقيت في يد النظام السوري لإخراج نفسه من هذه العزلة؟
أعتقد، أنه لم يعد بيد النظام السوري أي أوراق، فكما ذكرت، هو أمام خيارين إما التجاوب مع المبادرة العربية وبذلك ستكون عملية تهدئة. أما إذا واصل تعنته، فأرى أن التدخل الدولي سيجد طريقه إلى سوريا كما هو الشأن بالنسبة لليبيا من قبل.
وهل تعتقدون أن النظام السوري سيواصل تشدده أم أنه سيتجاوب مع المبادرة العربية مُكرهًا؟
اعتقد أن دراسة ردود فعل الرئيس السوري في الفترة الماضية، تقول أنه سيواصل التشدد وأنه لن يتراجع عن الموقف الذي اتخذه للأسف الشديد.
استمرار الاحتجاجات في شوارع المدن والبلدات السورية احتجاجا على قمع الجيش السوري
للمتظاهرين
ستجتمع جميع أطراف المعارضة السورية في مقر الجامعة العربية خلال الأيام الثلاثة القادمة، وسينظر مجلس الجامعة في نتائج اجتماعها قبل أن يتخذ القرار بشأن الاعتراف بها. هل تعتقدون أن المعارضة السورية جاهزة للحديث بصوت واحد أم أنها ستكون عرضة لانقسامات؟
ستكون المعارضة السورية معرضة لانقسامات، بل هي مقسمة فعلا، ورأينا ما تم أمام مقر الجامعة العربية من تراشق بين أجنحة المعارضة السورية، وهذه قصة أخرى سيسعى الرئيس السوري بشار الأسد لاستغلالها في الفترة القادمة.
ماهو شكل هذا الاستغلال؟
سيحاول بشار الأسد أن يفتح قنوات الاتصال مع أحد أجنحة المعارضة السورية الأقل تشددا، ويبدأ في استقطابه بوعده بإصلاحات وتغييرات جذرية. وإذا تأتى له ذلك، أعتقد أنه سيتمكن من إحداث شرخ في وحدة صف المعارضة السورية الغائبة حتى الآن.
تحدثتم عن إمكانية التدخل الدولي في سوريا كما كان الحال عليه في ليبيا، ما هو السيناريو الذي تتوقعونه بشأن سوريا؟
اعتقد أن الرئيس السوري بشار الأسد سيواصل تشدده، وستضطر الجامعة العربية في الأخير، وبعد طول صبر، أن تطلب من المجتمع الدولي التدخل لتوفير الحماية للشعب السوري، كما سبق وطلبت هذه الحماية للشعب الليبي.
أجرى الحوار: عادل الشروعات
مراجعة: منصف السليمي
المصدر