المجلس الاستشارى ...
عندما يتاجر الانتهازيون بدماء الثوار !!
بقلم د . رفعت سيد أحمد
* ها هى النخبة تخون مجدداً ثورة التحرير ؟
ها هم المثقفون والساسة الأكلون على كل الموائد ، يعودون ثانية ليأكلوا على مائدة المجلس العسكرى ، ولكن هذه المرة تحت لافتة المجلس الاستشارى ؟ .
* نفس الوجود التى جلست إلى حسنى مبارك ونفذت أوامره وأعطت لاستبداده شرعية ثم جلست مع عمر سليمان لقتل الثورة عشية انطلاقها باسم مجلس الحكماء (هل تتذكرونه ؟!) ، هى نفسها الوجوه التى أتت اليوم وباسم (المجلس الاستشارى) ، لتحصد ثمار الدم ، دم الشهداء الـ 800 فى ثورة يناير ودم الـ 45 شهيداً من ثوار التحرير فى شارع محمد محمود ، جاءوا ليقطفوا الثمرة بسرعة وتكالب تعودوا عليه واعتدناه منهم ؛ رغم أنها ثمرة حرام ، وشديدة المرارة ، ومع ذلك يصرون على قطفها ، وأكلها سحتاً ، وكأنهم يأكلون لحم أخيهم ميتاً فكرهناهم تماماً مثلما وصفهم القرآن الكريم ، وللحق هم ليسوا سواء فبعضهم ممن يعدون على أصابع اليد الواحدة ، ذهب بدافع وطنى ثورى يريد الإصلاح ، ولكن أغلبهم ، كانوا طامحين فى المناصب والمواقع حتى ولو كانت حرام ، وبدماء الشهداء !! .
* وبدون استطراد فى حكاية أعضاء المجلس الاستشارى الذى أقره المجلس العسكرى دعونا نقل الآتى عله يفيد :
أولاً : بعد موقعة 19/11/2011 وأسبوع الدم والشهادة فى شارع محمد محمود ، طُرحت فكرة تكوين (مجلس استشارى) ، من ثوار التحرير (بالأساس) ومعه حكومة (إنقاذ وطنى) يرضى عنها أولاً أسر الشهداء والجرحى من أبناء ثورتى يناير ونوفمبر ؛ وتلقى قبولاً من كافة ألوان الطيف السياسى فى البلاد ، كان المطلبان شديدى النبل وكانت عملية الاستجابة الصحيحة لهما من قبل المجلس الأعلى للقوات المسلحة كفيلة بإطفاء نيران الأزمة التى أشعلها بطريقته الخطأ فى فض اعتصام أسر الشهداء ، إلا أن الاستجابة جاءت مخيبة للآمال تماماً، حيث الحكومة التى اختيرت برئاسة الجنزورى ، ليست حكومة إنقاذ بل حكومة تحتاج إلى إنقاذ ، حكومة من زمن الرئيس المخلوع وبنفس فلسفته فى العمل ، ومن الطبيعى أن تلقى رفضاً وربما تلقى غداً مظاهرات مليونية تطالب بإقالتها .
ثانياً : نفس العلاج والاختيار السىء،تم مع ما يسمى بالمجلس الاستشارى ، وإذا بنا أمام نخبة تنتمى فى أغلبها (لأن هناك للأمانة ثلاثة أو أربعة من الشخصيات المحترمة من واقع 35 شخصية) إلى زمن حسنى مبارك سناً وسلوكاً وأخلاقاً ، وعلى سبيل المثال هل رجال فى عمر وعقل منصور حسن وعبد العزيز حجازى أو أحمد كمال أبو المجد أو عمرو موسى وغيرهم ، جديرون بأن يمثلوا شباب 25 يناير ومطالبهم فى الحرية والعدل والكرامة ؟ هل رجل مثل (نجيب ساويرس) كون ثورته ومجده بفضل النظام السابق ، بإمكانه أن يقدم مشورة (للعسكر) تعبر عن (ميدان التحرير) ؟ هل رجل مثل د. سليم العوا الذى لازلت أحبه وأحترمه وأتمنى من كل قلبى أن يعتزل كل هذا السيرك السياسى الذى أدخل نفسه فيه بدون تخطيط جيد،هل رجل مثله بدأ فكره وسلوكه السياسى يتصف بالتحولات والفتاوى المتغيرة والمتفجرة، هل – مثله - لايزال يمثل ثورة التحرير فى أوجها كما كان عندما رأيناه فى الأسبوع الأخير من الثورة ؟ هل يجوز أن يكون أكاديمى لا علاقة له بميدان التحرير مثل د.معتز عبد الفتاح الذى تعلم فى واشنطن وعمل مستشاراً سياسياً لحكومة عصام شرف المطرودة وكل علاقته مع الثورة هى إطلالته على شاشة قناة التحرير وكتابة عمود يومى هزل المستوى فى صحيفة الشروق ؟ هل مثله جدير بأن يمثل الملايين التى خرجت تطالب بالعدل والحرية والكرامة ؟ وقس على ذلك عشرات الأسماء التى أتى بعضها لمجرد أنه كان يظهر فى الفضائيات أكثر من غيره (تخيلوا !!) ثم دعونا نسأل : هل المعايير والطريقة التى جرى بها اختيار أعضاء المجلس من المعارف والأصحاب تصلح لإنشاء مجلس استشارى للإنقاذ الوطنى فى لحظة التحول الثورى تلك (رجاء قراءة مقال د. منار الشوربجى فى المصرى اليوم 7/12/2011 عن طريقة اختيارها لعضوية المجلس الاستشارى) لنعلم كيف تمت عملية اختيار أعضاء المجلس ، وأن الأمر كله كان من باب (الوجاهة) حتى ولو على دماء الشهداء !! .
* إذن ..
* نفس الأزمة تتكرر ؛ سوء فى الاختيار ، وتأخر فى القرار ، مع بطانة سوء تحيط بالمجلس العسكرى ، فيتخذ قراراته الخطأ ، لتنتج احتجاجات جديدة ، وهو ما سيحدث حتماً ، نتيجة هذه (الحكومة) وذلك (المجلس الاستشارى) الذى جاء على جثث الشهداء ، ودماءهم ، فلم يكن فى مستواها ، بل ركب عليها وتاجر بها ، وإذا أضفنا إلى سوء الاختيار هذا وبطانة السوء من تجار الدم ، تلك ، نتائج برلمان (الوهابية الجديدة) فإننا وبكل أسف ، نقول أن مصر ذاهبة إلى حالة من التيه السياسى ، والفوضى ، يليها حتماً ثورة جديدة وهذه المرة ليست ضد العسكر وبطانة السوء فحسب من حكومة ومجلس استشارى ، بل ضد (البرلمان) ، والنخبة الجديدة التى طفت على سطح الثورة كالسمك الميت ، ترى هل نقرأ الغيب ؟ لا أظن ، ولكنه الواقع المر الذى لا يؤدى إلا إلى هذه النتيجة . والله أعلم .
E – mail : yafafr@hotmail.com
مع تحياتى - سيد أمين
شاعر وصحفى عربى مصرى