عبد المالك حمروش المدير العام
عدد المساهمات : 5782 تاريخ التسجيل : 26/02/2010 الموقع : https://elsoumoudelcharif.ahlamontada.com
| موضوع: قصة امرأة مع اللواء حسن مخلوف رئيس أمن الدولة وطواحين أمن الدولة! الأربعاء ديسمبر 14, 2011 1:25 am | |
|
قصة امرأة مع اللواء حسن مخلوف رئيس أمن الدولة وطواحين أمن الدولة! قبل هذا التاريخ لم أكن أدرك معنى طواحين الهواء
دخلت من بوابة دمشق أحمل حقيبتي التي فيها بعض الملابس والأوراق التي ستجعلني موظفة في الإدارة العامة للبنك الصناعي, وتم تعييني في قسم التسليف. وضعت حقيبتي في المنزل الصغير الذي استأجرته وصديقتي في إحدى ضواحي دمشق وانطلقت إلى العمل الذي كنت أعتقد أنه سيكون ملاذا آمنا لي من الحاجة. في الأسبوع الأول من عملي في البنك كنت أحاول تعلم لغة المصارف والمال والشيكات وكيفية دراسة القروض للمشاريع الاقتصادية والتي يفترض أن تكون مشاريع تنموية وطنية. مرّ الأسبوع الأول بسلام إلى أن جاء شخص يدعى (أبو علاء) ودخل مكتب التسليف وجلس على الكرسي الذي كان قرب طاولتي.
لم يتبادر لذهني إلا أن (أبو علاء) والذي لم أكن أعرف اسمه في تلك اللحظة سوى متعامل من متعاملي البنك جاء لإتمام أوراقه أو ما شابه. إلا أن الملفت في الموضوع أن معظم موظفي البنك بدؤوا يتوافدون لإلقاء السلام والتحية على أبو علاء والذي أشيع عنه أنه مدير مكتب اللواء حسن خلوف بـأمن الدولة. بقيت إشارة الاستفهام معلقة حول وجوده على طاولتي إلى أن قال لي: - بدنا ياكي تزورينا قلت: زوركن ..؟؟ وين..؟؟ قال: بأمن الدولة ضاعت مني اللغة وأنا أحاول فهم جوابه الأخير.. هززت رأسي وكأني لم أسمع ولم أستوعب .. قلت: وليش بدي زوركن بأمن الدولة..؟ قال: لتشربي قهوة.. قلت: بس أنا ما حب القهوة ضحك ضحكة ساخرة وقحة قائلا: رح تحبيها. قلت: ليش بدي روح.. أنا متهمة بشي..؟ همس بلهجة آمرة: بلا كتر حكي.. لما بدنا حدا يجي بيجي بدون تفكير قلت: معناها جبلي مذكرة استدعاء رسمية .. ضحك مهددا: رح تجي بلا ما ابعتلك دورية تشحطك.. وبعدين معلمي حابب يشوفك أجبته باستغراب: معلمك؟؟ مين معلمك؟ قال: سيادة اللواء حسن خلوف.. بكرة الساعة سبعة المسا بتكوني عنا نهض دون أن يترك لي مجال للرد .. وأثناء غيابه انتبهت إلى المسدس الذي أشرعه في وجهي مودعا. أربع وعشرون ساعة مرت وأنا لا أدرك جوابا للقلق الذي لبس أطرافي. الساعة السابعة إلا خمس دقائق في التكسي أعد نبض قلبي الذي فاق خوفي، قبل ذهابي لأمن الدولة كنت قد حصّنت نفسي بإخبار بعض الأصدقاء الموثوقين عن مكان ذهابي. قبل وصولي إلى فرع أمن الدولة رن هاتفي المحمول .. الرقم غريب.. فتحت الخط لأسمع صوت أبو علاء يخبرني أنه علي الدخول باسم وهمي وأن العسكري الذي يقف على الباب سيقودني إلى حيث يجب. في غرفة الحراسة التي تقع على الباب الرئيس لأمن الدولة تم أخذ هاتفي المحمول و تفتيشي، بعدها قادني العسكري إلى أحد المباني لأنتظر في مكتب أبو علاء، جلست قرابة الساعتين لا أدرك ما الذي ينتظرني، عاد الساعي بأكثر من فنجان قهوة، وبعد مرور مئة وعشرون دقيقة كنت أعدهم وأنا أعلق نظري على ساعة الحائط، وكأني أحاول ابتلاع الزمن البطيء، دخل (أبو علاء) وكأنه بدخوله قد غير مسار حياتي كاملة. بدأ يسألني أسئلة لا معنى لها وأغلب الظن أنه يدرك إجابتها، قاطعته بسؤالي عن سبب وجودي في مكتبه. قال: بدنا ياكي تتعاوني معنا قلت: بشو؟ قال: نحنا منعرف عنك كلشي ومنعرف وضع أهلك.. وأنو ظروفك المادية صعبة لهيك حابين نتساعد سوى، مطلوب منك شي بسيط.. بدنا ياكي تجيبيلنا رقم المتعاملين أصحاب القروض الكبيرة ورقم اضبارتهن وتاريخ تسجيلها بالديوان. أدركت أنه يريدني أن أسرب له معلومات قد تفيده في الضغط على المتعاملين بتأخير قروضهم وتعطيل مشاريعهم التي تؤدي بالمتعامل إلى عرض الرشوة الكبيرة عليهم أو قد تؤدي إلى مقاسمتهم المشروع. رغم أن إجابتي كانت الرفض القاطع، إلا أنه لم يستمع وتابع حديثه محاولا استمالتي إلى الموافقة وإغرائي بمبالغ مالية قائلا: نحنا منعرف أنك ساتأجرتي بيت وأنو الأجار غالي والراتب ما بيكفيكي.. لهيك نحنا رح نسجلك على بيت بجمعية قدسيا ورح يطلعلك راتب شهري مننا مية ألف .. ومو ضروري تلتزمي بالدوام الرسمي .. فيكي تنزلي على شغلك وقت اللي نحنا منطلب شي منك… ضحكت مؤكدة على رفضي وقلت: أنا ما بدي أتعلم واحد زائد واحد قديش يساوي.. أنا جيت عالشام بعرف بكتب أدب وهيدا طموحي. بحركة سريعة سحب من تحت طاولة المكتب كيس قمامة أسود كان قد وضع فيه بضعة ملايين من الليرات فتح الكيس أمامي قائلا: أدب..؟؟ أنت وشك وش فقر.. شايفة هالمصاري ..؟؟ رح يكون إلك حصة فيها وتعيشي مرتاحة وتجيبي اللي بدك ياه.. فيكي تشتري البشر بهالمصاري مرت دقائق صمت بيننا منتظرا مني رد فعل ثم رفعت رأسي وقلت: أنا ماني للبيع.. ضحك بشكل استعراضي وهو يفتح درج المكتب ويخرج هاتف محمول ليقوم بالضغط على بعض الأزرار قائلا: بالنسبة لموضوعنا أنا لاقيتلك حل في طبيب شاطر رح يساعدك.. سألته: موضوعنا.. طبيب.. ما فهمت عليك؟ قال: لا تخافي ما حدا رح يعرف أنك حامل.. لم أدرك ما الذي سمعته .. وكأن قضبانهم ارتفعت وغرزت روحي .. تجمد الدم في عروقي وهو يتابع حديثه بقذارة قال: أنا حكيت مع الدكتور ورح يعملك عملية إجهاض.. وكأنه بجملته الأخيرة أجهض ثمانية وعشرون عاما من عمري .. في تلك اللحظة نسيت معنى كلمة خوف .. صار الغضب صوتي .. صرت كمن يريد تجسيد لغة الموت في جسد من أمامي .. ربما كنت قادرة لحظتها على ارتكاب جرم بجسده التافه. نهض من مكتبه وبداء يمشي في المكتب وهو يطرق بكعب حذائه على الأرض قائلا: بتعرفي شو في تحت رجلي.. ؟ لم أجب.. تابع كلامه بنبرة تهديد:… هون مندفن البشر.. هون المعتقلين السياسيين.. ومن هون الله ما بيقدر فيني خليكي وحدة منهن .. وما حدا فينو يعرف مكانك..؟؟ اختلطت تهديده بدموعي التي لم أستطع حبسها فبدأت أقاطعه بصراخي الذي تحول إلى شتائم وحالة هستيرية من فقدان السيطرة على نفسي: أنت سافل .. حقير … عديم الإنسانية .. أنت بلا شرف .. رن الهاتف على مكتبه سحب السماعة ورد بجمل قصيرة ومقتضبة.. نعم سيدي .. أمرك سيدي .. حاضر سيدي.. أغلق الهاتف قائلا: سيادة اللواء بدو يشوفك.. أثناء خروجي من مكتبه همس بأذني محاولا تغيير نبرته : لا تخبري سيادة اللواء عن حديثنا.. وهي مبلغ صغير تركيه معك.. أخرج من جيبه مبلغا وحاول وضعه في حقيبتي فما كان مني إلا أن أبصق في وجهه قبل دخولي إلى مكتب اللواء.. دخلت المكتب وعلى وجهي ملامح لا قدرة لي على وصفها. نظر إلي اللواء باستغراب وكأنه لا يعلم ما الذي واجهني في المكتب المقابلة له، بدأ يتساءل عما حدث لي، فأخبرته بكل التفاصيل التي حدثت. بدا عليه الغضب ومد يده على الجرس قربه .. لحظات ودخل أبو علاء وبدأ بينهما حديث يثير الاشمئزاز، وكأني في عالم آخر .. أو أن اللغة قد هربت دون سابق إنذار. اللواء:ولا حيوان شو بتشغل أنت.. أبو علاء مطأطئ الرأس: سائق سيدي .. لم أصدق ما أسمعه.. فكل من كان في الإدارة العامة كان يعتقد أن أبو علاء هو مدير مكتب اللواء كما عرف عن نفسه للجميع.. تابع اللواء حديثه دون أن ينسى الشتائم: ولا سافل شو بتشتغل كمان.. أبو علاء: شو ما بدك سيدي.. اللواء: تعال مسحلا كندرتا.. اقترب أبو علاء يريد مسح حذائي.. بحركة لا شعورية خبأت قدمي تحت الكرسي ونظرت إلى اللواء قائلة: مابدي يمسحلي شي.. بدي يطلع من حياتي ويتركني بحالي.. اللواء: عم تهددا يا ابن ال……… والله لعدمك حياتك … انقلع من وشي … حسابي معك بعدين خرج أبو علاء من المكتب .. وبدأت محاولات اللواء لطمأنتي بأنه لن يمسني بسوء .. وأني تحت رعايته وحمايته .. وأعطاني رقمه الخاص في حال احتجت إلى شيء مدعيا أنه أب روحي لي في دمشق وأنه بمثابة والدي البعيد عني مئات الكيلومترات.. مرّ اليوم بالكثير من الانهيارت ولم أعرف طعم النوم أو الراحة. في اليوم التالي دخلت من باب الإدارة العامة للبنك الصناعي فاستقبلني سكرتير المدير العام بقرار تعسفي صدر في حقي .. وكان القرار يتضمن إحالتي للتحقيق.. وإيقافي عن العمل .. دون تبين الأسباب، وعلى السكرتير تعميم هذا القرار على كافة فروع البنك الصناعي في سوريا..فخطر لي أن أبو علاء قد أراد الانتقام لنفسه، فما كان مني إلا أن أسارع بالاتصال برقم اللواء الشخصي وأخبره عن القرار، طمأنني اللواء بأن الموضوع سيحل في دقائق وبأنه سيتصل بالمدير العام لمعرفة أسباب هذا القرار. أغلقت هاتفي المحمول وأنا ألعن في داخلي الوظائف الرسمية وقذارة أبو علاء والزمن الرديء.. رن الهاتف على مكتب السكرتير الذي رد وتبين من مكالمته أنه يخاطب اللواء .. فنهض من على الكرسي دون أن يشعر وبدأت لهجته بالارتباك وظهر عليه الخوف.. لم ينطق بكلمة .. وحين أغلق السماعة نظر إلي قائلا: ( ليش ما قلتيلنا أنو اللواء بيقربك.. رح يقصف عمرو للمدير العام) جاءت دموعي مطرح الإجابة التي اختنقت في حلقي.. عاد واتصل بي اللواء قائلا: رجعي عالبيت.. وبكرة روحي لعند المدير العام وهو رح يتصرف. في اليوم التالي دخلت إلى مكتب المدير العام الذي استقبلني بترحيب غير معهود .. وطلب لي فنجان قهوة .. ثم ابتسم بوجهي معاتبا: ( الله يسامحك .. هيك بتشكينا للسلطات العليا ..؟؟) سألته: فيني أعرف شو سبب القرار.. أجاب: مو لأعرف أنا..؟؟ اتصل فيني أبو علاء وقلي طلع القرار.. ضحكت بدل البكاء ساخرة وقلت: أبو علاء .. سائق عند اللواء .. غريب كيف سائق بيتحكم قرارات حكومية.. ارتبك محاولا تغيير الموضوع فسألني: شو المطلوب.. تكرم عينك.. قلت: بدي انتقل على فرع الحريقة.. مرّ الأسبوع الأول وأنا أتابع عملي في الفرع، معتقدة أن المشكلة قد حُلّت.. وما لبث أبو علاء أن بدأ يتردد على فرع الحريقة متعمدا إزعاجي بنظراته الحاقدة .. اتصل اللواء بعد مرور عشرة أيام مدعيا أنه يريد أن يطمئن على وضعي، وأخبرني أنه يريد لقائي في أمن الدولة للمرة الثانية، حاولت الرفض إلا أنه طمأنني بأن زيارتي لا ريب فيها وبأنه يريد إخباري بأمر هام، توجهت لأمن الدولة وللمرة الثانية على التوالي دخلت باسم مستعار ولكن هذه المرة على مكتب اللواء حسن خلوف مباشرة، والذي أخبرني بأنه وجد لي شقة مفروشة فاخرة ويريدني أن انتقل إليها، أخبرته بأني أقيم مع صديقتي وبأننا لسنا بحاجة لتبديل المنزل، ضحك قائلا بأنه يريدني أن أستقل عن صديقتي وبأنني سأبقى تحت حمايته ، وبأني ولست ملزمة بدفع أجرة المنزل، واضاف على حديثه أنه سيخصص لي راتب شهري كمساعدة وكي لا أحتاج أحد. بدأت أشعر بالاختناق وبأنه علي الهرب من دمشق التي اعتقدت في لحظة ما أنها بوابة الحلم خرجت والرفض كان جوابي الذي تركته يرن في مكتب اللواء، مشيت لأكثر من ساعتين في الشوارع أبحث عن معنى لكلمة (أمان) فلم أجد. في تلك الفترة كنت قد سعيت وراء مكان شاغر في وزارة الثقافة، وقمت بتقديم طلب نقل للإدارة العامة، فجاء الرد بعدم الموافقة، حاولت أن أقدم طلب آخر للندب، عاد الآخر موَّقع بعدم الموافقة. بعض زملائي حصلوا على قروض يمنحها البنك للموظفين، بينما تم رفض طلبي لأسباب لم أعد أجهلها.. وحين ضاقت بي المؤسسات الحكومية قررت أخذ إجازة وما كان من إدارة البنك إلا الرفض، وقفت أتمعن بكم الحقوق التي تم رفضها وكأنهم يضيقون الخناق حولي ويريدون محاصرتي، أو الرضوخ لضغوطاتهم وفسادهم الذي بات لا يطاق. فبدأت أتغيب عن العمل بشكل غير قانوني ، إلى أن تم فصلي من العمل.. مرت الشهور بسلام إلى أن جاء التاريخ الذي أعتقد أن كل السوريين يذكرونه 12 شباط 2008 تاريخ اغتيال عماد مغنية، كنت أجلس ومجموعة من الأصدقاء في الحادية عشر ليلا نتابع أخبار الاغتيال بقلق شديد، جاءت رسالة على هاتفي المحمول ، فتحتها وبدأت اقرأ.. ولم أصدق ما قرأت، تجمد الكلام في حلقي، كانت رسالة من اللواء حسن خلوف قد كتب بها( أنا معجب فيكي وهذا ليس طلب إنما (…..) أنتظر موافقتك الآن وبسرعة) على الرغم من أن عملية الاغتيال قد تمت بكفر سوسة ومقر أمن الدولة يقع بكفر سوسة .. نظر إلي الأصدقاء مستغربين ملامحي فقلت: هاد حسن خلوف.. قال أحد الأصدقاء: ردي لنشوف شو بدو.. فتحت الخط فجاء صوته باردا آمرا: كيفك أنا: الحمدلله اللواء: ليش ما رديتي على رسالتي أنا: عفوا عمو .. ما بعرف شو بدي قلك .. بس أنا بعتبرك اب روحي .. وحطيت احتمال أنك بعتت الرسالة للرقم الغلط اللواء: أنا ما بغلط.. هاد أولا .. تانيا بدك تنسي كلمة عمو .. تالتا.. مارح تطلعي خسرانة. خرج الهواء من رئتي .. وأصبح العالم فارغا من البشر.. لم أدرك ما الأسلوب الذي علي أن أبعده به عني فقلت: لساتني مصرة على أنك مخطئ بالرقم.. وما بدي مين يحميني .. قطعت الاتصال .. عيناي اللتان اعتادتا على طعم الملح تعلقتا على باب المنزل منتظرة دخول دورية بأي لحظة تعتقلني بتهمة إغلاق الخط بوجه اللواء. علمت أني لم أكن سوى رقم للتداول فيما بينهم ليتقاسموه.. رقم يحاولون إغواءه ومن ثم الضغط عليه وتهديده ليصبح جاهزا كأداة في المؤسسات الحكومية في الصباح وغانية على فراش اللواء في المساء تركت العمل بشكل نهائي غيرت رقم هاتفي وعنوان منزلي وحتى الشوارع التي كنت أسير بها ودخلت بعزلة أحاول إعادة ترميم الأحلام التي سحقتها طواحين أمن الدولة..مصرة على أني لست خاسرة في معركتي مع الطواحين .. اليوم .. وبعد كل ما جرى.. صرت أشتم رائحتهم على بعد مئات الكيلومترات ، وأصرخ في وجوههم لست منكم ولستم مني .. لستم أبناء سوريا .. أنتم فقط جثث تفوح قذارتها من مكاتبها. المصدر | |
|