عبد المالك حمروش المدير العام
عدد المساهمات : 5782 تاريخ التسجيل : 26/02/2010 الموقع : https://elsoumoudelcharif.ahlamontada.com
| موضوع: ظاهرة النت عند المدونين العرب الأربعاء فبراير 22, 2012 2:43 pm | |
| ظاهرة النت عند المدونين العرب
عبدو المعلم الأسبوع أونلاين : 03 - 01 - 2011 أقصد علي وجه الخصوص المواقع العامة, والمبادرات العادية إن صح التعبير, وذلك تمييزا لها عن المواقع والمنتديات وحتي المدونات المتخصصة التابعة لكبار العلماء والكتاب والمفكرين والمبدعين أو لهيئة من الهيئات الكبيرة والتي بالطبع لها روادها الكثر الذين ينشدون ما تروجه من إعلام أوعلم ومعرفة أو أشياء أخري من مبيعات وغيرها, تلك مواقع ذات شهرة كبيرة وإمكانات مادية ومعنوية ضخمة ومن ثم فهي ناجحة ومنتشرة بالضرورة, ولا حاجة بها إلي النضال من أجل إثبات الوجود فالكل ينشد ودها ويريد الاستفادة منها أو يتمني الإشهار لديها إن كان من أصحاب الصناعة والتجارة والخدمات ذات المستوي الرفيع والتي تبحث عن مزيد من الرواج والشهرة, أريد أن أقول بأن ما أقصده هو مواقع شبيهة بمنتدياتنا هذه التي تتخذها جماعة من المدونين وسيلة للتعبير عما تؤمن به رغبة منها في المساهمة قدر المستطاع في ترقية الوعي العام والنضال بذلك من أجل انتشال أمتنا المجيدة من الوضع المهين الذي سقطت فيه في هذه الآونة الأخيرة خاصة, فضلا عن منوعات أخري تروجها هذه المواقع من أجل إرضاء كل الأذواق قدر الإمكان واستجابة لميول بعض أعضائها وزوارها. مثل هذه المواقع العامة تشكل مبادرات هامة من شأنها التعبير عن وجهات نظر العاديين من الناس وهم الأغلبية العظمي من أفراد المجتمع الذين يشكلون التعداد الأساسي فيه ومن ثم يتحكمون في مصيره فكما يكونون يكون حاله ومآله لذلك فالتحدي يكمن في ترقية وعي هذه الشريحة الأساسية ذات الأغلية الساحقة في مجتمعها. كما أود أن أعبر بهذا الالتزام المتمثل في مقال أسبوعي عن رغبة كبيرة في أن يفعل بعض أعزائي من الأعضاء نفس الشيء ليكون لنا في البداية مقالا أسبوعيا كل يوم, يعني المطلوب الآن كما أتمني ستة متطوعين آخرين لنضمن مقالا يوميا طوال الأسبوع لمنتدياتنا الواعدة, وقد اخترت هذا الفضاء منتدي التعارف الذي فتحناه رغبة في ممارسة الحوار والنقاش والتعارف من خلاله لكنه للأسف الشديد لم يستقطب أي مشاركة لذلك أردت أن يكون فضاء لأهم المشاركات المقال الأسبوعي فهل من سائر في هذا الطريق مشكورا معي؟؟؟ بعد هذا التمهيد الواجب أقول بالطبع لا يمكن الخوض في هذا الموضوع بالدقة المطلوبة دون الاعتماد علي إحصائيات معتمدة ونزيهة, أقصد موضوع التدوين عامة وأخص بالذكر منه ذلك الذي تقدمه المواقع والمنتديات العامة مثل هذه التي نتخذ منها فضاء لمشاركاتنا وتدويننا لكن هذا الشرط يصبح غير ضروري عندما لا نتغيأ في حديثنا الناحية الإحصائية البحتة والتحليل انطلاقا من معطياتها بمعني أنه بإمكاننا أن ننطلق من بعض الملاحظات الميدانية الناجمة عن الممارسة العادية للقيام بتحليل يهدف إلي التفسير النظري العام الذي يمكن أن يكون منطلقا للتحليل الإحصائي وما يترتب عنه من تحليلات ذات منحي كمي خاصة, بالإضافة إلي بعض الاستنتاجات ذات الطبيعة العملية لاستخدام النت في مجالات البحوث والدراسات والتخطيط والعمل وغيرها من الاستعمالات العملية أود أن أقول انطلاقا من ملاحظاتي الميدانية العابرة أن استعمال النت يشهد في عالمنا العربي انزلاقات وتبذير كبير للجهد والوقت والمال دون عوائد مبررة لذلك التبذير, فالملاحظ أن أكثر المواقع جلبا للاهتمام والاشتراك هي تلك التي لها علاقة بالشات والتي تفوح منها رائحة الجنس الحقيقي أو الكاذب وغالبا ما يكون هذا الأخير هو الغالب, لأن مثل هذه المواقع يهمها أن تحصل علي أموال من مشتركيها 'وغيرهم مثل الدعاية والإعلان والإشهار' عن طريق الإغراء بأساليب متنوعة تعتمد علي الإثارة والخداع, وكون الشباب العربي خاصة يعاني من ظاهرة الجوع الجنسي الرهيب, فيزيدون علي معاناته جره بأساليبهم البراقة وراء سراب لا ينفع إلا في الاستيلاء علي ما في جيبه وإلهاب حاجته الجنسية الفتاكة أكثر مما هي مشتعلة . وتبقي المواقع الأخري العامة والجادة شبه مهجورة. نعم أقول إن أغلب الضحايا من الشباب, لكن هناك الكثير من الكهول والشيوخ ممن يقعون بين براثن هذه الكائنات الفضائية المفترسة, التي تدرك تماما أن الإنسان العربي أو تحديدا الرجل العربي يظل يكابد أزمة المراهقة ما دام حيا في أغلب الحالات لأسباب يطول شرحها في هذه العجالة, والتي تتلخص في الحرمان الجنسي النابع أساسا من الجهل الجنسي والإصرار علي هذا الجهل فرديا وجماعيا بمنع التربية والثقافة بل العلم الجنسي عن التداول العلني الصحيح والمبرمج والمدروس والمخطط بدقة, وقد يفعلون ذلك باسم الدين وهو منهم براء, فلا علم مهما كان موضوعه إلا وكانت مكانته من الدين الوجوب والفرض العيني علي كل مسلم ومسلمة, ومن زعم غير ذلك فليقدم حجته الدامغة ونكون له من الشاكرين. نعود بعد هذا الاستطراد إلي القول بأن المواقع الجادة تبقي علي الأقل تعاني من قلة حضور مشتركيها وضعف تفاعلهم وشبه انعدام العلاقات والتواصل بينهم, حيث يكتفي من يلتزم منهم معنويا ومبدئيا وأخلاقيا بمنتداه بالدخول وربما التعليق بكلمات قليلة وأحيانا بكلمة واحدة علي موضوع لا لأنه أقنعه أو اجتذبه ولكن لأنه فقط يريد التخلص من واجب ثقيل, وهكذا نجد تلك المواقع لا تعمر طويلا وتختفي إلا أن القائمين عليها يصرون علي البقاء غير أن إصرارهم يشرع في التلاشي والاضمحلال التدريجي متي يئسوا واقتنعوا بأن التطور الكمي والنوعي في المشاركات غير ممكن. وإن هم أصروا علي البقاء فإنما يفعلون ذلك ربما من باب الأمل والثقة في المستقبل أو ربما علي الأرجح لأنهم يتخذون من موقعهم أداة شخصية للتعبير علي غرار المدونات هم ومن معهم من الفئة القليلة الملتزمة كل منهم يعتبر نفسه في مدونة شخصية له ويواصل العمل علي هذا الأساس وينسي نهائيا مسألة المشاركات الكثيرة والتواصل والتفاعل والحوار والنقاش. وفي الحقيقة أن أصحاب المواقع والمنتديات لا يتعبون أنفسهم كثيرا في البحث عما يجتذب الزوار والمشتركين أو الأعضاء وما يثير لديهم الرغبة في التواصل والتفاعل والمساهمة الجادة بالتدوين والتعليق علي ما يدونه غيرهم من الأعضاء والعيش في جماعة متضامنة متفاعلة تهدف إلي ترقية أعضائها والمساهمة قدر إمكانها في رفع الوعي لدي أفراد شعبها وأمتها بل والإنسانية جمعاء, وبالطبع فإن غياب الرؤية الواضحة والأهداف المنشودة والمنهجية الصارمة يؤدي إلي فقدان الجاذبية لدي الزوار وحتي الأعضاء فينطلقون ثم ينكسرون وفي النهاية يغادر أغلبهم كليا أو جزئيا وعندما يتذكر موقعه أو منتداه يدخل ربما بعد طول غياب لكنه يصطدم مرة أخري بالسراب الذي يلف المكان فيعيد الكرة راحلا مؤقتا أو نهائيا. ذلك في الحقيقة ربما أن الهيئة التي فتحت الموقع وتصدت لتسييره وتنشيطه لا تملك مشروعا أو أنها ضعيفة الكفاءة أو عديمتها فلا تستطيع بالطبع أن تمارس ما يرضي الناس ويشوقهم ويغريهم ويجذبهم جذبا قويا وطبيعيا إلي الموقع. وخلاصة القول في هذه العجالة هي أن كل من هب ودب من الأشخاص يبادر إلي فتح موقع ويظن أنه سيكون محل إعجاب الكثير من الناس لا لشيء إلا لأنه يتمني ذلك مجرد أمنية, لذلك أصبح الميدان عبارة عن فوضي عارمة, وربما أن نسبة ضئيلة من المواقع والمنتديات هي وحدها الجديرة بالوجود والاستمرار وغالبا ما نجدها في الواقع تحقق النجاح تلو الآخر ويصبح لها رواد كثيرون, وإنه من الصعب مراقبة هذا الوضع وترقيته كون الممارسة علي الشبكة العنكبوتية حرة وسهلة ولا تكلف الناس شيئا ولذلك تجدهم يفتحون المواقع دون أن يفكروا في مصيرها أو إمكان استمرارها نشطة, ولأن الاستمرار الجاد صعب بسبب ميل الناس الطبيعي إلي نسيان مشاكلهم الحياتية في اللهو واللعب فيندفع بعضهم إلي فتح مواقع الشات أوالدردشة للشباب حيث يلتقي الجنسان ويتصرفون بحسب قناعتهم وقد تزل أقدامهم إلي ما لا تحمد عقباه دون اكثرات من أصحاب هذه المحلات الذين لا يهمهم سوي مكاسبهم المادية بأي طريقة وبأسرع ما يمكن. يبقي السؤال ملحا: هل بالإمكان السيطرة علي هذا الوضع الفوضوي وتنظيمه ومراقبته؟؟؟ بل وتوجيهه إلي الممارسات الملتزمة المفيدة للبلاد والعباد؟؟؟ أمر لا ريب في غاية الصعوبة وليس من المستحب أن تتدخل فيه الحكومات لخنق الحريات الواعدة التي جاءت مع النت والتي بإمكانها أن تصلح حال الشعوب والأمم بسبب قمعها للسياسيين المنحرفين الذين لا يبحثون عن خير شعوبهم ولا يهتمون إلا بمكاسبهم وبذخهم وجبروتهم. وإذن هل يمكن إصلاح هذا الشأن المضطرب بتوجيه من جهة موثوق بها وقادرة علي فرض الطاعة علي الجميع من أجل فائدتهم الشخصية والأسرية والاجتماعية؟ هل يمكن استعمال ميثاق أدبي شبيه بما يعرف لدي الصحافيين بميثاق الشرف أو أخلاقيات المهنة أوما أشبه ذلك؟ بل قد يقول قائل وما ذا يضر بقاء مثل هذه المواقع؟؟؟ والجواب هو أن بقاءها يضر كثيرا, كونها تتسبب في البلبلة وضياع الوقت والجهد للكثير من الشباب ومحدودي الوعي والثقافة والفكر عوض أن ينتفعوا من هذه التكنولوجيا الرائعة في مواقع نافعة لهم يتعلمون منها وينمون ثروتهم المعرفية وغيرها من منافع كثيرة تنفعهم في حياتهم وتساهم بذلك في ترقية مجتمعاتهم. يقول البعض إن الناس في عالمنا العربي والإسلامي مرهقين بالمشاكل التي تعج بها حياتهم اليومية والناجمة عن التخلف والانحطاط الذي نتخبط فيه, ومن ثم فهم غير مستعدين لبذل جهد آخر في النت الذي يلجأون إليه للتسلية ونسيان همومهم بعض الوقت كما يفعلون تماما بلجوئهم إلي المسكرات والمهلوسات والمخدرات للغياب عن الواقع المتردي الأليم, لذلك فإن أنت أردت النجاح علي النت في هذه البيئة المتعبة فما عليك إلا أن تجعل من موقعك مكانا صالحا للتسلية بأنواعها بريئة كانت أو مشبوهة أو حتي متدنية ومدانة, المهم أن تكون تسلية وكفي, نعم في هذا الكلام كثير من الحقيقة لكنه لا يمكن أن يحول دون وجود وضرورة المواقع الجادة الشاعرة المفكرة التي تتناول مثل هذه الظواهر الخطيرة وتناقشها وتتحاور بشأنها وتوليها من البحث ما تستطيع من أجل المساهمة في إيجاد الحلول الكفيلة بإبعاد الناس عن الارتماء في متاهات التسلية, ولو أنها ضرورية في صورتها البريئة المريحة المنعشة, لكنها لا يمكن أن تكون وحدها في الميدان فتصير بذلك خطرا داهما يهدد المجتمع بالانحطاط أكثر والتردي أكثر والتورط في التخلف أكثر, فتكون التسلية داء عوض أن تقوم بدور الدواء, إن التسلية واجبة لكن بعد العمل الجاد المفيد الفعال. ومن هنا فإن هذه الحجة مردودة مهما كانت مبرراتها قوية, فالمواجهة الجادة الفعالة لمشاكل التخلف لا غني عنها, وهي لا يمكن أن تكون نقيضا للتسلية في ذات الوقت, فالأمران متكاملان وضروريان للشخص الواحد وللمجتمع بأسره, وبإمكان الشخص الواحد أن يرتاد مواقع التسلية البريئة طبعا لأخذ قسطه الضروري من الراحة والمتعة والانشراح ثم ينصرف بعد ذلك أو قبله إلي مواقع جادة يمارس فيها الواجبات الخاصة ببذل الجهد الضروري في سبيل رقيه الشخصي وتقدم مجتمعه كله. إن المواقع والمنتديات والمدونات وجميع الفضاءات الإلكترونية ظواهر إيجابية عندما تقوم بدور فعال في التوعية والتثقيف والترقية العامة الشاملة للثروة والموارد البشرية, فهي بالتالي أداة ممتازة للنضال بكل معانيه وهي أعظم هدية قدمتها التكنولوجيا المعاصرة للإنسانية, وعلي المجموعة التي تتصدي لإنشاء موقع وإدارته وعلي من ينتسبون إليه بالعضوية وحتي بمجرد الزيارة أن يضعوا برنامجا ومشروعا واضح المعالم يجمعهم ويلتفون من حوله ويجتهدون كل الاجتهاد من أجل الحفاظ علي استمراره وأداء رسالته التي تضمنها مشروعه الذي يجب أن يبقي مرنا وقابلا للنقد والتحسين والتطوير علي ضوء التجربة والممارسة العملية, إن مجموعة المنتمين إلي الموقع مسؤولة كل المسؤولية علي نجاحه وأدائه لرسالته التي هي أساسا المساهمة في نشر الوعي وترقية الثقافة والمعرفة لدي الأمة من أجل انعتاقها وخروجها مما هي فيه من انحطاط وهوان, وتلك هي الرسالة المنوطة بكل مؤسساتها الرسمية والشعبية والمدنية, كلها مدعوة للمساهمة في ذات المهمة بحسب تخصصها وإمكاناتها المادية والمعنوية والبشرية, وبالتالي فإن مجتمع الموقع أو المنتديات يكون ناجحا في مهمته النضالية عندما يستطيع ترقية موقعه وجعله مزدهرا قائما بمساهمته في خدمة أمته بكفاءة متنامية وسائرا في الطريق الصحيح المؤدي إلي غد أفضل للجميع, إن هذا الإنجاز التكنولوجي الإعلامي التواصلي العظيم لم يخترع من أجل العبث, بل إن مهمته خطيرة في هذه اللحظات التاريخية, وإنه لإنجاز وضع بين أيدينا علي سبيل المصادفة فلا أقل من أن نستعمله بطريقة صحيحة بغية الوصول إلي الترقية العامة المنشودة والرجوع إلي ما كان عليه أسلافنا ذات يوم من حياة العزة والكرامة والازدهار وخدمة البشرية كلها بنشر الأمن والأمان والطمأنينة وتخليصها مما هي فيه من رعب وطغيان وعدوان علي أيدي حضارة شرسة لا مكانة للإنسانية في ممارساتها, لو أفلحت المواقع في نشر الوعي برسالتها الحيوية هذه بين أعضائها أولا ثم بين أوسع جمهور ممكن تكون قد حصنت نفسها وضمنت بقاءها وولجت باب الانتشار والرقي السريع المضطرد, أقترح عليكم في ختام هذا العرض المتواضع أن نتخذ منه مادة للنقاش والحوار والدراسة لمدة غير محدودة حتي إذا ما نضجت فكرة منه حولناها إلي واقع معيش في صورة منتدي فرعي أو أي صورة تنظيمية أخري تحظي باتفاق الأغلبية منا وتكون محل إثراء ونقد وتقييم باستمرار خلال التطبيق العملي, مما يجعلنا نعيد النظر بالتدريج وبصورة مؤسسة متينة ومتطورة في منتدياتنا علي نحو فعال ومتجدد. وبالله التوفيق.
ملاحظة: وجدت مقالي هذا منشورا في الصحيفة المذكورة مصادفة لا أعلم كيف وصلت إليه ومن أي مصدر أتت به؟ أعدت نشره هنا في إطار مجهود أقوم به لجمع شتات مقالاتي الكثيرة وليستفيد منه زوارنا الكرام ..
* مفكر وكاتب عربي جزائرى المصدر | |
|