خبز الشاودار/الجاودار الفنلندي ذو القيمة الغذائية العالية
Sour rye bread, Ruisleipä
أ. د. حسيب شحادة
جامعة هلسنكي
[ما_هي_حبوب_الجاودار.jpg]
حبوب الشاودار/الجاودار حولية وسريعة النمو، ليست ذائعة الصيت مقارنة بحبوب أُخرى كالقمح والشوفان والشعير، وقد يعود ذلك لانعدام النكهة فيها. زراعة هذا النبات الشتوي محدودة في العالم ومن أهمّ البلدان المنتجة له روسيا وبولندا وأمريكا وكندا والدول الإسكندناڤية. ويعتبر نبات الشاودار الذي يصل ارتفاعه من متر إلى مترين، من فصيلة عشب النجيل (Gramineae) ولكن بسبب فائدته الغذائية الكبيرة يندرج في فصيلة الحبوب. ينبغي تخزين حبوب الجاودار كباقي الحبوب في آنية مُحكمة الإغلاق وحفظها في مكان بارد، مظلم وجافّ. يبدو أنّ بداية زراعة هذه الحبوب تعود إلى ثمانية آلاف سنة ونيف، وكان ذلك في جنوب غرب آسيا.
الفنلندي التقليدي يأكل هذا الصنف من الخبز لمذاقه الجيّد ولرسوخه في الثقافة الفنلندية، وقد كشف البحث العلمي الحديث عن القيمة الصحية العالية لهذا الخبز الأسمر. الخبز المصنوع من الدقيق الكامل بنخالته شكّل، وعلى الدوام، جزءً طبيعيًا من الطعام الفنلندي، ولا سيّما خبز الشاودار، وقد توصّل الباحثون الفنلنديون إلى أن لهذا الخبز تأثيرًا فعاّلا جدًّا في تقليص مخاطر مرض السرطان في الرئة وغدّة البروستات (الموثة) والقولون - الجزء الأسفل من المعي الغليط. ومن فوائد هذا الخبز أنّه يساعد على منع تكوّن الحصى في المرارة ويقلّل من نسبة الإصابة بالربو في مرحلة الطفولة ومن نسبة الأحماض الصفراوية. تتوفّر في النخالة عدّة ڤيتامينات مثل ب1، ب2، ب 6 و E، أضف إلى ذلك مادّة الفوسفور الضرورية لتغذية الأعصاب والدماغ، وهناك أيضًا البروتين والحديد والكالسيوم والبوتاسيوم والصوديوم والمغنيزيوم والزنك، وكلّ ذلك له دوره وأهميته في تركيب الأنسجة والعُصارات الهاضمة. ولا بدّ من ذكر عنصر السليكون المقوّي للشعر واليود الهامّ جدا لعمل الغدّة الدرقية.
إنّ أهميّة الأطعمة ذات الألياف معلومةٌُ مفروغ منها منذ أكثرَ من عدّة عقود. ففي خبز الشاودار مادّة مركّبة تتكوّن في القولون وتَحول دون نمو خلايا سرطانية. وقد يكون هناك صلة بين سرطان الصدر وسرطان القولون. وتستخدم حبوب الشاودار أيضًا علفًا للدواجن والماشية؛ كما تستخدم في صناعة بعض أنواع المشروبات الروحية مثل الجعة والبراندي والويسكي والجين والڤودكا.
التأثيرات الإيجابية
المرأة التي لا تتناول خبزًا من الدقيق الكامل، على سبيل المثال، تكون معرضةً للإصابة بمرض سرطان الثدي مرّتين ونصف، أكثر من التي تتناول يوميًا ما مِقداره 051- 002 غرام من الخبز المذكور، وهذا يتتطلّب أن يكون تفاعل البكتيريا في الأمعاء طبيعيا. وتتوقف التأثيرات الإيجابية للشاودار على محتوياتها ووظيفتها في الكائن الحيّ. الكلمتان الأساسيتان في هذا البحث هماenterolactone و؛ lignans في الشاودار تكون المراحل الأولية لـ enterolactone وكلّما كانت نسبته أعلى كلّما كانت صحّة الانسان أحسن، ويتأتّى ذلك بواسطة تحليل واحد للدم ضمن تحاليل أخرى. ويُذكر أن وفاة الذكور نتيجة السكتة القلبية تعتمد أيضًا على مستوى الإنترولاكتوني في الجسم أما بالنسبة للإناث فالأمر لم يُبحث بعد.
لا شك أن خبز الدقيق الكامل علاج طبيعيٌ، يَحول دون تصلّب الشرايين، لأنّه يساعد أيضًا في تخفيض نسبة الكوليسترول في الدم لا سيّما الخبيث منه LDL, Trigly، كما أنّ لهذا الخبز الشاودار ميزات إيجابية لمرضى السكّري والمهتمّين بإنقاص الوزن، إذ أنّ الألياف المتوفِّرة فيه تساعد في الحفاظ على توازن مستويات السكّر في الدم، وتغذّي الجسم وتصون أصل البكتيريا الإيجابية في الأمعاء، تقلّل من الإمساك، وتساعد على الهضم. وفي هذا الخبز مركّبات مضادة للأكسدة. أضف إلى ذلك، بمقدور خبز الشاودار، لحدٍّ ما، ربط الدهنيات وفقدانها من البطن وتحسين وظيفة الأمعاء والدورة الدموية. ويرى الباحثون في علم التغذية بأنّه يتوجّب على أصحاب الريجيم تناول هذا الخبز بدلاً من الإقلاع عنه بالكامل، إذ أنّه من الأفضل تناول حتّى الخبز الأبيض من عدم أكل الخبز بالمرّة. والحقيقة هي أنّ الخبز الأبيض غنيّ بالسعرات (الوحدات) الحرارية ولكنّه خالٍ من الألياف. ويساعد خبز الشاودار في عملية إنقاص الوزن، وذلك لأنّ الألياف في المعدة تُبطىء حركة الأمعاء الغليظة وتقلّص امتصاص الطاقة في الأمعاء الدقيقة. كما أنّ مُتناوِل خبز الشاودار يشعر بأنّه قد أكل ما فيه الكفاية، ولا يرغب في الاستزادة لوقت طويل نسبيا.
أثبتت أبحاث فنلندية أُجريت في جامعة كووبيو (Kuopio) في شمال ساڤو، أنّ هذا الخبز يساعد على تنظيم الجينات الضارّة بشكل خاصّ، وهو الأفضل في تحسين عمل التمثيل الغذائي للخلايا.
الخبز ضروري للجسم
بيّنت الأبحاث الحديثة، أنّه من الأهمية بمكان تناول كمية كافية من خبز الدقيق الكامل، خلال العمر كلّه، والمقدار الأدنى يوميًا هو 150 غم. كما أنّ ثريد (عصيدة) الشاودار ورقائق الخبز يمكن أن تكون بدائل أيضًا لتوفير تناول الكمية اليومية الكافية من الشاودار.
ينمو نبات الشاودار جيّدًا في الأرض القاحلة وحتّى في المناخ البارد، كما هي الحال في فنلندا، وهو نبات شتوي يتمّ حصادُه في أواخر فصل الربيع. وعند مرحلة النمو يتمتّع بمقاومة فعّالة ضد الأمراض. ويستعمل الشاودار، لحدٍ ما، في أنحاء أخرى في أوروبا ولكن لا مندوحة من القول إنّه من الصعب إيجاد خبز الشاودار الفنلندي الحقيقي في أيّ مكان آخرَ، ولذلك حين يسافر الفنلندي إلى خارجَ بلاده فإنّ من أكثر الأشياء التي يفتقدها هو ذلك الخبز الأسمر. ومنذ العام 8891 يمكن الحصول على وجبة الهامبورچر بخبز الشاودار الفنلندي في محلّات الوجبات السريعة، الماكدونالد، في فنلندا.