انتفاضات وثورات أمتنا العربية/ المحلل السياسي مخلص الخطيب

ارسل لي للنشر الاخ والصديق مشكورا

مخلص الخطيب
عربي سوري مقيم منذ 40 سنة في فرنسا
محاضر جامعي متقاعد منذ سنتين
ناقد ومحلل بشؤون السياسة والمجتمع

مقاله

انتفاضات وثورات أمتنا العربية

أحداث وطننا العربي منذ بداية العشرية الثانية لألفيتنا الثالثة، كانت ومازالت مليئة
بالمفاجئات السعيدة كما هو الحال في ثورة الياسمين في تونس التي تعتبر انتصاراً على الفساد والاستبداد، انتهاءً بما نجهل، مروراً بثورة 25 يناير المصرية التي تستمر بإصلاحاتها الدستورية واستفتاء شعبها يوم السبت بعد الغد، والاختلاف بل الخلاف حول الانتخابات التشريعية والرئاسية من وجهات النظر السياسية والقانونية، دون نسيان هبـّة اليمن المتجددة والتي تطالب أيضاً بـ إسقاط النظام وربما بـ انفصال اليمن الجنوبي عن الشمالي، مع رفع قبعة احترام للأغلبية المسحوقة في البحرين حين دول خليجية عربية تدخل البحرين بعسكرها، ودولة خليجية إيرانية تحاول التدخل في شؤون دولنا العربية، الشجب لهذا الدخول لا يقلّ عن شجب ذلك التدخل في شأن دولة عربية بأقلية سنية وأكثرية شيعية ولكن بشعب عربي بكامله.
لعل ما يعتريني من ملل وضجر وقلق منذ ثورة شعب ليبيا البطل، لا يُشجع على التفكير ولا على النقد ولا على التحليل، فالأوراق اختلطت بين دعم جزائري وسوري للطاغوت القذافي (تمّ تكذيبه بحسم من الدولتيْن، لحسن الحظ)، وبين تصريحات القذافي وابنه الهستيرية التي تدعو للتقيؤ، ثم بين قصف "الزعيم القائد" لشعبه المتمرد الثائر ولمدن ليبيا ومؤسساتها البترولية من جهة، وبين التخوّف من تدخل أجنبي غربي في سماء وبحر ليبيا وعلى أراضيها من جهة أخرى، وقلق وصول جماعات متدينة متطرفة لسدة الحكم في هذا البلد أو ذاك.
نعم توقف التحليل عند البعض مثلي وبدأ التفكير بمستقبل هذه الأمة التي ينتمي إليها أناس من أعراق وأديان وطوائف ومشارب فكرية متباينة، التي نتمناه مستقبلاً بعيداً عن كل عنف ديني كما حدث للأسف في مصر، وعن كل صراع طائفي كما يحدث في البحرين والسعودية، وعن كل تمزق لوحدة البلد الواحد كما حصل في العراق من شبه استقلال كردستان، وكما يُخشى حصوله في اليمن "التعيس" الذي سيكون قريباً من أسعد دول أمتنا، ونأمل عدم التحريض على قيام حركات هنا وهناك، وليُترك الأمر للشعب مقابل نظامه، كون السؤال المفروض حالياً :
هل تتحمّل أمتنا حركات وهبّات وانتفاضات وثورات إضافية ؟

عودة للشأن المصري، فقد كتب وائل عبد العظيم مقالة نـُشرت اليوم 17/03/2011، وهذا نصها كما جاء في صحيفة الدار الكويتية.
هل تخضع مصر لابتزاز الدول العربية والتدخل السافر في شئونها ؟ وذلك علي خلفية المفاجأة المثيرة التي قالت صحيفة "الدار" الكويتية إنها علمت من مصادر قضائية مصرية أن ملاحقة الرئيس المصري المخلوع، حسني مبارك، وأفراد عائلته ستكون "مستحيلة" رغم تورطهم الموثق في الفساد، وذلك بسبب ضغوط كبيرة تمارسها دول عربية، منها الإمارات والسعودية، على المجلس العسكري الأعلى في مصر لرفع يدهم عن مبارك، وإلا فإن سحب الاستثمارات الخليجية من مصر وترحيل العمالة المصرية من الخليج سيكون هو الرد.
وأضافت الصحيفة أن المصادر التي لم تسمها كشفت أنه بالرغم من اكتشاف وثائق ومستندات ووقائع كثيرة خاصة بقضايا فساد سياسي ومالي تورط فيها مبارك وعائلته مثل قضية تصدير الغاز لإسرائيل والحصول على عمولات تقدر بمليارات الدولارات، إلا أن مبارك وأسرته لن يتم تقديمهم للمحاكمات مع وجود ضغوط شديدة مورست طيلة الأسبوعين الماضيين على المجلس العسكري الأعلى- الذي يدير البلاد في الوقت الراهن- من قبل دول عربية لجأت لتوجيه تهديدات مباشرة له بتجميد العلاقات مع القاهرة، ووقف أي مساعدات مالية، وتعطيل وسحب مجمل استثماراتها في مصر، بل والتضحية بأكثر من 5 ملايين مصري يعملون بأراضيها حاليا إذا تمت إهانة مبارك أو ملاحقته وتقديمه لأي محاكمات.
وقالت الجريدة أن الحكومة المصرية كشفت بالفعل عن ضغوط حقيقية قامت بها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات وسلطنة عمان والأردن، عبر رسائل واتصالات، بجانب لقاءات لمبعوثين ووزراء خارجية لعدد من هذه الدول مع الرئيس المجلس الأعلي للقوات المسلحة، المشير حسين طنطاوي، في الأيام الماضية.
وخلال هذه الاتصالات واللقاءات كانت حجة ومطلب قادة السعودية ورئيس الإمارات الشيخ خليفة بن زايد والسلطان العماني قابوس بن سعيد أن تعرض مبارك للمحاكمة أمر معيب، وأن الرجل قدم أدوارا سياسية كبرى لبلده وعالمه العربي، وخاصة في حرب الخليج عام 1991، وساعد علي استقرار بلده والمنطقة لسنوات طويلة، بالإضافة إلي أن الإقدام علي هذه الخطوة تعتبر إهانة للحكام العرب الحاليين أو السابقين، ولا يجب أن تتم بأي حال من الأحوال مهما كان حجم الضغوط الشعبية والداخلية، وكان هذا مطلب ملك السعودية صراحة.
وكشفت نفس المصادر أن الملك السعودي، عبد الله بن عبد العزيز، أبلغ رئاسة المجلس العسكري الحاكم في مصر عبر رسالة سلمها أخيرا الأمير سعود الفيصل لمسئولين بارزين في القاهرة، بعد حضوره اجتماعات وزراء الخارجية العرب السبت الماضي الخاصة بفرض حظر جوي علي ليبيا، استعداد السعودية الآن وعلى الفور استضافة مبارك وعائلته للإقامة بشكل كامل في المملكة ومنحهم الجنسية السعودية كجنسية ثانية منعا لأي ملاحقات وكحل لمشكلة الضغوط التي تمارس حاليا من قبل الشارع المصري باتجاه الإصرار علي المحاكمة. ولم يصدر رد من السلطات المصرية حتى الآن لتأكيد أو نفي ما ورد في الصحيفة الكويتية.
**********
هنالك من يستغرب تدخل دول كالسعودية والإمارات والكويت والأردن وعُمان لصالح رئيس نهب شعبه وأطلق العنان لفسادٍ لم يسبقه فسادٌ في بلاد العالم، سوى أثناء تتويج بوكاسا كامبراطور لإفريقيا الوسطى في نهاية السبعينيات. كل ما يهتم به هؤلاء الملوك والسلاطين والأمراء هو تقديرهم لـ مبارك لأنه ساهم سياسياً وعسكرياً في حرب الخليج ضد العراق ومن أجل تحرير الكويت كغيره من حكام العرب، ناسين أن بعد هذه الحرب سقط العراق واحتل بسهولة سنة 2003 وها هو مصيره على مرأى العين وسمع البصر، يُبكي العين ويُعمي البصر.
نسي هؤلاء الملوك والسلاطين والأمراء أن ما نهبه مبارك في مصر خلال ثلاثين عاماً أفقده كل ميزة وكل مكانة حتى مشاركته في حرب أكتوبر 1973 حيث كان واحداً ممن شاركوا في هذه الحرب، بعد العبور.
لا استغراب بدعم سارقين لسارق ومستغلين لمستغل وتابعين لتابع، ولعل حركة البحرين دليل قاطع على فساد الحكم في هذه المنطقة العربية، فالأكثرية البحرينية العربية الساحقة لا مكانة لها في الجو السياسي، بينما الأقلية هي التي تحكم وتتحكم دون الأخذ بعين الاعتبار حقوق كل الشعب البحريني بطائفتيْه العربيتيْن الإسلاميتيْن.
يجب الانتباه على عدم إكراه إخوتنا العرب من الشيعة في البحرين والكويت والإمارات بالتنازل عن عروبتهم واللحاق بمن تؤيد مطالبهم وتشجعهم "إيران" كما حصل في دول أخرى، وقتها يكون المجرم عربياً، وليس فارسياً.

***********************

» المحلل السياسي شفيق مصباح، لـ"الجزائر" : الثورات العربية تهدّد الحدود التاريخية للجزائر
» عن الانتخابات المزورة مقدما في الجزائر يقول المحلل السياسي سعد بوعقبة: فصل آخر من الفشل؟!
» ترحيب مميز لشخص مميز مخلص الخطيب
» الأمريكان والغرب وثورات الشعوب العربية والتشكيك فيها ومن هم المشككون؟؟؟ولماذا؟؟؟
» زرياب وأشباهه كانوا ولازالوا أهم أسباب تخلف أمتنا وتخدير وضياع شبابها