هل جهة العلو أقرب من جهة الدنو .. بقلم فضيلة الشيخ الداعية وليد عدنان علامة ashafak2010

إن الذين يخفصون رأسهم إلى الأرض سجوداً لله تعالى هم أقرب إليه من الذين يرفعون أيديهم إلى السماء بالدعاء ،

وفي ذلك إشارة أن الله الذي نؤمن به ونعبده لا يسكن الأرض ولا السماء بذاته العليا إنما أحل بهما تجلي صفاته المقدسة وأسماءه الحسنى ، فإن قلنا: ما قاله الله تعالى: الرحمن على العرش استوى، فالرحمن صفة لذات الله تجلى بها على عرشه ليرحم من يحاسبهم ويدير شأنهم بالرحمة لا بالغضب وهذا يدل عليه قوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم : لما خلق الله الخلق كتب عنده فوق عرشه: إن رحمتي سبقت غضبي) [متفق عليه .

والعرش مخلوق يحتاج إلى المكان والله تعالى لا يحتاج إليه ، وذات الله تعالى لا يجوز أن نتحدث عنها إلا بالصفات المنسوبة إليها بالقرآن والسنة وقد أعجز الله عقول الخلق أن تدركها ومن ادعى أنه أدرك جهة لذات الله فقد خالف القرآن: لا تدركه الأبصار .. وما ورد من آيات وأحاديث توهم الجهة والمكان والشكل فلا يجوز الأخذ بظاهرها وكذلك نترك تأويلها و نؤمن بها على مراد الله ورسوله وهذا هو قول السلف وجمهور السلف.

الداعية الإسلامي وليد علامة

أحيك أستاذي عبدو الموقر على تعليقك الذي ما وجد في مكان إلا وكمله وزاده تفصيلا وحسنا.. وللأسف يوجد في الأمة اليوم من يعتقد أن ذات الله في السماء فوق عرشه وبأخذ هذه الجملة التي قالها السلف على ظاهرها رغم أن مذهب السلف يقوم على عدم الأخذ بظاهر القول المتشابه .. فيا للعجب من الذين يقولون أنهم يتبعون السلف قولاً من غير فهم عقيدتهم ونهجهم في أقوالهم. فإن من يقرأ المصطلحات ويحفظ ظاهراها من غير فهم ضوابطها فإنه يبقى جاهلا بها ولا يمكن له نقلها صافية لغيره .

عندما أرفع يديّ للسماء فإنني أشير إلى العلو وأسأل الله بعلوّ شأنه أنْ يرحمني على صفة العلو والجبروت فيه

وعندما أدعوه ساجدة فإنني أتذلّل إليه بصفة الضعف فِيَّ والافتقار إليه أنْ يرحمني بعطفه ومَنّه.

لعلّه استعطاف الرحمة بموجب الفقر والضعف جعل السجود هو أحسن مواطن الدعاء


وفي كلّ الحالات أكرّر الله معي ، الله ناظري ، الله حافظي ، الله قريبٌ مِنّي

إشارة : يقول _تعالى_ : (وإذا سألك عبادي عنّي فإنّي قريبٌ أجيبُ دعوةَ الداعي إذا دعان ) فمانوع القُرب المقصود ..في الآية

جزاكَ اللهُ خيرا..كلامك نور تتكرّم به علينا

بارك الله بك اختي الكريمة سونا.. والجواب على ما تفضلتي هو :قرب الصفات وأما الذات لا يجوز أن نصفها بالبعد أو القرب لأننا لا ندركها ولا يجوز التكلم عنها ،
فهو سبحانه بصفاته أقرب إلينا من حبل الوريد . أقرب إلى عيوننا من بصرها ، وأقرب إلى آذاننا من سمعها، وأقرب إلى قلوبنا من نبضها وخاطرها،

فصفاته معنا وفينا ومحيطة بنا .. وهنا إشارة في الأية : أن قربه تعالى حال الدعاء يجعلك تدعينه وتناجيه حتى في سرك وقلبك ، فبهذا القرب يسمعك وبهذا القرب يستجيب لك في حال اعتقدنا قربه وتحقق فينا معناه ..

وقد ذكر الله تعالى دعاء عبده زكريا عليه السلام في سورة مريم عليه السلام وعلى ولدها روح الله عيسى :إذ ناد ربه نداءً خفياً. فمن شدة خفاء هذا النداء لم تسمعه ولم تقرأه ولم تلمسه ولم تدركه حواس المخلوقات ممن حوله ولكن رب زكريا القريب منه الحبيب له سمعها وعلمه من قبل أن يخالج سره وتمتمت به نفسه وروحه الصافية ، فسبحان الله ، من شدة قربه حجبت الأبصار ومن شدة ظهوره رأيناه في كل ما يمر عليه الليل والنهار.