خطة استهداف الجيش اللبناني !... لماذا ؟... و من المسؤول الحقيقي؟ مقال العميد حطيط في جريدة البناء

مقال العميد حطيط في جريدة البناء بتاريخ اليوم 15\3\2012

خطة استهداف الجيش اللبناني !... لماذا ؟... و من المسؤول الحقيقي؟

ليس بالامر السهل ان يتعرض الجيش البناني لاستهداف مركز ، و ليس مقبولاً الاستمرار في التساهل حيال الموضوع و لم تعد المعالجة مقبولة بحكم قضائي معزول ، او بيان سياسي يصدر في سطور تطوي القضية فالامر بخطورته بات يتعدى ذلك الى حد الحاجة الى موقف وطني صلب يضع حدا لهذا الاستهداف المتمادي و الذي اشتد و تصاعد منذ ان آلت امور الحكم في لبنان الى الفريق الانقلابي المستغل لجريمة 14 شباط 2005 و وضع يده على لبنان بعباءة حريرية وهابية متناغمة مع سلفية تكفيرية الغائية ، و انصرفت الحالة المتشكلة تلك للعمل ضد الجيش حيث نسجل :

1) المحاولة السريعة لتغيير العقيدة الوطنية للجيش ، و الانتقال به من جيش للوطن ينسق مع المقاومة التي حررت معظم الارض اللبنانية في الجنوب و طردت اسرائيل منها ، تغييرا يجعله جيش الحريرية الوهابية ليمارس مهمة الجيش القمعي للمخالفين. لكن مناعة الجيش و صلابة عقيدته افشلت المحاولة فثبت الجيش في موقعه الوطني و استمر متماسكاً بصفته المؤسسة الوطنية الاهم .

2) محاولة وضع اليد على مديرية المخابرات في الجيش ، لكن النظام المتيين الذي بني الجيش على اساسه حال دون وقوع المديرية في قبضة الحريرية السياسية رغم المحاولات الحثيثة لبذر المال هنا وهناك . و مرة اخرى حالت المناعة العسكرية دون نجاح المحاولة . فكانت ردة فعل الحريرية بانشاء "مديرية مخابرات بديلة " في قوى الامن الداخلي الخاضعة كليا لها ، و نفذ القرار بسلوك خارج القانون فضخم فرع كان عديده حسب النص بضعة عشرات من العناصر ، و جعل جهازا امنياً ينافس في عديده مديرية المخابرات في الجيش و يتفدم عليها في الموازنة المالية و التجهيزات و يمارس من المهات ما لم ينص عليه القانون .

3) التضييق على الجيش في مشاريع الموازنات "السنيورية " اعتبارا من العام 2006 ، و حرمانه من الاضافات التي تعدت القاعدة الاثني عشرية ولم يكن له نصيب من ال 11 مليار التي انفقها السنيورة عبر ذلك ، سلوك تفاقم الى حد حرمانه عمليا من التجهيز و التسليح و الذخائر ، ثم كان الضغط عليه حتى في المجال الصحي و حرمانه من من حقوقه القانونية .

4) و لما لم ينفع كل هذا التضييق ، كانت المكيدة الفظيعة للجيش في العام 2007 بفخ نصب له في مخيم نهر البارد ، حيث استدرج و دفعه اليه و كانت الاحتمالات المرتقبة للنتائج فظيعة تتراوح بين تفكك الجيش او تصدعه او انكساره المعنوي ثم تهميشه و تعطيل دوره ، ولكن لم يحسب المخطط حسابا لاحتمال قيام من يعنيه الامر باحتضان الجيش و ان يتمسك العسكريون بجيشهم على اساس عقيدتهم الوطنية و ينتصرون على المكيدة وان تقدم سوريا على مد الجيش بالذخيرة فيخرج منتصرا و لكن و با للاسف بعد ان دفع مخيم نهر البارد الثمن تدميرا و تهجيرا .

5) و لم تمهل الحريرية – الوهابية – المنسقة مباشرة او غير مباشرة مع السلفية التكقيرية ، لم تمهل الجيش كثيرا ، فكانت قراراتها السيئة الذكر في ايار 2008 و التي ابتغت منها ان تضع الجيش في مواجهة مع المقاومة لتتخلص من الطرفين و لكن السحر انقلب على الساحر و تخلص الطرفان من كيد الحريرية مرة اخرى .

6) و لما وقف الجيش وقفته الوطنية في العديسة في مواجهة اسرائيل ، تنصل الحريريون من " فعلته " و تركوه يواجه بمفرده ، حتى ان بعضهم سولت له نفسه ان يطلب معاقبة الضابط الذي امر بفتح النار على الجيش الاسرائيلي المعتدي ، في سلوك ذكر اللبنانيين بتنصل حكومة السنيورة من بطولات المقاومة يوم اسرت الجنديين الاسرائيليين .

7) و عندما ذهب الجيش الى الشمال اللبناني ليمسك الارض و يطبق القانون و يمنع تسلل الارهابين و تهريب السلاح الى سوريا ثارت ثائرة الجماعات الحريرية الوهابية السلفية ضده ، و لم يبق احد من " مسؤوليهم " نوابا " و رسميين او غير رسميين الا و هدد الجيش و توعده ، و لما لم يعر الجيش اهمية لتهديدهم فجروا امن طرابلس ليستدرجوه اليها و يبعدوه عن الحدود ، و نظمو حملة تشويه و تحريض على الجيش الى الحد سمح بعضهم لنفسه بدعوة " اهل السنة لترك الجيش " و بعضهم دعا الى قتاله و اخرون الى تدمير ثكناته .. حدث كل هذا و المسؤولون عن المحاسبة في الدولة اللبنانية في سبات عميق فلم يحركو ساكنا و لم يستجوبوا احدا .

و فضلا عن كا ما ذكر كانت المفاجأة المذهلة التي تحبك اليوم في وزارة المالية – المالية التي صاغتها الحريرية على مزاجها و استمرت متحكمة بمال لبنان رغم ان الحريرية السياسية غادرت السلطة ظاهرا – حيث يعد مشروع قانون تحويل سلسلة رتب و رواتب القطاع العام و يستثنى منه فقط الجيش و يعطى العسكري بدلا مقطوعا من 299 الف ليرة مهما كانت رتبته من جندي الى عماد - في حين تبلغ الزيادة لغيره من الموظفين في بعض الحالات 3 ملايين ليرة. سلوك يتم في سياق محكم لايذاء الجيش و تحطيم معنوياته و تعطيل دوره عملاً بشعار الحريرية – الوهابية "اما ان تكون لي او تدمر او تهمش ".

9) و الان تكتشف المخابرات في الجيش اللبناني خلية ارهابية تنتمي الى تنظيم القاعدة و تعتنق الفكري السلفي التكفيري على اساس وهابي ينطلق من مسلمة لديهم "ان كل من ليس سلفيا و هابيا فهو كافر " لا فرق في ذلك بين مسلم سني او مسلم شيعي او مسيحي ، اذ يكفي ان لا تكون وهابيا سلفيا برأيهم حتى تكون في نظرهم كافرا يحل قتله ، و هم بهذا الاعتقاد نظروا الى الجيش اللبناني ،فرأوه كافرا لانهم لم يشكل من وهابيين سلفيين لذا يجب قتله و تدمير مراكزه و وضعو الخطط لتدمير مراكز عسكرية ثلاثة ذات دلالات خطرة : المدرسة الحربية حيث اعداد الضباط ، و كلية القيادة و الاركان حيث اعداد القادة للتشكيلات العسكرية في الجيش ، و قاعدة حامات الجوية حيث مهبط الطوافات المستعملة لنقل القوات الخاصة و قوات التدخل السريع . اي اختاروا مراكز نخبوية ، و رأوا في النيل منها ضربة معنوية كبيرة للجيش خاصة في المركزين الاولين الذين لا يبعدان الا مئات الامتارفقط عن وزارة الدفاع و القصر الجمهوري .

هذه محطات من مسلسل استهدافات الحريرية السياسية و قرينتها السلفية الوهابية للجيش ، استهداف لا نرى سببا له الا نظرتهم الالغائية الاستئثارية المطلقة . سلوك يطرح السؤال حول كيفية الرد و الدفاع عن الجيش ؟

دفاع نراه يبدأ بتحديد الخطر و مصدره و المسؤول عن تشكله ، ثم ينطلق في المعالجة التي لا نرى انها امنية و عسكرية فقط بل انها و قبل كل شيء سياسية و شعبية وقضائية ، مواجهة تكاملية يجب ان تحصل و لا تنحصر الملاحقة بالعنصر التنفيذي الذي حضر المتفجرة هنا او وضع عبوة هناك او القى قنبلة على باص العسكريين او على مركز من مراكزهم هنالك بل يجب ان تطال كل من حرض على الجيش و ساهم في انتاج البئية الحاضنة للمتطاولين عليه ثم منع مساءلتهم . لاننا و بمنطق قانوني بحت نرى ان جريمة المنفذ و رغم فضاعتها تبقى صغيرة عند جريمة المحرض و منتج البئية الحاضنة للمعتدين ، و المانعة من المحاسبة و المساءلة .

ان الجيش ملك للوطن ، و ليس لاحد ان يتصرف به او يمسه ، و ليس لاحد الحق بان يتراخى في حمايته و محاسبة المعتدين عليه ، و مع هذا اليقين نسال :

- هل سيبادر القضاء اللبناني و يفتح ملف العدوان على الجيش و التقصير حياله برمته ؟

- هل سيتنفض المسؤولون لدفع عجلة المساءلة دون حساب للالقاب و العناوين ؟

- هل سنرى حالات شعبية وازنة تنتفض للدفاع عن الجيش ؟

- ام سيترك الجيش وحيدا في المواجهة ؟ كما حصل حتى الان و منذ سنين ؟

العميد الدكتور امين محمد حطيط

» مقال العميد حطيط في جريدة البناء بتاريخ اليوم 23\3\2012
» قرار انتشار الجيش على حدود الشمال: هل سيحقق الامن المتوخى ؟ .. العميد د. امين محمد حطيط
» في مقابلة له مع جريدة الثبات اللبنانية - قال العميد امين حطيط
» قمة بغداد .......و فرصة التصحيح نشر في جريدة الثورة - دمشق .. العميد الدكتور أمين حطيط
» المجازر وخنق الإعلام.! .. حلقة جديدة فاشلة للعدوان على سورية .. كتب العميد الدكتور امين محمد حطيط في جريدة الثورة - دمشق