الجزائر دولة معتوهة؟!
يكتبها: سعد بوعقبة
الخميس 08 نوفمبر 2012مشكلة الجزائر أنها فشلت فشلا ذريعا في تسيير علاقاتها مع الجيران عبر الجهات الأربع.. والسبب أن العلاقات الجزائرية مع الجيران لا تسيّر ديبلوماسيا مثل بقية الدول بل تسيّر أمنيا.! وبطرق رديئة ولا تخضع لأي رقابة أو مساءلة من أي مؤسسة من مؤسسات الدولة.!
ومعنى هذا الكلام أن علاقة الجزائر مع الجيران كل الجيران، تخضع لمزاج أشخاص وليس لعمل مؤسسات ديبلوماسية أو سياسية.. وتغلّف هذه المزاجات الشخصية بأغلفة أمنية ديبلوماسية تنصّب نفسها فوق كل المؤسسات، وحتى فوق الدولة.!
هل يعقل مثلا أن تقوم الحكومة بمسح ديون الدول الإفريقية لدى الجزائر، دون أن تستشير أي مؤسسة من المؤسسات التي يقال إنها دستورية ويهمها مراقبة صرف المال العام؟!
ومن بين هذه الدول التي مسحت الجزائر ديونها دولة مالي الجارة.! وحصل هذا الإجراء من طرف حكومة الجزائر ومالي على رأسها رئيس يقال إنه فرنسي ويخدم المصالح الفرنسية في مالي أكثر من السفير الفرنسي في مالي نفسه.! وأن فرنسا اعتمدت على هذا الرئيس الذي مسحت حكومة الجزائر ديونه لديها، في معاكسة السياسة الجزائرية في المنطقة واستخدمته فرنسا في طلب التدخل العسكري الأجنبي في المنطقة.!
ترى لماذا تدعم الجزائر رئيسا في مالي ماليّا وهو يقوم باستدعاء القوات الأجنبية لإقلاق أمن واستقرار المنطقة والجزائر بصفة خاصة؟! لا جواب عندي.! لكن الظاهرة أن إجراء مسح الديون المالية لرئيس لا يهمه رأي من مسح ديون بلاده، يعود إلى أن الجزائر أصبحت دولة ''مخبولة''.! في علاقاتها مع جيرانها.! ولا تفرق بين من يصادقها ومن يعاديها.! وأغلب الظن أن إجراء مسح الديون هذا، كان بتعليمات فرنسية وجهت للجزائر.! ولو لم يكن الأمر كذلك، لراعت الجزائر، على الأقل، في هذا الإجراء، خدمة سياستها في المنطقة وليس سياسة فرنسا.! اللهم إلا إذا كانت سياسة فرنسا وسياسة الجزائر متطابقتين.. وأن من يحكم مالي لا يختلف في عمالته لفرنسا عمن يحكم الجزائر.!
إن التسيير الأمني للبلاد في الداخل ألغى دور المؤسسات الدستورية للدولة وألغى دورها في مراقبة تسيير الشأن العام، وبالتالي تغوّلت الرداءة والفساد... وأصبحت البلاد تواجه الصعوبات التي نعيشها.. وأفسد ذلك العلاقة بين الشعب والحكم، فأصبحت علاقة عدائية.! وصدق من قال: الجزائر دولة كبيرة تحكمها حكومة صغيرة.! تماما كما حدث على الصعيد الخارجي، حيث أدى التسيير الأمني للديبلوماسية إلى كوارث أنهت قيمة البلد في محيطها الإقليمي، فضلا عن إنهاء دورها في الساحة الدولية.
وماتزال حالة التدهور متواصلة.. والعاقبة للحرب.!
Bouakba.saad@elkhabar.com
http://www.elkhabar.com/ar/autres/noukta/309219.html