بين زوجتين فأيهما أمسك؟
المجيب سعد بن عبدالله الشبانات
معلم ومرشد طلابي
التاريخ الاربعاء 17 ربيع الثاني 1434 الموافق 27 فبراير 2013
السؤال
توجد فجوة كبيرة بيني وبين زوجتي، فعندما كبر أولادي بدأت الخلافات تظهر بسبب الاختلاف في التربية، وكيفية تنظيم حياتنا، وأخيرًا شعرت بأني غريب في بيتي، فتعرفت على امرأة أخرى أخبرت زوجتي عنها، وبأني أرغب في الزواج بها، فتحدثت معها زوجتي، وأحبت أخلاقها، ووافقت على الزواج، ودعمت الفكرة، ولكن بعد فترة طردتها من البيت، وخيرتني بين الزواج بها أو استقرار حياتي، فخرجت من البيت وتركت أولادي، فبقيت مع الثانية ودفعت مبلغا لزوجتي الأولى يعادل مهر الزوجة الثانية، وعادت الأولى لبيتها ولكنها هجرتني ولمدة ثلاث سنوات وهي تهجرني، أنا أعطي أولادي أولوية قصوى، ولكن أشعر بتأنيب الضمير ولا أستطيع العودة إلى زوجتي الأولى، فقد تضررت علاقتي بها كثيرًا، وفي نفس الوقت لا أستطيع طلاقها، ولا هي طلبت ذلك، ومن أجل أولادي أنا مستعد للصبر على كل شيء. أرشدوني ماذا أفعل؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
من الطبيعي أن يحصل الخلاف والجفوة بين الزوجين عندما يعدد الزوج، ولكن النساء تختلف في ردود أفعالهنّ فمنهنّ من تغضب غضباً شديداً وتطلب الفراق، ولا تفكر في مصلحة البيت والأولاد؛ لأنها لا تطيق ولا تقبل العيش مع زوجة ثانية بسهولة، والبعض منهنّ تقبل بعد أن يرضيها بشيء من المال أو الذهب أو غير ذلك كما فعلت مع زوجتك الأولى، كذلك بعض الأزواج قد يكون سبباً قوياً في حدوث الجفوة أو الطلاق أو العداوة والكره، ومن ثم ينعكس ذلك على البيت والأولاد، فإما أن تجد الزوج صارماً وقاسياً ولا يعير الزوجة الأولى أي اهتمام، حتى سمعنا بل ورأينا الزوج يفاجئ زوجته الأولى بأن يدخل عليها زوجته الثانية بدون سابق علم، ويسكنها معها في نفس البيت!
فإن كانت الزوجة عاقلة وصبورة فسوف تمتص الموقف، وتكمل المشوار معه، أو تكون المشاكل والمتاعب، وقد تنتهي الحياة الزوجية الأولى بدخول الحياة الزوجية الثانية، أيضاً نرى بعض الأزواج ضعيفًا جداً أمام الأولى، فتجده يستأذنها ويشاورها في زواجه الثاني، ويجعلها تختار له بل وتخطب له، وهذا من أعظم أسباب حصول المشاكل والاضطرابات والفرقة والجفوة بين الزوجين، وهذا ما ألمسه من خلال رسالتك حتى أصبحت كالغريب في بيتك، فالمشكلة منك بشكل أساسي، كان من المفترض أن لا تستأذن في أن تتزوج الثانية، ولكن تهيئ وتوطد للحياة الجديدة، لأن المرأة مهما بلغ عقلها وحكمتها وصبرها فلن تستطيع رد غيرتها؛ لأنها تحس أن زوجها سوف يؤخذ منها ولن يرجع لها، فكيف إذا طلبت منها أن تخطب لك وتتكلم معها وتستأذنها فهذه مثالية قاتلة!! إذا كانت أمنا عائشة (رضي الله عنها) غارت من أمنا خديجة (رضي الله عنها) وهما لم يجتمعا في عصمة الرسول (صلى الله عليه وسلم) بل غارت منها وهي ميتة!!
أخي العزيز:
أولاً: اسأل نفسك سؤالاً محورياً تنطلق منه نحو ما تريد فعله ألا وهو: هل أنت راغب في الاستمرار مع زوجتك الأولى؟؟
فإذا كانت رغبتك المفارقة لأنك ترى استحالة العيش معها فسوف ينصب التفكير نحو الأولاد بنسبة كبيرة في كيفية التواصل معهم ومتابعتهم، وأن لا يؤثر الفراق على نفسياتهم؛ لأن الأم ستتأثر ومن ثم ستؤثر على الأولاد.
أما إن كان عندك الرغبة الصادقة في الاستمرار -وهذا ما أتمنى- فلا بد أن تبذل جهوداً كبيرة حتى تحسسها أنك راغب فيها ولن تستغني عنها، لذلك فأنا أوصيك بما يلي:
1- لابد من القرب من زوجتك الأولى؛ لأن أساس المشكلة معها، وهي مفتاح للقرب من أولادك بشكل أكبر، لذلك أقترح عليك أن تجعل لها ليلة خاصة بها، وتعاملها مثل ما تعامل الزوجة الثانية، وتصبر عليها حتى تتمكن من إزالة ما في نفسها تجاهك، وهذا الأمر يحتاج إلى نفس طويل وصبر لأنها قد لا تتقبلك بسهولة خصوصاً بعد ثلاث سنوات من التهاجر.
2- لابد أن تُشعر كلتا الزوجتين -خصوصاً الأولى- بالأمان، وذلك من خلال العدل بينهما وإشعارهما بذلك في كل ما تستطيع حتى ولو بالابتسامات، أو حتى بالنظرات؛ لأن هذا من أعظم أسباب الاستقرار للحياة الزوجية -أقصد العدل- خصوصاً في الأمور التي قد لا تراها الزوجات في الغالب، ومثل ما فعلت مع زوجتك الأولى بأن أعطيتها مثل مهر الثانية فهذا يزيد من قوة العلاقة الزوجية ويخفف من احتدام الموقف بينكما.
3- حاول أن تخلو مع الزوجة الأولى قدر الإمكان، بأن تسافر بها مثلاً، ويكون ذلك مع الأولاد؛ لأن ذلك سوف يعيد العلاقة بينكما سريعاً واطلب ما كنت تطلبه منها قبل الزواج الثاني من صنع الطعام أو أي شيء كانت تصنعه لك، ولكن ليكن القرب منها قليلاً قليلاً على حسب الاستجابة ولا تستعجل الثمرة.
4- لا تكن ليناً فتعصر ولا قاسياً فتكسر، يقال هذا المثل كناية عن الوسطية التي يجب أن تكون في شأننا كله، طبق هذا المثل على حياتك الزوجية وفي تعاملك مع زوجتيك خصوصاً الأولى في هذه المرحلة؛ لأنها قد تشترط عليك شروطاً غير منطقية، أو تلزمك بالتزامات قاسية، فالواجب أن تكون حازماً في تعاملك مع سعيك في ردها وإرضائها ولكن في حدود الوسطية.
5- لا بد من العناية بأولادك وجمعهم بشكل دوري ومستمر على وجبة غداء أو عشاء أو رحلة خاصة بهم دون أمهاتهم من أجل التأليف بينهم لأن بث روح الأسرة الواحدة بين أولادك سوف يشعرهم بأخوّتهم، وسوف يقلل جفوة أمهاتهم، وسوف يصبح الأولاد سياجاً متيناً لحماية البيت والأسرة من التفرق متى ما استطعت أن تجمعهم وتألف بينهم.
أخيراً: أوصيك بالدعاء فهو خير سلاح ومعين على نوائب الدهر.
وفقك الله لما يحبه ويرضاه، وجمع بينك وبين زوجتيك ما جمع بخير.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
http://islamtoday.net/istesharat/quesshow-70-194375.htm