الأيام كاشفة لحقائق الصراع القائم في بلدان الربيع العربي .. دلالات آخر التطورات .. بقلم عبدو المعلم

حديث الاثنين 10
11.03.2013

الأيام كاشفة لحقائق الصراع القائم في بلدان الربيع العربي

دلالات آخر التطورات

بقلم عبدو المعلم

أولا: في مصر .. يحتدم الصراع بين الحكم الإخواني وما يسمى بالمعارضة التي هي مزيج متناقض بلغ حد الجمع بين بعض شباب الثورة وفلول النظام المخلوع رأسه لكنهم يكونون غطاء سياسيا لاحتجاجات تتسع وتتصاعد يوميا حتى بلغت حد العصيان المدني في بور سعيد ومدن ومحافظات أخرى ويبدو أن التفسير الذي بدأ يتبلور لهذه الظاهرة من عدم الاستقرار والرفض لحكم الإسلاميين هو أن هؤلاء استولوا على الحكم دون مبرر مقنع رغم قدومهم عن طريق الصندوق لحسن ظن الناس بهم لكنهم عند الممارسة تبين أنهم بلا برنامج يمكن لهم من خلاله أن يدخلوا تحسينات ملموسة على حياة الناس فيطمئنون إليهم ويعطونهم المزيد من الدعم والتأييد وبالتالي تهدأ الاحتجاجات وتفلس المعارضة المشبوهة كلما قدم الإخوان خدمات وإنجازات ملموسة تنعش المزيد من الأمل .. وبالتالي يمكن للحكم أن يحجم المعارضة ويسحب التأييد الشعبي من حولها ويلحق الهزيمة بها .. لكن الإخوان لا يبدو أنهم يتجهون هذا الاتجاه وبذلك يخسرون شعبيتهم شيئا فشيئا إلى أن تضعف بحيث يكون فوزهم في الانتخابات المقبلة غير مؤكد ولو أن الوضع حاليا بعيدا عن ذلك يشهد عليه الموقف الأمريكي أثناء زيارة لوزير الخارجية الأمريكي الجديد "جون كيري" الذي قاطعته المعارضة كونه لم يقف في صفها ضد حكم الإخوان والسبب هو التمثيل المتفوق للإخوان .. علقت على ذلك صحيفة نيويرك تايمز بأن المعارضة المصرية لا تستطيع منافسة الإخوان في الانتخابات وتساءلت بناء على ذلك أنه يصعب فهم ما تطلبه المعارضة هذه من أمريكا ..
http://aswatmasriya.com/roundups/view.aspx?id=c82e2c00-13a0-4746-a10b-a715bc1c4cfe
وإذا كان الإخوان يحاولون تنصيب المؤسسات فإن خصومهم الأقوياء كونهم لا زالوا يسيطرون على دواليب الإدارة وغيرها قد توصلوا عن طريق القضاء الإداري إلى إلغاء قرار الرئيس الخاص بإجراء الانتخابات التشريعية لمجلس الشعب وهو أمر في منتهى الغرابة وإذا كان التمرد الرسمي بلغ هذا الحد فكيف يمكن الكلام عن حكم الإخوان؟ وإذا كان لا بد من استشارة قانونية فلما ذا لا تكون مسبقة بحيث لا يقع تعيين موعد للانتخابات قبل إقرا ر القضاء بالانتخاب نفسه؟ .. في هذه الأجواء المشحونة يتنافس الإخوان ومعارضيهم على السلطة وأصبحت الثورة نسيا منسيا ولا ندري ما مصير من قاموا بها من فئات الشعب وطليعته الشبابية وفيما يظهر أنهم انقسموا ليناصر فريق منه الإخوان ويقف آخر إلى جانب إتلاف الثورة المضادة وحلفائه في الخارج واستغلال رافضي حكم الإخوان لضمهم إلى هذا الحلف في تكتيك يخفي استراتيجيه معاداة الثورة وأهدافها .. وبقطع النظر عن حقيقة المرونة التي يبديها الإسلاميون فإن الوضع صار منفلتا انفلاتا خطيرا ولا يمكن تفسيره بالمرونة بل هو العجز عن ضبط الأمر واستعمال الشرعية لحماية الأرواح والممتلكات وحفظ الأمن .. لكن يبدو أن ذلك أصبح مستحيلا ما دام رجال الأمن أنفسهم يضربون ويعتصمون بحق أو لأنهم من أتباع النظام المخلوع رأسه المتغلغلين في أجهزة السلطة والعاملين بكل قواهم على تقويض الثورة متسترين وراء رفض حكم الإخوان التكتيك المفضل لدى الثورة المضادة لحشد المزيد من الأنصار المخدوعين المغرر بهم من فئات الشعب الذين يستفيدون من الثورة ومصلحتهم مرتبطة عضويا بها تماما .. فكيف يعادونها لو كانوا يعلمون؟ لقد أصبح الحسم ضروريا فإما أن يكون الحكم القائم قادرا على استعمال الشرعية في إرجاع الأمور إلى نصابها والقيام بمسؤولياتها الأمنية وغيرها وإما أن يعترف بعجزه وتجاوز الأمور له ويتفق مع المعارضة المعادية للثورة على ترتيب انتخابات مسبقة على كل المستويات مع ضمانات كاملة لاحترام نتائجها على أن تعمل الجهات الأمنية لاستتباب الأمن واستقرار الوضع حتى تجري الانتخابات في ظروف مناسبة وتضمن لها المراقبة الكافية المحلية والدولية لتضمن شفافيتها التامة وإن كان هناك احتمال رفض المعارضة لها واستمرارها في التشويش والعرقلة بسبب عدم قدرتها على المنافسة الانتخابية لضعف شعبيتها وفي هذه الحالة وجب استعمال الوسائل الأمنية لمنع أي اضطرابات تصطنعها هذه المعارضة بهدف زعزعة خطيرة للوضع يستوجب تدخل الجيش والقيام بانقلاب يبعد الإخوان عن الحكم وتعود هي من هذا الطريق الوحيد الممكن لها إلى السلطة مجددا وتصبح الثورة وأهدافها لا غية وكأن شيئا لم يكن وهو أمر بعيد عن التحقق ناتج عن خيال مريض لا علاقة له بالديمقراطية التي يدعيها زورا وبهتانا ولأن الشعب لم يعد يقبل أي استبداد مهما كان فإنه سيثور عليه من جديد وذاك ما يجعل أمريكا والغرب يرفضون العودة إلى الماضي لاستحالته ويؤيدون حكم الإخوان لقناعتهم بأنهم لا زالوا يكونون الأغلبية الشعبية ولا مناص من التعامل معهم لأنهم في هذا الوقت يمثلون الديمقراطية الوحيدة الممكنة وبالتالي التعامل الوحيد الممكن مع الغرب إن هو أراد الحفاظ على بعض مصالحه ومن هنا فلا فائدة من التعامل مع بعض المغامرين المثيرين للشغب طمعا في العودة إلى السلطة عن طريقه إذ أنه حتى لو حصل ذلك فإنه لا يقوى على الاستقرار لأن الشعب صار رافضا لأي استبداد وسيطيح به مهما كان الثمن باهظا .. فلم يعد بسبب هذا الوضع من مخرج سوى اللجوء إلى الانتخابات المبكرة لحسم الأمر مرة أخرى في انتظار بروز نخبة ثورية جديدة نابعة من الشعب ومتحدثة باسمه لتكون لها الأغلبية الشعبية لدى الاستحقاقات الانتخابية عوضا عن الإخوان والإسلاميين عامة وذاك ما سيحسم النزاع جذريا ونهائيا ويوطد الاستقرار والمناعة والعدل والازدهار في مصر وسائر بلدان الربيع العربي بل إنه إذا حدث سيدفع بقية الشعوب العربية إلى سلوك نفس الطريق لبلوغ الأهداف المشتركة والتي لا خلاف سوى على طريقة بلوغها.

» شهادتي على الربيع العربي .. بقلم عبدو المعلم 1/2
» شهادتي على الربيع العربي .. بقلم عبدو المعلم 2/2
» الربيع العربي يرسم الخارطة الجيوسياسية للشرق الأوسط الحر بداية من غزة - بقلم عبدو المعلم
» طرد السفير الصهيوني والصمت العربي وثورة الشعوب .. بقلم عبدو المعلم
» قراءة نقدية في نشرة منتنديات الصمود الحر الشريف .. الوضع العربي والعالمي بقلم عبدو المعلم