عبد المالك حمروش المدير العام
عدد المساهمات : 5782 تاريخ التسجيل : 26/02/2010 الموقع : https://elsoumoudelcharif.ahlamontada.com
| موضوع: قراءة تحليلية في كتاب الظاهرة القرآنية لمالك بن نبي - الحلقة 3 *** عبدو المعلم السبت أبريل 20, 2013 3:10 am | |
| قراءة تحليلية في كتاب الظاهرة القرآنية لمالك بن نبي - الحلقة3 عبدو المعلم لنواصل رحلتنا الفكرية في الظاهرة القرآنية مع فيلسوفنا العظيم مالك بن نبي فيما أقترحه عليكم من قراءة نقدية وأملي أن يضيف آخرون إلى هذا النشاط نشاطات أخري مفيدة تتناول دائما فكر مالك بن نبي البالغ الأهمية
ما وال الإغجاز البياني للقرآن الكريم محل حديث مالك بن نبي في صفحة 62 من كتاب الظاهرة القرآنية حيث توقفنا يوم أمس عند: 1 - فمن ذلك أن السيرة تروي لنا .. كيف أن الإعجاز كان يؤثر بطريقتين متعاكستين في عرب الجاهلية:
الأول: يدفعه سحر البيان إلى الدخول في الإسلام كما وقع لعمر الخطاب رضي الله عنه
والثاني: يعجب بالبيان ويدفعه إلى العناد معتبرا ذلك سحرا كما كان رد فعل الوليد بن المغيرة
يعلل مالك بن نبي هذه الظاهرة بأنه ما كان للحجة أن تغير في أمر أراده الله بنغتى أن الإعجاز على قوة تأثيرها لا يمكن أن يلغي القضاء والقدر
على هذه الصورة المتناقضة كان تأثير الإعجاز البياني للقرآن الكريم في عرب الجاهلية .. حتى غذا ما تقدم الزمان وبحصول تغيرات في المجتمع وتقدم في العلوم صار الإعجاز موضوعا قائما بذاته أي علما وضع فيه المفكرون كتبا متخصصة .. مثل كتاب الجاكظ "نظم القرآن" وكتاب "دلائل الإعجاز" لعبد القاهر
وعن عبد القاهر هذا يأخذ مالك بن نبي مثالا لتحليل الوضع .. حيث يعلق عبد القاهر على الآية الكريمة: (قال رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا ...) [مريم 19/5] - حيث يعلق عبد القاهر معتبرا أن في الاستعارة الواردة في الآية ما لا يمكن فهمه إلا لمن يعلم النظم .. فيدرك حقيقة الاستعارة لكنه لا يدرك الإعجاز ولا يصل إليه .. بمعنى أن العارف بالنظم هو الأخر لا ينتبه إلى الإعجاز المقصود بالاستعارة بل يتوقف فقط عند فهم الاستعارة لا غير .. وهكذا فإن التذوق العلمي لا يوصل إلى إدراك الإعجاز في رأي عبد القاهر حيث يقيس على نفسه وما ينتهي إليه من فه لهذه الآية الكريمة على أنها اشتملت على استعارة فقط وليس إعجازا .. ويستنتج من ذلك أنه عاجز عن إدراك الإعجاز عن طريق التذوق العلمي كما هو عاجو أيضا عن إدراكه عن طريق التذوق الفطري أي سحر البيان وإعجازه .. وهكذا يحتار عبد القاهر في أمره نتيجة عجزه عن إدراك الإعجاز عن طريق التذوق العلمي والفطري وهو حائر لأنه كمسلم في حاجة إلى إدراك الإعجاز من أجل إيمانه المستند إلى حجة الإعجاز .. يرى مالك بن نبي أن مشكلة الإعجاز هذه الآن تبقى قائمة بالنسبة لأغلبية المسلمين المثقفين ثقافة أجنبية وأيضا قد تكون نفسها لدى المثقفين ثقافة تقليدية ومن هنا وجب إعادة النظر في مسألة الإعجاز في عصرنا هذا لما يواجهه المسلم اليوم من ضرورات في مجالاة العقيدة والروح. يقول مالك بن نبي بالرغم من أن المسألة معقدة بسبب موقفنا التقليدي منها فإن حلها موجود في قوله تعالى: (قل ما كنت بدعا من الرسل, ولا أدري ما يفعل بي ولا بكم, إن أتبع إلا ما يوحى إلي) [الأحقاف46/9] .. ولنعتبر هذه الآية حجة علينا أن نتأمل محتواها المنطقي من ناحيتين: 1 - هي تعتبر أن تكرار الشيء في ظروف معينة يدل على صحته حيث إن " الظاهرة" في المفهوم العلمي هي "الحدث الذي يتكرر في نفس الظروف ويعطي نفس النتائج" وهنا نلاحظ أن مالك بن نبي يستمل ا لمنهج العلمي الموضوعي المعاصر في تفسير القرآن العظيم ..
2 - تحمل الآية دلالة واضحا على الربط بين الرسل والرسالات على مر العصور مما ينتج عنه أن الدعوة المحمدية يجري عليها من الناحية العقلية نفس ما يجري على بقية الرسالات .. وعن هذا يمكن استنتاجأمرين:
1 - يصح دراسة الرسالة المحمدية على ضوء ما سبقها من رسالات 2 - كما يصح دراسة بقية الرسالات على ضوء رسالة محمد عليه الصلاة والسلام عملا بالقاعدة المنطقية "حكم العام ينطبق على الخاص قياسا, وحكم الخاص ينطبق على العام استنباطا" .. وبهذا يمكننا إعادة النظر في معنى (الإعجاز) على ضوء الآية الكريمة
نلاحظ هنا أن مالك بن نبي يطبق المهج الاستقرائي والاستنباطي في ذات الوقت للوثوف على ظاهرة الإعجاز وبالتالي تفسير القرآن الكريم بهذا المنج المزدوج الموثوق ليغلق الباب الذي أراد المستشرقون وتلاميذهم المسلمون الدخول منه لإبطال الإعجاز كمقجمة لرقض القرآن نفسه والانتهاء بذلك من أمر الإسلام والمسلمين بعملية إبادة معنوية التي هي أخطر من الإبادة الجسمية والمادية
والنتيجة يقول ابن نبي هي أنه إذا اعتبرنا الأمر ظاهرة متكررة مثل بقية الظواهر الطبيعية فإن الإعجاز يصبح هو:
1 - بالنسبة إلى الرسول: هو الحجة التي يقدمها إلى خصومه ليعجزهم بها 1 - وبالنسبة إلى الدين: الإعجاز هو وسيلة من وسائل تبليغه
يقول: هذان المعنيان للإعجاز يضفيان على مفهوم الإعجاز صفات معينة
أولا: أن يكون الإعجاز بصفته (حجة) في متناول فهم الجميع أي كل الناس حتى لا ينكره الخصم تعصبا وأحيانا عن حسن نية مما يفقد الحجة صفتها المنطقية إن كانت فوق إدراك بعض الناس
ثانيا: من حيث كون الإعجاز وسيلة تبليغ دين ينبغي أن يكون فوق طاقة الجميع (هنا تنتهي صفحة 64 فنتوقف عندها لنشرع في المرة القادمة من ثالثا: ومن حيث الزمن) .. | |
|