الظاهرة القرآنية لمالك بن نبي ص 185 في موضوع: الوحدة التشريعية (تابع)
========================================
وحدة الكم كخاصية ثانية للوحي حيث إن الأولى هي التنجيم
الوحدة التشريعية (تابع)
كان مالك بن نبي قد ضرب لنا مثلا عن الوحدة التشريعية بمسألة الأحوال الشخصية فيما يتعلق بالمحرمات من النساء في الزواج ص184
ويواصل هذا الحديث في ص 185
يؤكد مالك بن نبي أن النبي (ص) لم يفكر ولم ينظم هذه الحالات الخاصة بتحريم الزواج من القريبات وتركها كما هي لدى نزولها وحيا
لأسباب يقول مالك بن نبي تتعلق بطبيعة الموضوع الذي لم تكن فيه معلومات أو معرفة منتشرة في ذلك الوقت عند الخاص والعام
فلم تكن المعرفة البشرية قد بلغت في أي فرع من فروعها إلى معرفة هذا الأمر كما هو معلوم اليوم مثلا من خطورة الأمراض الوراثية في زواج الأقارب وغير ذلك
كما يلاحظ المؤلف أن هناك أفضلية في القرابة وأسبقية بالنسبة للرجل على المرأة أو الزوج على الزوجة
والتحريم عامة مصنف حسب "درجة القرابة والترتيب النزولي" كما يذكر مالك في نهاية ص 184
ويقول المؤلف: "الأم والبنت, والأخت وبنت الأخ وبنت الأخت من القرابة المباشرة - والمرضعة - وأخت الرضاعة من القرابة الرضاعية, ولا يحل للمرء أن يتزوج أم امرأته, أو ابنتها أو أختها: فدرجة القرابة هنا مقيسة بالنسبة إلى المرأة".
يقول مالك يمكن ملاحظة أيضا في هذا التصنيف أفضلية رابطة الذكر على رابطة الأنثى فبنت الأخ تذكر قبل بنت الأخت, ورباط الزوج قبل رباط أو قرابة الزوجة أي أن الذكورة سابقة دائما في الترتيب عن الأنوثة الخ..
ويلاحظ مالك أن النبي (ص) لم بكن له فكرة عن هذا الموضوع قبل الوحي ولم يكن قد رتب الأمر المتعلق بهذه المسألة في نفسه كما أنه لم يفعل ذلك أثناء الوحي نظرا للحالة النفسية الصعبة التي يكون عليها في مناسبات تلقي الوحي.
ويستنتج المؤلف من هذا أن تفسير هذه القضية تفسيرا عقليا حسب المنهج الديكارتي العقلاني الصارم أمر مستحيل للسببين المذكورين
يقول مالك بن نبي عن هذا الإشكال المعرفي: "وإنا لمضطرون هنا -كما اضطررنا هنا لك- إلى أن نبحث للظاهرة عن تفسير خارج هذا النطاق".
بمعنى أن المنهج الديكارتي الذي يعتمده الدارسون الغربيون وتلاميذهم وأتباعهم العرب والمسلمون لا يكفي لتفسير مثل هذه الظاهرة "تحريم زواج الأقارب" في القرآن الكريم لأن المعرفة العلمية وغيرها لم تكن تسمح في ذلك الوقت بهذا التفسير مما يعني أن محاولات التشكيك لهؤلاء الدارسين لا أساس لها من المعرفة والمنطق ولا معنى لها .. نكون بهذا قد بلغنا نهاية ص 185 .. ويحسن أن نتوقف هنا لأن المؤلف سينتقل في الصفحة الموالية إلى موضوع جديد (الوحدة التاريخية) .. لكن دائما في نفس الموضوع العام وهو الخاصية الثانية والأخيرة للوحي (الوحدة الكمية) .. نأمل في تعميق الطرح والتوسع فيه وإثرائه أثناء الحوار والمناقشة في السهرة ..