رؤوف بوقفة
ندوة الخميس : الحضارة :
ن
نقول الحضارة الاسلامية , الحضارة الغربية , الحضارة الصينية , الحضارة الفرعونية , الحضارة الرومانية ....
الحضارة لغة من الحضر وهو عكس البادية , والمصطلح الذي نقصده هنا , هو المدنية
الحضارة تتكون من شقين أو من جزئيتين متكاملتين هما : المدنية وهو ما اطلق عليه ابن خلدون مصطلح العمران, وهو الجانب المادي من الحضارة
والجزء الثاني هو الجانب المعنوي وهو الثقافة , وبالتالي فالحضارة تساوي : ثقافة + عمران .
اذا دققنا جيدا في الثقافة وفي المدنية نجد أن بينهما قاسم مشترك وهو السلوك , وبالتالي يمكننا أن نقول أن الحضارة هي السلوك الانساني .
أنواع الحضارة :
قلنا أن الحضارة هي سلوك انساني هذا السلوك يتمظهر في مظهرين أساسيين , مظهر انساني أو مظهر مادي , وبالتالي فالحضارة حضارتان : حضارة انسانية , وحضارة مادية
والإنسان حين يعيش لنفسه فهو يجسد البشرية التي تتموقع في الحضارة المادية , وان عاش لنفسه ولغيره فهو يجسد الانسانية التي تتموقع في الحضارة الرسالية
وبالتالي فتسمية حضارة اسلامية وحضارة غربية وحضارة هندية وحضارة مسيحية , هو تسمية فيها خطأ , والسبب هو أن قيم المادية لا تنحصر في قطاع مكاني أو زماني محدد بل تنتشر فنجد في العالم الغربي حضارة مادية , كما نجد فيه حضارة رسالية , وفي نفس الوقت نجد في العالم العربي قيم حضارة رسالية و قيم الحضارة المادية
في الصراع الحضاري :
يعتقد البعض ان هناك صراع بين الحضارات و تصادم بينها , ويبرهن على ذلك بالصراع بين الحضارة الغربية وبين الحضارة الاسلامية ,أو الصراع مع الحضارة الهندية أو الصينية , لكن الصراع الحضاري يقتضي وجود حضارتين أو أكثر في الوقت نفسه ليكون هناك بينها صراع , فليس من المعقول ان يكون هناك صراع بين حضارة حاضرة , و حضارة ماضية .
وبالتالي فالصراع الموجود هو صراع بين شعوب تعيش في قطاعات, أو صراع بين الدول من اجل النفوذ والهيمنة والسيطرة والطاقة
لذلك يمكننا القول أنه لا يوجد صراع بين الحضارات , بل يوجد تدافع بين منظومتي قيم حضارية , منظومة القيم المادية , ومنظومة القيم الرسالية , يتبنى منظومة القيم الرسالية ( الطيبون والطيبات ) ويتبنى منظومة القيم المادية : ( الخبيثون والخبيثات )
الصراع بين الشعوب :
الصراع بين الشعوب , هو صراع غريزي من أجل مناطق النفوذ والسيطرة والغذاء , لكن هذا الصراع يتناقض مع الحكمة من خلق الانسان وتنوع جنسه والتي عبر عنها القران الكريم في قوله تعالى : " وجعلناكم شعوبا وقبائل لتتعارفوا , ان اكرمكم عند الله اتقاكم ."
وبالتالي فالتنوع البشري جاء في اطار المعرفة وتبادل المعرفة هو الذي سيقضي على الحروب والنزاعات , وذلك يكون باستخدم المعرفة من اجل التقوى , لا من أجل الفجور , ومن التقوى مثلا الاستخدامات السلمية للطاقة النووية ومن الفجور الحضاري استخدام الطاقة النووية لأغراض حربية تخريبية فيها الفساد والهلاك للأرض والعباد .