ويراجع أيضًا المخطوط SAM 80 6 الموجود في المكتبة الوطنية والجامعية في القدس، وهو بمثابة مجموعة من الفتاوى، وترد فتوى أبي سعيد المذكورة في الصفحات ١١-١٩. يشار إلى أن نصّ الفتوى في مخطوط برلين أفضل من النصّ المثبت في هذا المخطوط. هذه المجموعة من الفتاوى تحتلّ الـ ٨٧ صفحة الأولى، وناسخ المخطوط هو يعقوب بن هرون بن سلامة بن غزال (طابيا) ١٨٦٨-١٩٤٢، سنة ١٣٢٦هـ أي ١٩٠٨م كما ورد في الكولوفون المثبت في الصفحة ١٢١. بعد الفتاوى هنالك مقالة في عقيدة الدين للشيخ الحكيم الفاضل موفق الدين صدقة الإسرائيلي السامري الموسوي اليوسفي (أنظر أيضًا كاتالوج إدوارد روبرتسون المذكور أعلاه، مجلد ٢، المخطوطان: رقم ٢١٣ ورقم ٢٢٧). يذكر أن قسمًا لا يستهان به من الفتاوى يتمحور حول أحكام ومسائل الزواج. في صفحة المخطوط الأولى نقرأ ”هذه نسخة الفتاوى لمن ياذكرهم وبيانهم بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين“. بدايات الفتاوى تحتوي على سؤال موجّه إلى رجال الدين بمثل هذا الأسلوب:
ما تقول السادة الفقها ايمه الدين رضي الله تعالى عنهم اجمعين؛ ما تقول علما السامره وفقها ال اسراييل رضي الله تعالى عنهم اجمعين؛ ما تقول السادة الفقها رضى الله تعالى عنهم؛ ما قولكم ايها السادة الاسرايليه ايدكم الله باري البرية في…؛ ما تقول سادة الطايفة الاسرايلية وعلماهم رضي الله تعالى عنهم في…؛ ما تقول السادة علما اسراييل رضي الله عنهم اجمعين؛ ما تقول سادة الطايفه الاسرايليه وحكام الشريعه الموسويه رضى الله عنهم. وهذا هو نصّ الفتوى الأولى كما جاء في المخطوط المقدسي:
”ما تقول السادة الفقها ايمه الدين رضي الله تعالى عنهم اجمعين في الجمع بين الزوجتين هل يجوز ام لا واذا جاز هل يجوز لاحدٍ يجمع بين زوجتين قد جمع بينهما شخص آخر قبله ثم طلقهما او مات عنهما فهل يجوز له ذلك ام لا افتونا ماجورين ولكم الاجر والثواب. الجواب والله تعالى هو الهادي للصواب. نعم يجوز الجمع بين الزوجتين اذ لم يقصد بالجمع التضارر سوى كانتا الزوجتين لرجل اخر وطلقهما او مات عنهما او لم يكونا لرجل اخر والله اعلم، افتاها الشيخ غزال الحكيم ابن رميح رضى الله عنه امين. ثم ذكر الحكيم غزال المذكور انه سال سيدنا الربيس يعقوب عن ذلك فوجدت مدهبه يقتضي الجمع بين الزوجتين بحيث لا يقصد التضارر والله تعالى اعلم“.
وارتأيت أن أقتبس هذه الفتوى أو القضية لما فيها من غرابة:
”فتوى غيرها
ما قولكم ايها السادة الفقها الاسرايليه ايدكم الله باري البرية في جماعه من المله هجم عليهم غلمان السلطنه فى بستان فى يوم السبت المقدس واخذوا لهما فرسًا وهربوا بها فخرجوا اليهم وخلصوا الفرس منهم بعد منازعه كبيره. وان واحدا من الجماعة الحاضرين ركب الفرس ورجع بها الى البستان ماذا ترون فى امر الجماعه وفي امر الذى ركب الفرس ورجع بها افتونا ماجورين ولكم الاجر والثواب.
الجواب من اقتدى بالحق اهتدى
اما الذى خرجوا لتخليص الفرس فيجب عليهم التاديب بعد مسامحتهم لقيامهم هذه الحاله على محاربتهم العدو والذى يطلب النفس يوم السبت لان بين ذلك وبين تخليص الفرس بونًا بعيد فلا قياس ها هنا واما الذى ركب الفرس يجب عليه الحرامه بالنص المحكم والله تعالى اعلم كتبه ابو سعد ابن سعيد“ (مخطوط Sam 80 6، ص. ٢-٣ ).
ومن مواضيع الفتاوى ننوّه بـ: حكم مبذّل يوم السبت اضطرارًا؛ الزواج من ضرّة لامرأة عم أبي امرأته؛ الزواج من مطلقة أخي ضرّة أم امرأته؛ زواج رجل هاروني من امرأتين؛ الزواج من أخت امرأة زوج أخته؛ مسألة استعمال المساه في صنع الجبنة؛ عدم جواز زواج امرأة خال الزوجة؛ لا يجوز الطلاق إلا بوجود ערות דבר (أنظر سفر التثنية ٢٣: ١٥، ٢٤: ١)؛ مسألة شرب الخمر يوم السبت.
والجدير بالملاحظة أنّه لا ذكر لأسماء طارحي الأسئلة والاستفسارات، إذ أنّها عادة ذات صبغة عامّة، أمّا أسماء المجيبين زهاء الثلاثين فمذكورة. يشار إلى أنّ اسم الفقيه السامري المعروف، أبي الحسن (أب حَسْده) إسحق بن فرج (مرحيڤ) بن ماروث الصوري قد ذكر سبع مرّات، وينظر في ص. ١٨-٢٠، ٢٩، ٣١، ٦٢، ٦٩. ومن ضمن أسماء الفقهاء المفتين نذكر: غزال الحكيم ابن رميح (ص. ١)؛ الشيخ السديد أبو سعيد ابن ابي الحسين ابن ابي سعيد السامري (ص. ١، ١١-١٢)؛ أبو سعد ابن سعيد (ص. ٣)؛ يعقوب بن اسماعيل الربيس (ص. ٤)؛ الحكيم النفيس (ص. ٤)؛ أبو الفرج بن اسحق المتطبب (ص. ٤)؛ الحكيم يوسف/يوسف الحكيم (ص. ٤، ٦-٨، ١٠)؛ الحكيم الشيخ غنايم ابن يوسف المتطبب (ص. ٤، ٥)؛ الحكيم غزال (ص. ٤)؛ الحكيم صدقة ابن الحكيم يوسف النابلسي (ص. ١٢)؛ الشيخ منجا (ص. ٢٠، ٢٧، ٣٢)؛ الحكيم صدقة الشاعر (ص. ٤٢)؛ يعقوب كاهن (ص. ٥، ٦)؛ أبو الفرج ابن اسحق ابن كثار المتطبب (ص. ٦-٨، ١٠)؛ يوسف بن غنايم المتطبب (ص. ٧، ٢٤)؛ الربيس يعقوب بن اسماعيل (ص. ٦، ٨)؛ الربيس هرون بن منير (قبل تأسلمه، أنظر ص. ٨)؛ يعقوب بن الجهد المتطبب (ص. ١٠)؛ أبو سعد ابن أبي الخير ابن سعد سعيد (ص. ١١، ربما كان نفس أبو سعد ابن سعيد)؛ الربيس ايتمر بن إبراهيم الكاهن (ص. ١٩-٢٠، ٣٢، ٣٥)؛ يوسف بن مشلمه (ص. ٢٠)؛ إسحق الدمشقي (ربّما كان أبو الحسن الصوري، ص. ٢٠)؛ الشيخ إسماعيل الرميحي (ص. ٢٠، ٢٣، ٢٥-٢٧، ٣٠)؛ الربيس العزر بن فينحس (ص.٢٢)؛ عبد الله الحفتاوي (ص. ٢٤)؛ الشيخ يوسف الدمشقي (ص. ٢٤)؛ الشيخ يوسف ابن عبدالله اللاوي (ص. ٢٤)؛ الشيخ يعقوب ابن أبو العز (ص.٢٤)؛ يعقوب بن هرون بن شلمه الكاهن عم خضر (ص. ٢٦، ٥٣، ٥٦، ٥٨، ٦٣، ٦٨، ٧٠، ٧٢)؛ الكاهن الأكبر فنحاس رضوان الله عليه (ص. ٣٠)؛ أبو الحسن بن غنايم بن كثار (ص.٣٠)؛ الشيخ يوسف العسكري صاحب الكافي (ص. ٣٢، ٤٨، ٦٩)؛ المولى سعد الدين بن صدقة بن كثار (ص. ٣٤)؛ الشيخ موفق الدين يعقوب ابن الجهبذ الطبيب صاحب الفرايض رحمه الله فى فريضه المظالم فى شرح ונשבע על שקר (سفر اللاويين ٥: ٢٢، ص. ٤٣)؛ أبيشع (ناجي) بن فينحس (خضر) بن أبيشع بن فينحس الكاهن الأكبر(ص. ٤٤)؛ الشيخ إفرايم بن سلامه الدنفي (ص. ٤٥-٤٦)؛ الشيخ إبراهيم ابن يعقوب ابن مرجان الدنفي (ص. ٤٧)؛ إسحق ولد سلامة الإمام (ص. ٤٨)؛ عمران ولد سلامة بن غزال الكاهن، عمّ يعقوب هرون (ص.٥١-٥٢، ٥٨)؛ سلامة بن غزال (طابيا) الكاهن (ص. ٥٣-٥٤)؛ عبد الله ابن سلامة (ص. ٨٠).
نخلص إلى القول إنّ ستّ فتاوى، كانت قد صدرت في خلال قرن ونصف، بمعدّل فتوى واحدة كل خمس وعشرين سنة. موضوع الفتاوى في الأبحاث السامرية ما زال بكرًا، وهو يستحق بحثًا شاملًا ومنفردًا، تنشر فيه كل الفتاوى المتوفّرة في المخطوطات وفي التراث السامري الشفوي في طبعة علمية وتترجم إلى لغة عالمية وتقارن بصورة عامّة بالفتاوى لدى اليهود الربّانيين والقرائين والعرب المسلمين. ּ
أرى أن ما ورد في هذه المقالة سيكون بمثابة النواة لإعداد مثل ذلك البحث المأمول. أظنّ أن الكثير من السامريين يؤيدون الاستمرار بإصدار الكاهن الأكبر، بالتشاور مع كهنة آخرين، فتاوى مثل تلك الفتاوى الستّ، فهي تصبّ في صالح الطائفة الصغيرة. وفي المقابل هناك متشددون يعارضون أيّ تغيير أو تجديد في قضايا شرعية موغلة في القدم حسب اعتقادهم. التحدّي الأكبر هو كيفية الحفاظ على أسس العقيدة من جهة، وتحقيق الرغبة في السير مع مستجدّات الحياة المعاصرة.