وصل مجلس الامن الى اتفاق على صيغة بيان رئاسي حول العملية العسكرية التي نفذتها القوات الاسرائيلية فجر الاثنين ضد إسطول "قافلة الحرية".
ويوصي البيان بقيام الامم المتحدة باجراء تحقيق "سريع ومحايد وذي مصداقية وشفاف" في الحادثة، كما يطالب اسرائيل باطلاق سراح الناشطين الذين تحتجزهم والسفن التي وضعت اليد عليها فورا.
تحليل - جيريمي بوين - بي بي سي - القدس
من المرجح ان تؤدي هذه الحادثة الى عواقب دبلوماسية وخيمة بالنسبة لاسرائيل، فالضغوط التي تتعرض لها الحكومة الاسرائيلية من اجل رفع الحصار الذي تفرضه على قطاع غزة ستتضاعف - من جانب اعداء الدولة العبرية وحلفاؤها.
كما ادى التصرف الاسرائيلي الى احداث ضرر بليغ بما تبقى من تحالف مع تركيا.
وكانت اسرائيل تعلق اهمية كبيرة على هذا التحالف كون تركيا تتمتع بنفوذ دبلوماسي قوي في منطقة الشرق الاوسط وكونها حلقة الوصل بين اوروبا والعالم الاسلامي.
وكانت اسرائيل تعتمد كثيرا على الدعم التركي، ولكن ليس في الامكان استمرار هذا الوضع بعد الآن.
السؤال المهم هو كم ستبذل الولايات المتحدة من جهد لاضعاف اي قرار سيصدر عن مجلس الامن، فالعلاقات الامريكية الاسرائيلية نفسها تمر بازمة.
اما بالنسبة للمفاوضات غير المباشرة المدعومة امريكيا بين الفلسطينيين واسرائيل، فمن المرجح ان تستمر ولكن تحت غمامة داكنة جدا.
ويدين البيان الرئاسي كل الاعمال التي ادت الى مقتل المدنيين في حادثة "قافلة الحرية."
الا ان مراسلة بي بي سي في الامم المتحدة برباره بليت تقول إن الصيغة التي اعتمدها المجلس اضعف من المسودة الاصلية التي طرحت عليه.
وكان وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو قد وصف التصرف الاسرائيلي بانه "اغتيال دولة"، ولكن المندوب الاسرائيلي الى المنظمة الدولية اصر على ان قوات بلاده انما كانت تدافع عن نفسها ضد هجمات قام بها الناشطون - وهي تهمة ينفيها الناشطون تماما.
مطالبة
وكانت اكثرية الدول الاعضاء في مجلس الأمن قد طالبت برفع الحصار عن غزة، بعد الهجوم الإسرائيلي على القافلة التي كانت تنقل مساعدات الى قطاع غزة الذي تحاصره اسرائيل وأدى الى مقتل تسعة مدنيين على الأقل.
وأعربت الدول العربية مدعومة من جانب تركيا، عن رغبتها في ان يدين مجلس الامن بشدة اسرائيل وطالبت بفتح تحقيق حول ظروف الحادث.
وقد أعرب معظم اعضاء مجلس الامن عن رغبتهم في رفع الحصار عن غزة.
لكن الممثل الأمريكي اليخاندرو وولف اكتفى بالقول ان واشنطن تواصل "حث الاسرائيليين وبشكل يومي على توسيع حجم تنوع السلع التي يسمحون بادخالها الى غزة".
وانتقد مبادرة الذين كانوا وراء اسطول الحرية مذكرا بان هناك "اليات قائمة لنقل المساعدات الانسانية الى غزة عن طريق الدول او المجموعات التي ترغب بذلك"..
وقال مساعد الأمين العام للأمم المتحدة أوسكار فيرنانديز تارانكو، أمام مجلس الأمن إنه كان من الممكن تجنب اراقة الدماء على نحو ما وقع يوم الإثنين، "في حالة تكرار مطالبة إسرائيل بإنهاء الحصار غير المقبول والضار الذي تفرضه على قطاع غزة".
المجلس يبحث اصدار قرار يدين اسرائيل ويطالب برفع الحصار عن غزة
من جهة أخرى، أكد رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان أن سفن اسطول الحرية الذي وقع ضحية هجوم اسرائيلي تم "تفتيشه بشكل صارم" ولم يكن يحمل أي شيء آخر غير "المساعدة الانسانية" و"متطوعين مدنيين".
واعلن اردوغان في سانتياجو "أود أن اقول للعالم، ولرؤساء الدول والحكومات ان هذه السفن التي انطلقت من دول اخرى ومن تركيا تم تفتيشها بشكل صارم في اطار قواعد الملاحة الدولية وكانت محملة فقط بالمساعدات الانسانية".
واضاف "كان هناك أيضا علم أبيض على هذه السفن خلال الهجوم".
اردوغان أكد أنه لم يكن هناك أي راكب مسلح على متن سفن "أسطول الحرية"
ووصف أردوغان الهجوم الاسرائيلي بأنه "ارهاب دولة لا انساني" واعلن ان بلاده طلبت من الحلف الاطلسي (الناتو) الدعوة الى عقد اجتماع عاجل. وقد أعلن المتحدث باسم الحلف اجيمس اباثوراي أن السفراء الـ28 لدول الناتو سيعقدون بعد ظهر الثلاثاء اجتماعا طارئا بناء على طلب تركيا.في لندن دعا رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون اسرائيل إلى رفع الحصار عن قطاع غزة.
وحث كاميرون نتانياهو خلال مكالمة هاتفية معه، على ضرورة استجابة اسرائيل للانتقادات الدولية والسماح بدخول مواد الاغاثة الانسانية إلى القطاع، مدينا الخسائر في الأرواح التي وقعت.
تصريحات أوباما
ومن جهته طلب الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن يعرف "في اسرع وقت ممكن" الظروف الدقيقة للهجوم الاسرائيلي الدامي على اسطول انساني كان في طريقه الى قطاع غزة، وذلك اثناء محادثة هاتفية مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو.
واعرب أوباما ايضا عن "اسفه الشديد لكل الخسائر البشرية وقلقه على الجرحى" وفق بيان البيت الابيض.
من جهته أعرب نتانياهو عن "اسفه" لسقوط قتلى في الهجوم الاسرائيلي على اسطول الحرية الذي كان متجها الى قطاع غزة مؤكدا ان الجنود الاسرائيليين "اضطروا الى الدفاع عن انفسهم".
وقال نتانياهو ان الناشطين على متن السفن "تعمدوا مهاجمة الجنود وتعرض هؤلاء للضرب بالعصي وطعنوا بالسكاكين".
وأفادت الأنباء أن السفن الست التي احتجزتها اسرائيل قد اقتيدت إلى ميناء اشدود الإسرائيلي، ونقل الجرحى من النشطاء الذين كانوا على ظهر السفن، إلى المستشفيات بينما احتجز عشرات آخرين وتجري اجراءات ترحيلهم.
"دوافع غير انسانية"
وقد اتهم ممثل اسرائيل في الأمم المتحدة أسطول الحرية بأن دوافعه لم تكن انسانية قط، وذلك اثناء مناقشة مجلس الامن الدولي حول التدخل العسكري الاسرائيلي ضد هذا قافلة السفن المتجهة إلى غزة.
وقال مساعد سفير اسرائيل في الامم المتحدة دانيال كارمون امام المجلس "على الرغم من وصفه في وسائل الاعلام أنه مهمة انسانية تنقل مساعدات الى غزة، فان هذا الاسطول لا علاقة له باي مهمة انسانية".
وتساءل "أي نوع من النشاط الانساني يتطلب الالتفاف على الامم المتحدة والصليب الاحمر والوكالات الاخرى المعترف بها دوليا؟".
واضاف "اي نوع من النشاط السلمي يستخدم السكاكين والعصي وغير ذلك من الاسلحة لمهاجمة جنود صعدوا الى متن سفينة وفقا للقانون الدولي؟".
واكد كارمون "لا وجود لازمة انسانية في غزة"، مشيرا الى ان السلع والمواد المخصصة لقطاع غزة يجب ان تسلك نقاط العبور المسموحة.
وكانت وزارة الخارجية التركية حذرت في وقت سابق السفير الاسرائيلي غابي ليفي الذي استدعي للقاء استمر 20 دقيقة من ان هذه العملية الدامية قد "تؤدي الى عواقب لا يمكن تداركها في علاقاتنا الثنائية".