منتديات الصمود الحر الشريف
زيارتكم تسرنا * ومشاركتكم لنا بالتسجيل والمساهمة في منتدياتنا تسعدنا * حللتم أهلا ونزلتم سهلا في منتدياتكم الصامدة الحرة الشريفة
منتديات الصمود الحر الشريف
زيارتكم تسرنا * ومشاركتكم لنا بالتسجيل والمساهمة في منتدياتنا تسعدنا * حللتم أهلا ونزلتم سهلا في منتدياتكم الصامدة الحرة الشريفة
منتديات الصمود الحر الشريف
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات الصمود الحر الشريف

هذه المنتديات تجمع الشرفاء والشريفات الذين يناضلون من أجل القضايا العادلة في فلسطين والعالمين العربي والإسلامي والعالم بأسره بالوسائل التعبيرية الشريفة والشرعية - لا تتحمل إدارة المنتديات مسؤولية ما ينشر فيها مما لا يعبر عن رأيها بالضرورة
 
الرئيسيةجديد اليوم*أحدث الصورالتسجيلدخول

وضع الأمريكان دستور العراق ........................... وضع الروس الآن دستور سوريا ..................... ربما هذا يعني أن سوريا من نصيب روسيا في مشروع الشرق الأوسط الجديد .............. لقد بدأ العد العكسي لزوال الدول العربية نهائيا من خريطة العالم

 

 ذكريات ماطرة

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
عادل محمد عايش الأسطل
عضو نشيط



عدد المساهمات : 26
تاريخ التسجيل : 09/10/2011

ذكريات ماطرة Empty
مُساهمةموضوع: ذكريات ماطرة   ذكريات ماطرة I_icon_minitimeالسبت أكتوبر 15, 2011 1:45 am

ذكريات ماطرة



يعود الأطفال من مدارسهم، ويعود العمال على اختلافهم، وقد نال منهم السفر الممل، بعد أن هدهم التعب والنصب، وكانت الشمس قد قاربت على الغياب، وترى بقيتهم في حركة للملمة بعض حاجاتها ويذاكر الأولاد شيئاً قليلاً، ويغسل العمال آثار العمل ثم يتفرقون إلى مضاجعهم، قبل أن يرخى الليل سدوله، ويمضي محمد ورابعة، فطريقهما واحد في هذه حياتهما الدنيا، بخيرها وشرها وحلوها ومرّها، ومنذ زمن بعيد.
يوجس محمد وهما يوغلان بعيداً عن المقبرة نحو البلدة، في عتمة الليل، يتحسس وريقات قليلة يحتفظ بها في جيبه قريباً من صدره.
تولول رابعة كعادتها، تمزق السكون حولهما، لا يفزعه شيء أكثر مما يفزعه ما يرى منها من أفعال، وما يرى عليها من علامات الحزن والضعف وسوء الحال، ويكتم في نفسه هذه المرة، كما كل مرة، ويظل صامتاً، وكأنه لم يسمع شيئاً، كان قد سألها مراراًً فيما مضى، أرفقي بنفسك واصبري- إيه - إنها تسرية.
يصعد محمد عتبة بيته العالية، ويفتح الباب بهدوء، لئلا يزعج الجيران، ويمد يده ليأخذ بيد رابعة، بعد أن جرف ماء المطر حافتها ويدخلان، لم يشعر بهما أحد، يغلق محمد الباب، المدخل موحل، لا يزيد عن أربعة أذرع من أول حافته، إلى بداية حجرة النوم، من الجانب الأيمن أرض فضاء قدر حجرة، نبت فيها الكلأ متفرقاً، يوصل إلى حجرة، وأخرى صغيرة لا يزال طرفها غير مسقوف، يرقد فيها حمار وبعض دجاجات.
تضيء رابعة المصباح، وتسعى لإشعال الموقد، لتحضير وجبة عشاء اعتادتها، ويتربعان داخل الغرفة يتناولان طعامهما، وباب الغرفة موارب، وظل الشجرة بالخارج، حين يطل القمر بين الفينة والأخرى، يتمايل على الجدار المقابل، وكأنه عفريت أدهم لا يسكن ولا يفتر.
يسعى محمد لغلق الباب فتمنعه رابعة، رغم برد المكان، لأن فيه أُنس، وتشد الفراش من فوق الحامل وتنشره على الأرض، فراش من خيش وقطن عتيق، ووسائد من قش، اضطجعا ولفّا نفسيهما تهيئةً للهم والأرق الذي يرافقهما كصاحب سوء ثقيل، فهما يحملان مزيداً من الحزن والأسى حتى في مضجعهما، كلما أخذتهما غفوة، عادا ليحدق كل منهما للأخر، ثم تأخذهما غفوة أخرى، وتدمع عيناهما من الفقد والوجد معاً.
إن النوم لا ينال منهما، مهما حاول غلبهما، حتى كسل عنهما، وكاد ينصرف أو ينصرفان عنه، كانا ينامان ملئ جفونهما قبلاً، رغم الكثير من المصاعب والعقبات في الليالي المظلمة والمقمرة على حدٍ سواء.
ماذا يفعلان؟ وماذا بقي في دنياهما؟ ومن يرثهما؟ .. من يرث البيت بجدرانه ومحتوياته، والحامل وما عليه من فراش، والحمار، وموقد النار، المصباح، الفأس، القدر، وبقية الأشياء التي ذهبت منافعها، فهو بالكاد يراها، ويذكر المزمار، كان يحمله دائما ًداخل حزامه أينما ذهب، وتوابعه في جيب أخر، يخرجه عندما يجلس للراحة في الظل وحين يعود داخل فناء بيته ويداعبه ولداه ويأخذانه منه، ويتعاركان عليه ويتصايحان، حتى يصرخ الصغير صراخاً لا ينفك منه حتى يأخذه، ويضرب به أخاه ويضربه في الجدار ويأبى أن ينكسر، كانت الحياة أقرب إلى البساطة وأقل من هذه تكلفة، يذكر كيف كان يطوف القرى بحثاً عن ليالي طهارة الصبيان، والموالد والأعراس، حين كان يقف في الصف الطويل يتمايل ويحدو، يزهو ويفاخر رغم ما يلقى من جهد ومكابدة وخشونة عيش، ويحسده الناس على خفته وحركات جسمه، وصوته وأدبه وحسن أخلاقه، وفي ضوء القمر ينفجر سكون الليل، ليخرج الحمار ما في رأسه، وتصيح الدجاجات ويصفق الديك بجناحيه، ويصيح بأعلى ما عنده، وصوت لقطٍ هارب، وكلب لاحق، يا لها من عداوة، طبع متأصّل وعادة لا تندثر، ويظل في مضجعه، وحمد الله أن رابعة لم تصحو، كثيراُ ما يصير مثل الحادثة هذه، في الليل والنهار والمطر والقيظ، ولكن في هذه الفترة كل شيء صار ذا قيمة حتى دبيب النمل، وتغريد البلابل.
الغيوم تحجب ضوء القمر، وكل شيء حتى الفضاء الرحب، يهدأ برهة ويغفو قليلاً ويعود ليصحو من جديد، على ريحٍ داخل الحجرة دفع الباب بغير إذن، حاملاً معه برداً والمزيد من البرد، لن يغلق الباب ولن يقم من مقامه، إكراماً لرابعة التي تأنس بكل فضاء.
إنه يحب أيام الشتاء ويتمتع بعطية الله، فكان أكثر ما يحب حين يفاجئه المطر، وإن كان غزيراً، ويأبى الهروب منه والاعتصام بغيره، بعض الناس يبغضونه، ويهربون كل إلى وجهة يجدون فيها وقاء منه، وكان يتعجب من صنعهم، تزوج أيام المطر، وابنه البكر جاء في المطر، والثاني هو أيضاً جاء في المطر، وأحس بالسعادة أيام المطر، إن المطر يغسل العالم أو بعضاً منه.
كان يحب الصيد وقت أن تكون السماء ملبدة بالغيوم، وكأن طيور الشتاء تستعجل قدومه في الأحراج والكثبان الرملية، إنه يحب الطيور الموسمية، ولا أحد يحبها مثله، ولا أحد يقوي على صيدها مثله، وكأنه يسايسها حتى تقع في شركه وشباكه، رغم حذرها ويقظتها وزوغانها العشوائي والمفاجيء، نسبوا إليه المهارة والذكاء، وشهدوا بأنه واحداً من أمهر صائدي الطائر الحائر، إذ كان يصيد أكثر من عشرة منهم في اليوم الواحد، وكان يعطيهم، رغم أنها مهارته وشباكه، ويغضبون ويحسدون، ويتركونه ويفارقونه ولو لفترة ثم يلتقون كالصبية الأحداث.
ينتبه لبعض البرد، وتذهب عينه ناحية الموقد، فلا يجد ما يدفعه لمعاودتها، ويعود بصره إلى السقف، وإلى الجدار ونواحي الحجرة، وتكون علامات الفجر قد لا حت، ويرخي أذنيه للغطيط المتواصل لرابعة، ويسمع نخنخة وسعالاً في الخارج وكان يعلم صاحبه.
يذكر أنه كان لا يقلق منامه في هذه الساعة غير ولديه، حين يصحوان وإلى عشاء اليوم التالي، ولا مناص حتى يناغيهما ويلاعبهما، حتى يذهب النوم عنه ويكون على وشك أن ينصرف للعمل، ولا يكون له ذلك حتى تغافلهما أمهما بملاعبة ورضاعة وطعام بقّال، وتجعلهما بين ذراعيها، وترخي على وجهيهما شعرها الأسود، حتى يستنشقان نفس الأمومة بكل فطرة وبراءة.
ها هو في دوامة الذكريات مستلقياً على ظهره وأصابع رجليه تعبث بطرف غطائه مستقبلاً ضوء فجرٍ جديد.
السكون بدأ يتحرك والأشياء بالحجرة تكاد تكون واضحة، حتى أنه يميز بينها، تلك اللحظات عميقة الجرح، شديدة الأسى، يراها كل يوم، في مثل هذه الساعة، وهو بين اليقظة والنوم، ربما هذه فائدة الحياة، وأي فائدة؟ ربما من بلواها، وربما من أي شيء آخر، وحكمة لا يعلمها، تتحرك رابعة في نومتها وتقترب بعشوائية منه، وتفوح رائحتها الزكية المعتادة وتجوس يدها إلى صدره، ثم تعاود في الغطيط، لأول مرة منذ زمن، سبحان الله، وكان آخر ما يذكُر في هذه الساعة، هو ما يذكره في كل لحظة، فراق ولديه وإلى الأبد، ثم راح في النوم هو الآخر.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبير البرازي
مديرة
مديرة
عبير البرازي


عدد المساهمات : 7200
تاريخ التسجيل : 02/03/2010
الموقع : https://elsoumoudelcharif.ahlamontada.com

ذكريات ماطرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: ذكريات ماطرة   ذكريات ماطرة I_icon_minitimeالأحد أكتوبر 16, 2011 8:38 pm

حضرة الدكتور

الاديب السامق

عادل محمد عايش الاسطل

قصة حزينة لشريحة معدمة من الحياة القيت عليها اضوائك

بسرد جميل ووصف دقيق لكل ما يحيط بهذه الاسرة من الداخل والخارج

حالة انسانية جعلتني اتفاعل معها بمأساة وحزن وامتعاض

رغم ادخالك بعض الجماليات لاضفاء رونق شاعري

اشكرك جزيل الشكر لهذه المنحة الادبية

وتقبل فائق الاحترام
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://elsoumoudelcharif.ahlamontada.com
 
ذكريات ماطرة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» أحاسيس ماطرة
» من ذكريات الحج للشيخ علي الطنطاوي (ت 1420هـ - 1999 م)
» ذكريات من طفولة الحي العتيق..رويدة الغيث
» ذكريات مؤلمة.. في يوم الحساب الإسرائيلي.! .. د.عادل محمد عايش الأسطل
» "عرباوى" عن ذكريات ومآسي وابتلاءات وآلام وتعذيب وسجون ومعتقلات عصر مبارك .. سيد أمين

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات الصمود الحر الشريف :: Votre 1ère catégorie :: votre 3ème forume - المنتدى الثقافي :: المنتدى الأدبي :: القصة-
انتقل الى: