سفينة خيبة الأمل الليبية ترسو في العريش

هل هذا التبرير كاف لتحويل مسار السفينة "خيبة الأمل" إلى العريش بدل الإصرار على الاتجاه إلى غزة وعدم الرضوخ للأوامر العسكرية الصهيونية إلا بالإجبار الفعلي بالقوة, وذاك هو الهدف المنشود؟؟؟
مؤسسة القذافي تبرر سلوك السفينة بأمر منها وتغيير مسارها نحو العريش المصرية بأنه كان بناء على مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل عن طريق النظام المصري الضامن للاتفاق, وأيضا عن طريق وسيط يهودي سويسري لتغيير مسار السفينة نحو العريش مقابل سماح إسرائيل بإدخال مواد البناء من إسمنت وحديد وكل ما تحمله السفينة بالإضافة إلى الموافقة على تنفيذ التزامات ليبيا في إطار إعمار غزة والشروع في البناء وتركيب السكنات الجاهزة, وتقدر التزامات ليبيا في هذا الصدد بـ 50 مليون دولار.
كما ترى أوساط أخرى بأن السفينة الليبية قد حققت هدفها بفضح التجاوزات الإسرائيلية ومخالفتها للقانون الدولي وممارسة القرصنة البحرية في المياه الدولية. كما فضحت ادعاءات إسرائيل وواشنطن برفع الحصار الجزئي أو المدني عن القطاع, وذاك ما كان مطلوبا من السفينة الليبية, وقد حققته فضلا عن جانب المساعدات التي حصلت على ضمانات ببلوغها إلى مستحقيها.
ثم إن إسرائيل قد عانت وتعرضت لامتحان عسير وافتضح أمرها ثانية وخضعت للشروط الليبية بإعادة إعمار غزة وإدخال مواد البناء في إطار حصتها التي التزمت بها, زيادة على إحداث ارتباك كبير في الكيان الصهيوني وإصابته بهلع شديد حيث كان معرضا لامتحان عسير ولفضائح جديدة تعصف بكيانه أمام شعوب العالم كلها.
نعم إن هناك إنجازا لا ريب لكن ليس بالقدر المطلوب, مما جعل الأوساط الأمريكية والغربية والعميلة تبتهج باتجاه السفينة إلى العريش وتعتبر ذلك ضمنيا هزيمة لليبيا وانتصارا للكيان الصهيوني, وقد يكون في ذلك نصيبا من الصحة.
ويبقى في النهاية ومهما كانت المكاسب التي تشكر عليها ليبيا لا شك, إلا أن هناك شعورا عربيا بخيبة الأمل في وأساط الشعوب والوطنيين المخلصين كون التردي العربي السائد يتطلب تسجيل أي انتصار للتنفيس عن الكبت والهوان المهيمن على الأمة, وهناك تساؤل كان سائدا قبل نشر مؤسسة القذافي الخيرية أسباب قرارها بتحويل السفينة إلى ميناء العريش, هو لماذا لم ترسل ليبيا مساعداتها برا وهي التي تملك حدودا مباشرة مع مصر؟ وإن كان الأمر يسهل بحرا أكثر, فلماذا لم توجه السفينة منذ البداية إلى ميناء العريش المصري؟؟؟
على أي حال المبررات التي قدمتها مؤسسة القذافي - إن صحت - تصلح مبررا جزئيا معقولا لتحويل مسار السفينة, لكنها لا تلغي خيبة الأمل تماما, فقد كانت فضيحة كبيرة للكيان الصهيوني منتظرة باستعماله العنف ستساهم مساهمة عملية قوية في كسر الحصار المكسور أصلا.
ويبقى التساؤل قائما هل أن مؤسسة القذافي وبالتالي النظام الليبيي كان يقصد هذا الهدف الحاصل منذ البداية, أي تقديم مساهمتها في إعمار غزة مقابل اتجاه السفينة إلى العريش؟؟؟
أي كان الأمر سواء كان هذا هو المخطط أم حصل نتيجة ما مثلته السفينة حتى نهار أمس من ضغط وارتباك وإحراج للكيان الصهيوني وأمريكا والغرب وعملائهم, فالأصل هو الاتجاه إلى غزة, وقد ترددت أنباء قبل تحويل مسار السفينة نهائيا بتهديد الكيان الصهيوني بقصفها وتدميرها, ولا أظن أن ذلك التهديد جادا بل أرجح أنه مجرد هلوسة تدل على فقدان العدو لصوابه وبلوغه مرحلة عالية من الحرج والارتباك, وهو هدف عالي الجودة أنجزته السفينة التي كانت حتى تلك الساعة جديرة باسم "الأمل". نعم إن الإنجاز كان كبيرا ثم انتهى متواضعا, فهل المقصود منذ البداية هو حجز نصيب من الكسر التركي للحصار أو السطو عليه بالأحرى؟؟؟ والقيام بعملية مسرحية كما عودتنا على ذلك الشطحات القذافية منذا ما يناهز الأربعين عاما؟؟؟ فهل ذلك هو الذي كان ينبغي لنا أن نفهمه منذ البداية؟؟؟ فماذا يمكن من إضافة لكسر حصار مكسور بالفعل حيث قام بنفس التمثيلية عمرو موسى, وكما أعلن القذافي نفسه عن الذهاب إلى غزة, ثم سكت عن ذلك وظهرت السفينة؟؟؟ وزيادة على ذلك فماذا كان يتوقع النظام الليبي من الكيان الصهيوني غير التهديد باستعمال القوة وربما استعمالها بالفعل في صورة مشابهة لما استعمله مع أسطول الحرية المجيد؟؟؟ ألم يكن من المفروض أن يكون على ظهر السفينة متطوعون فدائيون مستعدين للموت والاستشهاد إن اقتضى الأمر, حتى يكررون ويكرسون ذات الإنجاز التركي التاريخيي التليد؟؟؟ ولتقصف العصابة الصهيونية إن استطاعت السفينة فستكون النتيجة رفع الحصار نهائيا وعمليا بلا رجعة على غزة, وهل يمكن لأي كان أن ينتظر إنجاز أهداف تاريخية تستحق هذا الإسم دون تضحيات؟؟؟ لقد كان من بين مبررات النظام الليبي لتغيير اتجاه السفينة الحفاظ على أرواح المدنيين الأبرياء الذين كانوا على متنها, وهو مبرر مرفوض بكل المعايير, فالذي يركب سفينة لكسر الحصار لا بد أن يكون فدائيا مستعدا للاستشهاد بكل رضى ولا يقبل أبدا بالتخلي عن بلوغ هدفه المنشود, نعم إنه مدني مسالم وأعزل لا سلاح له, ولذلك فهو يصمم على الوصول إلى هدفه مهما كان الثمن, لأنه في موضع قوة قانونية وشرعية ومن يتعرض له يكون عقابه عسيرا حتى ولو كان هو الكيان الصهيوني المدلل عالميا. لقد ردت مؤسسة القذافي على من انتقدوها لعدم السماح لركاب السفينة بالاشتباك مع قوات الكيان الصهيوني بأنهم مدنيون مسالمون, ومهمة الاشتباك هي مهمة الجيوش العربية وليست مهمتهم, وفي هذه الحالة يقال للمؤسسة العتيدة: لماذا أرسلت هؤلاء المدنيين العزل المسالمين إذن إلى غزة معلنة المساهمة في كسر الحصار عنها؟؟؟ كل الناس كانوا عارفين بأن الكيان الصهيوني سيمنع السفينة من الوصول إلى غزة وسيستعمل العنف لاقتيادها إلى ميناء أسدود أوغيره في فلسطين المحتلة, لكن ركاب السفينة لن يتكرر معهم ما حصل مع نظرائهم في أسطول الحرية, وسيطلق سراحهم سريعا دون تعرض لقتل أو جرح نظرا لسوء السمعة التي أصبحت تلاحق الكيان الصهيوني بسبب اعتداءاته الإجرامية على أسطول الحرية.
في نهاية المطاف لا مبرر منطقي معقول ومقبول لرسو السفينة التي كانت أملا في ميناء العريش!!! مهما كانت المكاسب التي انتزعتها من الصهاينة لقد فقدت بهذا التنازل عن هدفها صفة الأمل وتحولت بفعل تصرف المشرفين عليها إلى سفينة خيبة الأمل. والواقع أن النظام العربي أي كان ممثله في حالة من الضعف والعجز والهوان تجعله بعيدا كل البعد عن الأهلية لتقديم أي إنجاز تاريخي حقيقي مهما كان متواضعا, وهذا ما يفسر كل شيء في مسيرة السفينة التي كانت أملا ادعاء وأصبحت خيبة أمل بفعل واقع حال النظام السياسي العربي ممثلا في النظام الليبي هذه المرة, ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم 

للأسف اخي العزيز الشيخ وليد
لا زلنا بالرغم من التجارب المريرة نطمع في ان ياتي شيئا منهم ولو اننا في قرارة انفسنا متاكدين من انه مستحيل!!! فماذا نفعل بربك في هذا الزمن العربي الاغبر؟؟؟ نامل ولو انه من باب لا طمع فيه, فقد قيل: انه لولا الامل لمات الانسان. رغم وعينا المتقدم بعقم الانظمة العربية, لا زالت شطحات النظام الليبي التي خبرناها منذ اكثر من اربعين عاما تنطلي علينا وما فعل بنا ذلك غير قسوة الايام وتدهور الوضع العربي الى حضيض ما بعده حضيض, وانظر لهذه الحادثة وتاملها جيدا اخي الكريم, ما الذي جعل هذا النظام يتصرف هكذا؟؟؟ فلولا الافلاس وقلة الحيلة لما سعى الى فضح نفسه بنفسه, ويحاول كعادتهم جميعا - الآن - بعد أن اصطدم بالحائط ان يوهمنا بانه انتصر كما يدعون دائما وهو في حالة هزيمة مرة!!! لا زالوا مصرين على استغفالنا واقناعنا بالمستحيل, ولا زالوا يتصرفون بطريقة خرافية ويتوهمون انهم يخلقون بطولات وهمية ويكسبون منها سياسيا ويلمعون انفسهم بها, وما دروا ان العكس هو الحاصل, فلا يمكن لاي كان ان يقلب الحقائق. نظام فالس مستبد فردي جاثم على صدر شعب شقيق منذ ما يزيد على الاربعين عاما وهو الآن بصدد الانخراط في مهزلة التوريث, ومستسلم لامريكا حامية اسرائيل علنا وبكل الوسائل وضامنة عدوانها ومزودتها باسلحة الدمار الشامل لتبيد بها الابرياء من المدنيين العرب العزل, ومن ابشع مظاهر الاستسلام لهذا النظام انه سلم مشروعه وكل ما لديه من اسرار نووية تسليما تاما لامريكا مورطا بذلك من اعانه من علماء الذرة المسلمين, وبالرغم من ذلك يجرؤ على هذه المسرحية الهزلية ويدفعنا لطمعنا القومي ان نامل منه شيئا. غير ان كل ممارساتهم الضالة سترفع اكثر من وعي جماهير امتنا المجيدة حيث تكتوي بنيران خيبات الامل كل مرة, وكلما ارتفع وعيها زادت ساعة رحيلهم عنها قربا, وهو الامل الوحيد الصحيح والمنجي والمنقذ من هذه الفئة الضالة التي تحكم امتنا. احييك اخي الكريم الداعية الاسلامي الشيخ وليد وليس الياس - كما تعلم - من صفات المؤمن, ويوم الفرج قريب باذن الله.