منتديات الصمود الحر الشريف
زيارتكم تسرنا * ومشاركتكم لنا بالتسجيل والمساهمة في منتدياتنا تسعدنا * حللتم أهلا ونزلتم سهلا في منتدياتكم الصامدة الحرة الشريفة
منتديات الصمود الحر الشريف
زيارتكم تسرنا * ومشاركتكم لنا بالتسجيل والمساهمة في منتدياتنا تسعدنا * حللتم أهلا ونزلتم سهلا في منتدياتكم الصامدة الحرة الشريفة
منتديات الصمود الحر الشريف
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات الصمود الحر الشريف

هذه المنتديات تجمع الشرفاء والشريفات الذين يناضلون من أجل القضايا العادلة في فلسطين والعالمين العربي والإسلامي والعالم بأسره بالوسائل التعبيرية الشريفة والشرعية - لا تتحمل إدارة المنتديات مسؤولية ما ينشر فيها مما لا يعبر عن رأيها بالضرورة
 
الرئيسيةجديد اليوم*أحدث الصورالتسجيلدخول

وضع الأمريكان دستور العراق ........................... وضع الروس الآن دستور سوريا ..................... ربما هذا يعني أن سوريا من نصيب روسيا في مشروع الشرق الأوسط الجديد .............. لقد بدأ العد العكسي لزوال الدول العربية نهائيا من خريطة العالم

 

 المعارضة السورية ومشكلة القيادة .. يزيد صايغ .. ج1

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد المالك حمروش
المدير العام
المدير العام
عبد المالك حمروش


عدد المساهمات : 5782
تاريخ التسجيل : 26/02/2010
الموقع : https://elsoumoudelcharif.ahlamontada.com

المعارضة السورية ومشكلة القيادة .. يزيد صايغ .. ج1 Empty
مُساهمةموضوع: المعارضة السورية ومشكلة القيادة .. يزيد صايغ .. ج1   المعارضة السورية ومشكلة القيادة .. يزيد صايغ .. ج1 I_icon_minitimeالسبت أبريل 06, 2013 12:13 pm

المعارضة السورية ومشكلة القيادة .. يزيد صايغ


دراسة 04 نيسان/أبريل 2013

المعارضة السورية ومشكلة القيادة .. يزيد صايغ .. ج1 Sayigh_color_medium3
يزيد صايغ - باحث رئيسي في مركز كارنيغي للشرق الأوسط



لاتزال المعارضة السورية تفتقر إلى وجود قيادة سياسية بعد عامين على بدء الانتفاضة في البلاد. في المنفى، يزعم الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية (الائتلاف الوطني) بأنه يوفّر إطاراً تمثيلياً للمجالس المدنية والمجموعات المسلّحة المختلفة العاملة داخل الحدود السورية، لكنه لايقودها. ولذا يتعيّن على الائتلاف تمكين الهياكل القاعدية الأساسية كي تصبح قيادة سياسية حقيقية للمعارضة داخل سورية، ويحوّل تركيزه باتجاه التعامل صراحةً مع الأطياف السياسية ومؤسّسات الدولة الرئيسة بغرض فصلها عن النظام، إذا كان يأمل في تحقيق التغيير الديمقراطي الدائم.

الأفكار الرئيسة

استجاب المجلس الوطني السوري، الذي كان أول إطار يمثل المعارضة في المنفى، للمبادرات الدبلوماسية بدلاً من صياغتها، وتبنّى عسكرة الانتفاضة من دون أن يتمكّن من توجيهها أو دعمها، وفشل في إدماج القادة المحليين داخل سورية.

تنافست الشخصيات والفصائل المعارضة في المنفى على المكانة والموارد بدلاً من أن تتوحّد تحت راية مشتركة، حيث كانت تتوقّع الحصول على التمويل والاعتراف السياسي من المجتمع الدولي.

أثبت الائتلاف الوطني، الذي حلّ محلّ المجلس الوطني السوري، أنه ليس أكثر منه فعالية في توفير قيادة سياسية استراتيجية، وتمكين الإدارة المدنية المحلية، وتأكيد السلطة الموثوقة على الثوار المسلحين، وتقديم الإغاثة الإنسانية، ووضع استراتيجية سياسية لتقسيم النظام. وقد وضعت استقالة رئيس الائتلاف، معاذ الخطيب، في 24 آذار/مارس 2013، مستقبل الائتلاف موضع شكّ، حتى لو تراجع عنه.

لايمكن للمجالس المحلية المدنية والعسكرية داخل سورية تأكيد سلطتها الفعلية على الأرض في ظل غياب القيادة السياسية الموثوقة.

أدّى التنافس بين الجماعات المتمردة والمتشدّدين الإسلاميين إلى ملء الفراغ، والتعاطي مع الاحتياجات المتزايدة لتوفير الأمن، وتسوية المنازعات، وتوفير إمدادات الغذاء والوقود والمأوى.
توصيات للائتلاف الوطني

يزيد صايغ
باحث رئيسي في مركز كارنيغي للشرق الأوسط

المزيد من إصدارات الباحث
ربيع عربي مخيّب للآمال؟

حكومة المعارضة السورية المؤقتة جداً

العلاقة المدنية ـ العسكرية الجديدة في مصر ممارسة القيادة السياسية للعمليات العسكرية. يجب أن يحدّد الائتلاف الوطني
موقفاً واضحاً من سير العمليات القتالية الرئيسة في المدن السورية، ولاسيما معركة دمشق الوشيكة، بهدف تأكيد الإدارة والسلطة السياسية على عملية اتّخاذ القرارات العسكرية.

حكم المناطق المحرّرة وتمكين القيادة السياسية المحلية. ينبغي على الائتلاف تمكين الحكومة المؤقتة التي أعلنها في المناطق المحررة من اتّخاذ القرارات السياسية الاستراتيجية، وإلا ستفشل الحكومة في توفير الإدارة الفعّالة والخدمات والمساعدات الإنسانية أو في تأكيد السيطرة المدنية على الثوار المسلحين.

وضع استراتيجية سياسية والاستعداد للمفاوضات. ينبغي على قيادة الائتلاف اقتراح إطار ملموس يوفّر الفرصة للجهات الفاعلة السياسية والمؤسّسية الرئيسة الداعمة للنظام حالياً، ماعدا الرئيس بشار الأسد والحلقة التي حوله، للاضطلاع بدور رسمي ومباشر في المفاوضات الخاصة بالعملية الانتقالية الديمقراطية في سورية.
القيادة المفقودة للمعارضة
بعد مرور عامين على بدء الانتفاضة السورية، لاتزال المعارضة تفتقر إلى قيادة سياسية فعّالة. وتتمتّع أطر المعارضة الرئيسة المتمثّلة بالمجلس الوطني السوري والائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة (الائتلاف الوطني)، بشرعية محلية كبيرة واعتراف دولي واسع. بيد أنها تقوم حقيقةً بتمثيل المعارضة بدل أن تقودها. وقد عبّر هذان الإطاران عن الأخلاقيات والأهداف السياسية للانتفاضة بصورة صادقة، لكن أياً منهما لم يحدّد فعلياً أجندة الانتفاضة، أو يقرّر استراتيجيتها على الأرض، أو يتّخذ قرارات بشأن قضايا الحرب والسلم ذات الأهمية الحاسمة. فهما لازالا يقيمان في المنفى ويفتقران إلى قاعدة تنظيمية داخل سورية، مايشكّل عقبة إضافية مهمة.

لقد عرقل الافتقار إلى القيادة تعزيز المبادرات التي قام بها "الداخل"، أي الناشطون المدنيون والضباط المتمرّدون داخل سورية. وقد أسفر ذلك عن تبديد الآمال باستنساخ النماذج التنظيمية الناجحة في جميع أنحاء البلاد، وهو ماجعل الهياكل العاملة محلية وعرضة إلى الاهتزاز بل إلى الانعكاس. كما عزّز ذلك دور البنى الاجتماعية الفعلية أو "التقليدية" – القائمة على العرق أو العقيدة أو المذهب أو العشيرة – التي تؤثّر بدورها تأثيراً شديداً على الأجندات السياسية وأساليب العمل، وتطغى عليها في بعض الأحيان.

برز احتمال حدوث تحوّل كبير في الديناميكيات يوم 18 آذار/مارس 2013، عندما عيّن الائتلاف الوطني خبير تكنولوجيا المعلومات والناشط غسان هيتو، المقيم في الولايات المتحدة حتى أواخر العام 2012، لرئاسة حكومة مؤقّتة تستقرّ بصورة أوّلية في المناطق المحرّرة من سورية. وتواجه الحكومة مهمة ربط الهياكل القاعدية المحلية بنظام حكم فعّال وممارسة سلطة جادّة على أغلبية الجماعات المتمرّدة على الأرض. ولكي تنجز الحكومة المؤقّتة تلك المهمة، يجب أن تكون مخوّلة باتّخاذ قرارات سياسية استراتيجية، لا أن تعمل فقط كملحق إداري للائتلاف الوطني. وإذا مانجحت في ذلك، فستصبح الحكومة المؤقتة بمثابة القيادة السياسية الفعلية للمعارضة.

سيشكّل إنجاز هذه المهمة نجاحاً كبيراً، بيد أن احتمال أن تصبح الحكومة المؤقّتة منافساً على القيادة السياسية هي بالضبط مايخشاه الائتلاف الوطني. فقد بذل الائتلاف، الذي أعلن عن الحكومة المؤقتة على مضض بعد أن تعرّض لضغوط شديدة من مؤيّديه العرب للقيام بذلك، جهوداً مضنية لتأكيد طبيعتها "التكنوقراطية". فقد عاش المرشحون العشرة الذين قُدِّموا إلى منصب رئيس الوزراء جميعاً في المنفى لسنوات عدة، كما أن أغلبهم عمل في مِهَن حرة غير سياسية حتى بدء انتفاضة العام 2011، وجرى تحديد المهمّة الرئيسة للحكومة في أضيق نطاق الإشراف على الخدمات في المناطق المحرّرة. ومن خلال إضعاف الحكومة المؤقّتة سياسياً، عرّض الائتلاف الوطني دورها الإداري وسلطتها الأخلاقية إلى الخطر، مايزيد في صعوبة التحدّيات التي تواجه الحراك الشعبي ويعيد المعارضة إلى المربّع الأول.

لن يستمر المشهد إلى ما لانهاية. فتثبيت الهياكل القاعدية يسير بطريقة جزئية ومتردّدة، وسط تضارب الاتجاهات نحو مزيد من التشرذم والاستقطاب الطائفي وجعل العنف أمراً روتينياً. ويمكن للحكومة المؤقّتة تغيير الصورة، بيد أنها كانت معوَّقة منذ ولادتها. لقد وضع إعلان رئيس الائتلاف الوطني، أحمد معاذ الخطيب، عن استقالته في 24 آذار/مارس 2013، مستقبل الائتلاف موضع شكٍّ، على الرغم من تراجعه عنها لاحقاً. ولعل المعارضة ستواصل طريقها المتعثّر، ولكنها إذا لم تحلّ مشكلة القيادة التي تعاني منها في غضون العام 2013، فإن التمرّد قد يتشرذم إلى كانتونات مسلّحة متناحرة، وقد تتوقّف عملية التحوّل الثوري الأعمق التي تجري الآن في المجتمع السوري.

نظرة عامة

تبدو المشاكل التي تعانيها المعارضة السورية عميقة. إذ إن عقوداً من الحكم الاستبدادي قضت تقريباً على النشاط السياسي والاجتماعي المستقل في سورية بحلول العام 2011. وبالتالي تم حرمان معارضي الرئيس بشار الأسد من الشبكات التنظيمية الموجودة مسبقاً، ومن مجموعة جاهزة من الكوادر ذوي الخبرة القادرين على اقتناص اللحظة الثورية التي أوجدتها الانتفاضة العفوية في آذار/مارس 2011 والبناء عليها بسرعة. ونتيجة لذلك، لم يتمكّن ائتلاف جماعات المعارضة المتباينة والشخصيات المستقلّة ونشطاء الحراك الشعبي الذين شكّلوا المجلس الوطني السوري في تشرين الأول/أكتوبر 2011 من القبض على المجريات على الأرض، مادفعهم إلى اتّخاذ موقف تميّز برّد الفعل منذ البداية. فتبنّى المجلس الوطني السوري أي مواقف تحظى بالتأييد الشعبي بين المتظاهرين والنشطاء داخل سورية ولم يقدّم القيادة السياسية.

فشل المجلس الوطني السوري مراراً وتكراراً على مدى العام التالي في التنبّؤ بالتطوّرات الميدانية في سورية وكذلك في المجال الدبلوماسي، ناهيك عن التأثير في اتّجاهها. فضلاً عن ذلك، كافح المجلس لتأكيد سلطته على ألوية وكتائب الثوار والمجالس العسكرية التي تكاثرت باستمرار مع اكتساب التمرد المسلّح زخماً خلال العام 2012. وقد أضاع المجلس كل فرصة لتطوير ودمج القادة المحليين داخل سورية في صفوفه، الأمر الذي لم يجعل صراعات المعارضة الداخلية على المكانة والتمثيل أكثر من مجرّد وسيلة لمداولة النخبة ضمن دوائر متشابهة من المعارضين المخضرمين والمثقفين والمنفيين.

إن مطالبة المجلس الوطني السوري، الذي شُكّل حديثاً ولم يختبر بعد، بتوفير القيادة الفعّالة والموحّدة لثورة عفويّة ولامركزية يرفع السقف كثيراً. لكن لم يكن متاحاً للمجلس أن يكون دائماً وراء الأحداث، طالما أن الآخرين يخلقون حقائق على الأرض ويحفّزون الدبلوماسية الإقليمية والدولية. وفي سياق الهرولة لتعزيز مكانته، ركّز المجلس الوطني على ضمان الحصول على اعتراف خارجي به بوصفه يمثّل إطار المعارضة الرئيس. وقد كان هذا أسلوب المجلس الوطني المفضل لإثبات وجوده أمام جمهوره داخل سورية، وتأمين تدفّق التمويل والتسليح اللذين يمكن أن يعزّزا شرعيته بين جميع معارضي النظام.

لكن كلما ازداد اعتماد المجلس الوطني على الدعم الخارجي، قلّت قدرته على تطوير قيادة فعّالة. فقد اعترفت مجموعة أصدقاء سورية من الدول والمنظمات المتعدّدة الأطراف - وضمنها معظم أعضاء جامعة الدول العربية والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وتركيا - بالمجلس الوطني بوصفه الإطار الرئيس للمعارضة وممثلاً شرعياً (لا أوحداً) للشعب السوري في الأول من نيسان/أبريل 2012. غير أنه لم يمرّ سوى ثمانية أشهر حتى نقلت مجموعة أصدقاء سورية الاعتراف إلى الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، وباركته بوصفه الممثّل الشرعي الوحيد للشعب السوري في 12 كانون الأول/ديسمبر.

منذ ذلك الوقت صارع الائتلاف الوطني لكسر الأنماط التي حدّدها المجلس الوطني، والذي لايزال قوة مهيمنة في إطار المظلة الأحدث. في نهاية كانون الثاني/يناير 2013 ظهرت بارقة بوجود قيادة حقيقية عندما اقترح رئيس الائتلاف الخطيب إجراء حوار مع النظام السوري من دون أن يجعل رحيل الرئيس الأسد شرطاً مسبقاً. وقد قوبلت مبادرة الخطيب بقدر كبير من الدعم الشعبي. وأشاد به ياسين الحاج صالح، الذي يُعَدّ واحداً من أكثر مفكّري الانتفاضة إثارة للإعجاب، على خلفية "إعادة كلمة (السياسة) إلى التداول"، "لتملأ مكاناً شاغراً، ولتفتح، لأول مرة منذ بداية الثورة، باباً لمقاربة ديناميكية تستند إلى فعل الثورة على الأرض، وعمل المقاومة المسلحة الذي يواجه النظام... ومحاصرة النظام سياسياً".1

في المقابل، انتقد المجلس الوطني السوري الخطيب بشدّة لاتّخاذه خطوات أحاديّة تتناقض مع المبادئ الأساسية للائتلاف من دون استشارة هيئات صنع القرار، وحذّره من مغبّة القيام بتصرّفات وإطلاق تصريحات أخرى من دون تفويض من شأنها أن تعمّق "الهوة داخله".2 وفوق هذا كله، وصف المجلس اللقاء الذي عقده الخطيب مع وزير الخارجية الإيراني بأنه يمثّل "طعنة للثورة السورية وشهدائها".3

ربما كانت محاولة الخطيب "استعادة السياسة" حالة من الحالات القليلة والمتأخّرة جداً لتغيّر الحظوظ السياسية للائتلاف الوطني، الذي يبدو غارقاً في الخلافات بالطريقة نفسها مثلما كان المجلس الوطني قبله، وللأسباب نفسها تقريباً. لقد لعبت الأطر السياسية المعارضة في المنفى دوراً حيوياً في التعبير عن الرغبة في إحداث التغيير الديمقراطي الجذري وإقامة الدولة السورية المدنية، وفي إعطاء المعارضة صوتاً في الخارج. لكن ربما ينبغي أن يتلاشى ادّعاؤها بأنها توفّر القيادة السياسية للمعارضة، قبل أن تتمكّن الهياكل المدنية والعسكرية التي تنبثق بشكل مؤلم وبطيء على الأرض داخل سورية من القيام بذلك الدور، مايفضي إلى تعزيز آفاق التحوّل الديمقراطي.

الإقحام في المقدمة

يحكم سورية منذ العام 1972، من الناحية الرسمية، تحالف من الأحزاب السياسية، هو الجبهة الوطنية التقدمية، غير أن حزب البعث هو الذي احتكر السلطة. فالحزب لم يسمح لشركائه في التحالف بتنسيب أفراد القوات المسلحة أو طلاب الجامعات من بين فئات أخرى إلى أحزابهم –يقتصر ذلك الحق على حزب البعث وحده - ولا بإصدار صحفهم الخاصة حتى أوائل العقد الماضي. وقد هيمن حزب البعث على جميع النقابات المهنية والعمالية والسلطات البلدية، وعمل بشكل وثيق مع الأجهزة الأمنية لاختراق وتحييد هيئات المجتمع المدني مثل الشبكات الدينية والجمعيات الخيرية والمنظمات غير الحكومية التي تعمل في ميادين التنمية الاجتماعية والاقتصادية.

كان من شبه الحتمي أن تتعاضد المعارضة السورية حول قوتين من خارج النظام الحزبي الرسمي بعد بدء انتفاضة العام 2011. كانت إحداهما تتكوّن من منابر سياسية عامة أطلقها مثقفون مهنيون ورجال أعمال مستقلون. وكان من أبرزها "ربيع دمشق" الذي انطلق بعد وفاة الرئيس السوري السابق حافظ الأسد في العام 2000، و"منتدى جمال الأتاسي" الذي أُسِّس في العام 2001 وأغلقه النظام في العام 2005، ومنبر "إعلان دمشق"، الذي شكّلته في العام 2005 جماعات المعارضة وأفراد مطالبون بديمقراطية تعدّدية. وتمثّلت القوة الأخرى بجماعة الإخوان المسلمين في سورية، التي كانت قد حظرت في العام 1980 وتم القضاء عليها تماماً بعد مجزرة حماه في شباط/فبراير 1982، والتي قمع فيها النظام بوحشيّة تمرّداً قادته جماعة الإخوان. فأُرغِمَت الجماعة على اللجوء إلى المنفى لكنها ظلّت أكبر قوة في المعارضة. كما تم حظر أحزاب المعارضة القليلة الأخرى التي بقيت في سورية، والتي تمتلك مهارات سياسية وتنظيمية حقيقية - مثل حزب الشعب بزعامة رياض الترك، الذي يلقّب بـ"مانديلا سورية" - وأرغمت على ممارسة العمل السري.

لم يكن أي من هذه القوى قادراً على مواجهة المهمة الناشئة.

كانت المنابر العامة بمثابة نقطة التقاء لمطالب الإصلاح السلمي في العقد الأول من حكم بشار الأسد، لكنها كانت تفتقر إلى التنظيم السياسي للقيام بدور قيادي في المواجهة التي وقعت في العام 2011. وتمثّل إسهامها في المعارضة، وفقاً لشخصية رئيسة فيها، "بأفراد ذوي خلفية إيديولوجية لم تواجه تحدّيات عملية قطّ، ولم تضطرّ للتصرّف بطريقة مسؤولة لأنها لم تجد نفسها يوماً في موقف يوجب عليها وضع استراتيجية للوصول إلى السلطة... أو بناء ائتلافات".4

احتفظت جماعة الإخوان المسلمين بجزء كبير من هيكلها التنظيمي وخبرتها لكنها كانت تقيم في المنفى حصراً وتعاني من الشيخوخة، إذ اتّجه أبناء قادتها وأعضائها إلى ممارسة أشكال بديلة من النشاط السياسي والاجتماعي، سعياً إلى الاستقلال عن الجيل القديم.5

ظهر مرشّحون محتملون آخرون لقيادة المعارضة بعد بدء الانتفاضة. فقد انبثقت هيئة التنسيق الوطنية للتغيير الديمقراطي بزعامة حسن عبدالعظيم، من المنتديات العامة التي نشطت في الفترة بين العامين 2000 و2005. حافظت الهيئة، التي شُكِّلَت في أيلول/سبتمبر 2011 من ثلاثة عشر حزباً ذات توجهات يسارية وأربعة أحزاب كردية وعدد من الشخصيات المستقلة والناشطين الشباب، على وجود حذر في سورية بالرغم من تعرّضها للتهديد المستمر بالقمع من قبل النظام.

تشكّل هيئة التنسيق الوطنية للتغيير الديمقراطي، جنباً إلى جنب مع المجلس الوطني السوري والائتلاف الوطني في المنفى، والتجمعات الأخرى داخل سورية والتي ظهرت مع استمرار الانتفاضة مثل تيار بناء الدولة السورية بقيادة لؤي حسين، مايمكن اعتبارها المعارضة "الرسمية". غير أن المجلس الوطني السوري والائتلاف الوطني هما اللذان هيمنا على مظهر أول سنتين من الانتفاضة السورية، بفضل القدر الأكبر من الحرية الذي توفّر لهما للانتقال إلى المعارضة الشاملة للنظام وتبنّي التمرّد المسلح علناً.

المجلس الوطني السوري

أُعلِن عن إنشاء المجلس الوطني السوري في اسطنبول في 2 تشرين الأول/أكتوبر 2011، في أعقاب عدة محاولات فاشلة لتشكيل إطار موحّد للمعارضة استجابة لبدء الانتفاضة. تشكّل التحالف من الموقّعين على إعلان دمشق والإخوان المسلمين في سورية، وفصائل كردية مختلفة، وممثّلين عن لجان التنسيق المحلية التي أسّسها ناشطون سلميون ممن كانوا رأس حربة في الاستخدام الثوري لوسائل الإعلام الاجتماعية في العشرات من المدن والبلدات، وأحزاب سياسية ومنتديات أخرى بما في ذلك ربيع دمشق والكتلة الوطنية. كما انضمّ إلى المجلس ممثلون عن الطائفتين العلوية والآشورية وشخصيات مستقلة. ومنذ البداية اعتبر الكثيرون أن جماعة الإخوان المسلمين تهيمن على المجلس الوطني السوري، مع أنها بذلت جهوداً مضنية لنفي ذلك.

سرعان ماوُضِعت قدرة المجلس الوطني السوري الوليد على قيادة المعارضة على المحكّ. فقد طرح تصعيد عنف النظام في أوائل العام 2012 والعواقب الإنسانية والسياسية المتزايدة تحدّياً خطيراً، وهو ماردّ عليه المجلس الوطني السوري بطريقتين. أولاً، مارس المجلس لعبة "المواكبة"، حيث تبنّى مواقف في بعض القضايا السياسة أو التفَّ على قضايا أخرى بما يتماشى مع المشاعر السائدة بين الناشطين والثوار في سورية. كان المجلس الوطني يأمل من خلال ذلك أن يحافظ على الاعتراف به قيادةً وبتعزيز شرعيته السياسية. ثانياً، سعى المجلس إلى إقناع الأطراف الإقليمية والدولية بأنه يمثّل الأغلبية الساحقة من المعارضة السورية، على أمل الحصول على التمويل وسواه من الدعم المادي والدبلوماسي الذي من شأنه أن يساعد الانتفاضة ويساعده هو نفسه في تأكيد مكانته القيادية.

في كلتا الحالتين، عكست استجابة المجلس الوطني السوري حقيقة افتقاره إلى استراتيجية مدروسة لهزيمة نظام الأسد، ومعالجة الأزمة الإنسانية التي انبثقت في البلاد مع اتّساع رقعة القتال، وتوفير إطار بديل للحكم. بدلاً من ذلك، استثمر المجلس جُلَّ طاقته السياسية في الحصول على الاعتراف به ممثلاً رئيساً للمعارضة - وللشعب السوري في نهاية المطاف - وفي الدفاع عن ذلك. وفي وقت لاحق زعمت المتحدثة السابقة باسم المجلس الوطني السوري بسمة قضماني أن هذا يعكس القناعة بأن "الدعم المالي - الخارجي - سيتم توجيهه من خلال سلطة سياسية لها تمثيل ذو مصداقية... في الداخل والخارج".6 وكانت معظم أطياف المعارضة تتوقع أن توجيه الدعم المالي والإنساني والعسكري الخارجي من خلال إطار واحد مُعتَمَد "هو ماسيوحّد الجماعات على الأرض".

بيد أن هذه التضافر الحميد لم يتحقّق. على العكس من ذلك، عانت المعارضة من دينامية تنافسية منهكة. فقد حفّزت التوقعات بالحصول على تمويل خارجي - وإمدادات أسلحة في بعض الحالات - تكاثر الأحزاب السياسية والائتلافات ومجالس القيادة المدنية والعسكرية المتنوّعة بدلاً من تشجيع عمليات الدمج والتوحيد في تشكيلات أكبر. انتقد الناشط المخضرم كمال اللبواني، الذي انشقّ عن المجلس الوطني في شباط/فبراير 2012 بسبب شعوره بالإحباط إزاء ما اعتبره التزام المجلس غير الكافي بدعم الانتفاضة داخل سورية، هذا التنافس على الموارد الخارجية بوصفه سعياً وراء "السراب"، وقال: "يجب أن نعمل على التنفيذ لا التمثيل".7
الافتقار إلى استراتيجية عسكرية

أدّت ممارسة لعبة "المواكبة" إلى حصول انقلاب مفاجئ مهم في مواقف المجلس. فمنذ تأسيسه كان المجلس الوطني السوري يعارض التدخل العسكري الخارجي في سورية وتسليح المعارضة، ولكن في شباط/فبراير 2012 تراجع المجلس عن موقفه. في العلن اعتبر قادة المجلس الوطني هذا مطلبهم الرئيس، ولكنهم أقرّوا، بعيداً عن الأنظار، بأن التدخّل العسكري لن يحدث.8

كانت هناك أدلة متزايدة على أن الحكومات التي تمتلك القدرات المطلوبة لاتنوي القيام بعمل عسكري أو إرسال أسلحة. في 29 شباط/فبراير، على سبيل المثال، صرح الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) أندرس فوغ راسموسن أن الحلف لن يتدخّل في سورية أو يسلّح المتمردين، أو حتى يستخدم موارده لتقديم المساعدات الإنسانية أو الطبية.9 وفي السادس من آذار/مارس أكّد قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال جيمس ماتيس أيضاً أن وزارة الدفاع الأميركية لاتخطّط للقيام بعمل عسكري، وهو الخيار الذي استبعده الرئيس باراك أوباما بشكل محدّد بعد يوم واحد.10

وعند مراجعة الرئيس السابق للمجلس الوطني، برهان غليون، لتلك الحقبة بعد مرور عام عليه، كشف في شباط/فبراير 2013 أن بعض أعضاء المكتب التنفيذي للمجلس الوطني عارضوا الحديث عن تدخّل "لعدم خلق أوهام حول أمر لن يتحقّق في المدى المنظور".11 لكن غليون وعبدالباسط سيدا (الذي انتُخِب رئيساً للمجلس الوطني في حزيران/يونيو 2012)، وجورج صبرا (الذي خلف سيدا في تشرين الثاني/نوفمبر)، استمروا في الدعوة إلى التدخّل طيلة العام 2012 وفي العام 2013.

وبسبب عدم قدرة المجلس الوطني السوري على وضع مقاربة بديلة، تبنّى في آذار/مارس 2012 ما أطلق عليه أعضاء بارزون، مثل نائب الرئيس محمد فاروق طيفور، وهو أيضاً نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين، والمتحدّث باسم المجلس جورج صبرا، "التوازن العسكري" مع نظام الأسد.12 لكن المجلس الوطني كان يعاني أصلاً كي يُظهِر سلطة مُقنِعة على الجماعات المسلّحة المتنافسة التي ظلّت تظهر على الأرض. ومع ذلك، كان لديه حافز للقيام بذلك. فقد قدمت مجموعة أصدقاء سورية وعداً بتوفير التمويل - وبإمدادات الأسلحة في حالة قطر والمملكة العربية السعودية - إذا ماتمكّن المجلس الوطني من توحيد الثوار في قيادة واحدة، مُظهِراً بذلك سيطرته الفعلية وتأكيداً لادّعائه تمثيل السواد الأعظم من المعارضة.

كان الجيش السوري الحر هو أكبر هذه الجماعات المتمرّدة في البداية، ولكن أيضاً الأقل تنظيماً أو تماسكاً، والذي كان قد أعلن عن تأسيسه العقيد في سلاح الجو المنشقّ، رياض الأسعد، في تموز/يوليو 2011. لم يكن الجيش السوري الحر تابعاً رسمياً إلى أي طيف في المعارضة السورية، غير أن المجلس الوطني سعى مراراً إلى فرض سيطرته عليه وعلى غيره من الجماعات المسلّحة التي استمرّت في الظهور.

وفي مسعًى إلى تحقيق هذا الهدف، أعلن غليون في 1 آذار/مارس 2012 عن إنشاء مكتب عسكري داخل المجلس الوطني لدعم الجيش الحر والإشراف عليه. كان المكتب، الذي لم يعمل أبداً، الأول ضمن سلسلة من القيادات "المشتركة" العابرة التي أُعلِن عنها من جانب مجموعة أو أخرى من ألوية وكتائب الجيش الحر والمجالس العسكرية والجماعات الإسلامية أو المستقلّة، على مدى الأشهر السبعة التالية.13 كانت الرغبة في استقطاب التمويل الخارجي والتسليح هي العامل الذي يحرّكها كلها، أو يفرّقها.

وفي مواجهة تجدّد الضغوط من جانب مجموعة أصدقاء سورية لإظهار جبهة موحّدة للثوار، رعى المجلس الوطني مجدداً قيادة عسكرية مشتركة للمجالس العسكرية الثورية في نهاية أيلول/سبتمبر. وقد زعم نائب رئيس المجلس الوطني طيفور، أن هذه القيادة تضمّ "جميع" المجالس العسكرية والثورية داخل سورية.14 ووفقاً لمسؤول الارتباط مع الجيش الحر في المجلس الوطني، كانت القيادة المشتركة الجديدة تسيطر على "مابين 75 و80 في المئة من الجماعات المسلحة على الأرض".15 لكن قادة ذوي مصداقية، مثل العقيدين قاسم سعدالدين وعبدالجبار العكيدي، رئيسا المجلسين العسكريين في حمص وحلب على التوالي، كانا غائبين. كما غابت عن صفوف القيادة المذكورة الكتائب الإسلامية المختلفة التي نمت من حيث القوة والمكانة منذ بدء معركة حلب، ثاني أكبر المدن السورية، في 20 تموز/يوليو. وفي نهاية المطاف كانت هذه القيادة المشتركة عابرةً كما سابقاتها.

كان المجلس الوطني يأمل بتثبيت ادّعائه بالقيادة وتعزيز مكانته لدى الحراك الشعبي للمعارضة في سورية من خلال تبنّي عسكرة الصراع ضد نظام الأسد. بيد أنه سعى إلى الاعتراف بصدارته السياسية من جانب قوى لم يأتِ بها إلى حيّز الوجود وليس قادراً على دعمها بالسلاح والإمدادات والرواتب. فكان المجلس يأمل أن يكتسب السيطرة الجادة بعد تعهّد أصدقاء سورية في نيسان/أبريل بتوجيه التمويل من خلال مكتبه العسكري لدفع رواتب عناصر الجيش الحر، ولكن لم تصل الأموال المخصّصة لدفع الرواتب سوى مرة واحدة، في تشرين الأول/أكتوبر، وبشكل جزئي فقط.

في نهاية المطاف، لم يتمكن المجلس الوطني من تحقيق قدر أكبر من التماسك أو الهيكلة في صفوف التمرّد المسلح. في الواقع، ساهم المجلس الوطني من حيث لايقصد في استمرار الانقسام وتكاثر الجماعات المتمرّدة، من خلال ترقية القيمة السياسية للعمل العسكري إلى المقام الأول، في حين يفتقر إلى الوسائل اللازمة لتوجيهه أو دعمه، وأضفى الشرعية على منافسيه الإسلاميين الذين أثبتوا أنهم أكثر فعالية.

كانت لدى المجلس الوطني خيارات أخرى. ففي ورشة عمل مغلقة لتقييم أدائه عُقِدَت في شباط/فبراير 2012، درس المجلس مشروع خطة عمل للبدء بمقاطعة اقتصادية داخلية للنظام، وعصيان مدني تدريجي، وإعداد الحراك الشعبي المدني المحلي لتولّي مهام الإدارة العامة بعد سقوط النظام. بيد أنه جرى التخلّي عن هذه الخطة بسرعة، فيما ألقى أغلبية أعضاء المكتب التنفيذي بثقلهم وراء السعي إلى تحقيق التوازن العسكري مع النظام.

كانت عملية تغيير الاتجاه لمواجهة عنف النظام مفهومة ومشروعة. لكن المجلس الوطني سمح لعسكرة الأزمة السورية بأن تحرفه عن التصدّي للتحدّيات الصعبة الأخرى التي كان لابدّ من التغلّب عليها لوضع استراتيجية ثورية عملية وقابلة للتحقيق. شملت هذه التحدّيات بناء تحالفات سياسية واسعة وتمكين المنظمات القاعدية، وكذلك تطوير هياكل محلية قادرة على توفير مستوى أوّلي من الخدمات الأساسية - بما في ذلك إنفاذ القانون - والإغاثة الإنسانية للمدنيين في المناطق الواقعة تحت سيطرة الثوار وللعدد المتزايد من المهجّرين في الداخل. وقد أدّى تكثيف العنف الذي يمارسه النظام إلى جعل هذا أمراً ملحّاً.

فضلاً عن ذلك، تطلّبت محاولة وضع مقاربة ثورية قدراً كبيراً من التعاون مع جماعات المعارضة الأخرى داخل سورية. إحدى هذه الجماعات كانت هيئة التنسيق الوطنية للتغيير الديمقراطي التي تتّخذ من دمشق مقراً لها، والتي توخّت أيضاً دعوة السوريين إلى رفض العمل أو دفع الضرائب، وتصعيد الاحتجاجات السلمية لتتحوّل إلى عصيان مدني شامل. ولكن المجلس الوطني اعترض على التعاون، ماحوّله إلى تنظيم يقيم في المنفى بالدرجة الأولى. وقد أثقل هذا الإرث على المجلس بشكل كبير.
مشكلة ثقة
كانت الأحزاب والمنابر السياسية التي تشكّل المجلس الوطني تفتقر إلى عضوية تمتدّ إلى كل حي مدني وبلدة وقرية في سورية، وهو ما يعدّ مشكلة بالنسبة للمعارضة عموماً. وربما كان في وسع المجلس الوطني التعويض عن ذلك من خلال العمل على إعداد هياكل إدارية محلية أو هيئات تمثيلية أو حكومة مؤقتة أولية حيث أمكن ذلك في أنحاء البلاد. وقد دعت بعض الأصوات داخل المجلس الوطني إلى تحويل الموارد المادية والطاقة السياسية نحو بناء هياكل فاعلة على الأرض في مرحلة مبكّرة. في شباط/فبراير 2012، دعا اللبواني المجلس الوطني إلى أن يتحوّل من هيئة تمثيلية كبيرة في المنفى إلى هيئة تنفيذية أصغر حجماً داخل البلاد. عندئذ يمكنه أن يقود الانتفاضة حتى "سقوط النظام وانعقاد المجلس الوطني الموسَّع في الداخل".16 وفي آذار/مارس اقترح اللبواني تبعاً لذلك تشكيل جمعية وطنية انتقالية من شأنها أن تشكّل بدورها حكومة في المنفى كذراع تنفيذية لها "مسؤولة عن تنظيم كل الفعاليات في الخارج والداخل".17

إلا أن المجلس الوطني لم يقم بمحاولة الانتقال إلى داخل سورية. فقد تردّد تماماً إزاء تشكيل سلطة انتقالية خشية أن تحلّ هذه السلطة محلّه كممثل للمعارضة السورية.18 كان تردّد المجلس مفهوماً، إلا هذا كان يعني بأنه غير قادر على تطوير نفسه إلى ماهو أكثر من مجرد هيكل تمثيلي يفتقر إلى القدرات القيادية الحقيقية والقدرة التنفيذية. وكان المجلس قد أعلن عن تأسيس قائمة طويلة من "المكاتب التنفيذية" أضفت عليه مظهر حكومة في المنفى في أوائل آذار/مارس 2012، لكن لم يتم تفعيل أي منها تقريباً أو توفير طواقم العاملين لتعمل بكامل طاقتها.19 الاستثناء الوحيد كان مكتب الإغاثة والتنمية، والذي استفاد من رئاسة طيفور المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين له، وعمل إلى حدّ ما كغطاء لشبكات الجماعة نفسها.

وقد كشفت الحسابات المالية المنشورة للمجلس الوطني عن مدى افتقاره إلى القدرة التنفيذية. وفقاً للبيان الذي صدر عنه في تشرين الثاني/نوفمبر 2012، أنفق المجلس مبلغ 26.4 ملايين دولار على أعمال الإغاثة الإنسانية، أو 65 في المئة من أصل 40.4 ملايين دولار هي قيمة التبرعات الرسمية التي تلقاها من ليبيا وقطر والإمارات العربية المتحدة خلال العام المنصرم. كان هذا أمراً محموداً، ولكنه كشف عن عدم رغبة مجموعة أصدقاء سورية في تخصيص الموارد بحجم أكبر لهيئة غير مختبرة ومضطربة سياسياً. وكانت مجموعة أصدقاء سورية قد حدّدت المجلس الوطني كقناة رئيسة لتقديم المساعدة الإنسانية في الأول من نيسان/أبريل، ولكن الجهات المانحة الرئيسة مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، واللتان تبرعتا بنحو 200 مليون دولار في تلك الفترة، لم تظهرا ثقة كبيرة في قدرة المجلس على إدارة وتوزيع المساعدات على نطاق واسع على نحو فعّال. وفضّلت الدولتان بدلاً من ذلك توجيه مساهماتهما من خلال المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

الحال نفسها تنطبق على المساعدات الأميركية والبريطانية غير القتالية إلى المعارضة، التي وصلت قيمتها إلى نحو 50 مليون دولار، والتي أنفقت على معدات الاتصالات وتدريب الناشطين المدنيين من سورية. أمكن للمجلس الوطني السوري، أو بالأحرى بعض الفصائل المكوّنة له، التأثير في اختيار المجالس المحلية أو اللجان القاعدية التي ستتلقّى التدريب، لكنه لم يتعامل مع الأموال أو إدارة البرامج. وفي بعض الحالات أرسلت الجهات المانحة ممثّلين عنها إلى المناطق المحرّرة لتقديم الأموال نقداً مباشرة إلى المجالس المحلية لاستخدامها في شراء احتياجاتها مثل مولّدات الكهرباء.

بل كانت فصائل المجلس الوطني نفسها تفضّل أيضاً جمع وصرف الأموال خارج إطاره. وكان هذا الأمر ملحوظاً بصفة خاصة في حالة الإخوان المسلمين، وهو ما أتاح لأعضائها وشبكات المتعاطفين معها بتوجيه التبرعات مباشرة إلى لجان الرعاية الاجتماعية والإغاثة التي يفضلونها داخل سورية. الأمر نفسه كان ينطبق إلى حدّ كبير على المنتدى السوري للأعمال، الذي دخل حظيرة المجلس الوطني في أيار/مايو 2012. كان الهدف المعلن للمنتدى هو إنشاء صندوق دعم للمعارضة بقيمة 300 مليون دولار، لكن استعراض أنشطته المعلنة، وكذلك حسابات المجلس الوطني، يبيّن أنه إما لم يكن فعّالاً في جمع التبرعات أو أنه اختار عدم صرف الأموال من خلال المجلس الوطني.

لعبة التمثيل ومشكلاتها السياسية

عدم قدرة المجلس الوطني أو عدم رغبته في تكريس نفسه لإنجاز هذه المهام عرّضه لانتقادات متزايدة داخل صفوفه وإلى تنامي خيبة الأمل بين الناشطين والثوار وعامة الناس في سورية. وقد تمثّل ردّه المألوف على ذلك - وللتطورات الدبلوماسية غير المتوقعة التي تشكّل تهديداً محتملاً– في تأكيد صفته التمثيلية. جاء هذا على شكل الإعلان المتكرّر عن مراجعات تنظيمية وإعادة هيكلة داخلية، كان الهدف المعلن لها جعل المجلس أكثر فعالية وشمولاً. ولكن لم يتغير سوى القليل في الواقع، ما أسفر عن اعتراضات مستمرة وانقسامات متكرّرة.

أعطى المجلس الوطني السوري مؤشراً مبكراً على "لعبة التمثيل" التي يمارسها عندما أعلن عن عملية إعادة تنظيم وشيكة "للبيت الداخلي" في منتصف شباط/فبراير 2012. كان هذا يهدف في الظاهر إلى إدراج جماعات المعارضة الإضافية في صفوفه، ولكن كان من الواضح أن توقيت الإعلان ارتبط بتوقّع المجلس الحصول على الاعتراف الدولي في الاجتماع الأول لمجموعة أصدقاء سورية، المُقرَّر عقده في 24 شباط/فبراير. وراء الستار، بدا من الواضح أنه ليس لدى المجلس مايكفي من السيطرة لتولّي إدارة عملية إعادة هيكلة من هذا النوع. وتزامن الإعلان مع انشقاق ضارّ، حيث انفصلت كتلة كبيرة من المنشقين بقيادة ناشط حقوق الإنسان المخضرم، هيثم المالح، في 19 شباط/فبراير لتشكل مجموعة العمل الوطني السوري. وبحلول منتصف آذار/مارس كان المجلس الوطني قد خسر مايقرب من ثلث أعضائه الـ270.

كان المجلس الوطني السوري لايزال يترنّح عندما أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بياناً رئاسياً يؤيّد خطة السلام الخاصة بسورية المؤلفة من ست نقاط والتي اقترحها المبعوث الخاص المشترك للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، كوفي أنان. وقد دعا البيان إلى بدء "عملية سياسية شاملة بقيادة سورية" من دون استبعاد الأسد أو اشتراط رحيله كما طالب المجلس الوطني السوري. وعلى الفور وصف المجلس الوطني خطة أنان بأنها تقدّم للنظام "فرصة للمضيّ قُدُماً في أعمال القمع الهادفة إلى سحق ثورة الشعب السوري". بيد أن مجلس الأمن صوّت على الخطة بالإجماع وبدعم من الأعضاء الرئيسيين في مجموعة أصدقاء سورية، ولذلك أيّد المجلس الوطني الخطة على مضض.

وفي سلوك نمطي، ردّ المجلس الوطني على هذه الانتكاسة الدبلوماسية بدعوة بقية أطياف المعارضة إلى اسطنبول لبحث إصدار "ميثاق وطني لسورية جديدة" في نهاية آذار/مارس. كانت مسألة توحيد المعارضة مهمّة بالتأكيد، ولكن المجلس الوطني كان يهدف إلى إثبات وجوده ووحدته قبل الاجتماع الثاني لمجموعة أصدقاء سورية في الأول من نيسان/أبريل. لم تتم استشارة فصائل المعارضة في دمشق، ولذلك رفضت الحضور كما هو متوقّع. حضر المجلس الوطني الكردي في سورية، والذي كان يضم يومها اثني عشر حزباً، ولكنه انسحب بعد ذلك احتجاجاً على "تهميشه وإقصائه" بسبب مطالبته بالاعتراف على نحو لا لبس فيه بالحقوق القومية الكردية والدولة اللامركزية في سورية مابعد الأسد.

من الواضح أن المجلس الوطني لم يَرْقَ إلى مستوى ادّعاء رياض الشقفة، المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين الذي هو أيضاً عضو في المكتب التنفيذي للمجلس الوطني، بأن "90 في المئة من أحزاب المعارضة ستكون موحّدة بحلول الأول من نيسان/أبريل، تحت مظلة المجلس الوطني".20 ومع ذلك فقد اعترفت به مجموعة أصدقاء سورية بوصفه "ممثلاً شرعياً لجميع السوريين والمظلة للمنظمات المعارضة الموجودة فيه"، وعيّنته القناة التي تمرّ من خلالها المشاورات السياسية والدبلوماسية الدولية، إضافة إلى جعل المجلس الوطني قناة المساعدات الإنسانية.

لم يأتِ الاعتراف المتزايد من دون ثمن، حيث تعرّض المجلس الوطني لضغوط متجدّدة لتوسيع دائرة القوى المشاركة فيه. وقد ردّ المجلس مرة أخرى بالوعد بإعادة هيكلة نفسه لاستيعاب أطياف أوسع من المعارضة. تبعت ذلك أسابيع عدة من المحادثات تحت إشراف جامعة الدول العربية، لكنها تعثّرت بسبب المنازعات المألوفة حول مكانة الشخصيات القيادية وحصص تمثيل الفصائل المختلفة.

لم يتمكّن المجلس الوطني أيضاً من مواجهة التحدّي الحرج المتعلّق بما يجب فعله حيال أفراد نظام الأسد. في حزيران/يونيو، رفض رئيس المجلس الوطني آنذاك سيدا الحوار مع الأسد "أو جماعته"، لكنه شدّد على أن المجلس الوطني لايريد اجتثاث حزب البعث تماماً.21 بعدها سلك المجلس الوطني مساراً معاكساً، حيث وافق في الاجتماع الموسَّع للمعارضة في القاهرة في 3 تموز/يوليو، على العهد الوطني الذي أكّد المبادئ التي ستقوم عليها سورية الديمقراطية، وعلى "الرؤية السياسية المشتركة"، التي تعهّدت بحلّ حزب البعث في بداية المرحلة الانتقالية. وبعد مايزيد عن شهر فقط، غيّر سيدا المسار مرة أخرى، حيث كرر التأكيد أنه بالرغم من عدم إمكانية إجراء حوار مع "من تلطّخت أيديهم بالدماء"، فإن "البقية، سواء في حزب البعث أو الحكومة أو غيرها من المؤسسات... يمكن أن يؤدّوا دوراً في مستقبل سورية".22

كان من المفترض أن تشكّل وثائق القاهرة منبراً سياسياً مشتركاً، غير أن المعارضة ظلت مفكّكة كما كانت من قبل. وكان السبب الغالب في هذا أن "الرؤية السياسية المشتركة"، خصوصاً، تركت المعارضة من دون برنامج عمل مفصّل يمكن من خلاله اختبار قدرة الفصائل المتنافسة على القيادة وقياس أدائها. بدل ذلك، ظلت المعارضة الرسمية بصفة عامة، والتي تتكون من منابر وشخصيات معروفة مثل هيئة التنسيق الوطنية، والمجلس الوطني على وجه الخصوص، غارقة في حلقة لاتنتهي من التنافس على المكانة الشخصية والتمثيل الفصائلي الذي أدام عدم الاستقرار التنظيمي والعجز السياسي .

الأهم من ذلك هو أن وثائق القاهرة لم تتضمّن مطالب ومقترحات محدّدة بشأن العملية الانتقالية. كما لم تَسْعَ المعارضة إلى شقّ النظام من خلال عرض دور رسمي في التفاوض على العملية الانتقالية أو شكل سورية مابعد الأسد على الجهات المؤسّسية الفاعلة الرئيسة والقوى الاجتماعية المتحالفة معه.

أعقبت دورة مماثلة من الخطوات السياسية الشكلية صدور بيان جنيف يوم 30 حزيران/يونيو عن "مجموعة العمل الخاصة بسورية"، التي تضمّ الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي والجامعة العربية والاتحاد الأوروبي وتركيا والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. دعا البيان إلى تشكيل "حكومة انتقالية تملك كامل الصلاحيات التنفيذية"، ويمكن "أن تضمّ أعضاء من الحكومة السورية الحالية وآخرين من المعارضة". إضافة إلى ذلك، أثارت التوقّعات بوجوب تشكيل الحكومة على "قاعدة التفاهم المتبادل" بين الطرفين، احتمال إجراء مفاوضات مع النظام، ماجعل لزاماً على المجلس الوطني أن يثبت قدرته على قيادة معارضة موحّدة.

مرة أخرى، ردّ المجلس الوطني على تطوّر دبلوماسي حرج بعقد محادثات وحدة مع فصائل معارضة أخرى، ولكن هذه المحادثات توقفت كما هو متوقّع بحلول نهاية تموز/يوليو. وتعمّق إحراج المجلس الوطني عندما ضغطت فرنسا وتركيا عليه بغية تشكيل حكومة انتقالية في آب/أغسطس. ردّ المجلس بالإعلان عن خطط لتوسيع عضويته، وهي العملية التي تم تأجيلها مرتين. بحلول ذلك الوقت، كان الناشطون السوريون يتحدثون بصراحة عمّا اعتبره البعض "فشلاً قيادياً ذريعاً" لدى المجلس الوطني السوري.23 في الوقت نفسه، كرّر قادة في المجلس الوطني مثل طيفور بكل ثقة القول إن المجلس سيمثل 90 في المئة من المعارضة بعد إدخال المزيد من الجماعات إلى صفوفه.

توقّف هذا التردّد بصورة مفاجئة عندما صرّحت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون علناً في 31 تشرين الأول/أكتوبر أنه "لم يعد من الممكن النظر إلى المجلس الوطني السوري على أنه القيادة الظاهرة للمعارضة". شجب المتحدثون باسم المجلس الوطني ماوصفوه بـ"الوصاية المباشرة" من جانب الولايات المتحدة، والتي قالوا إنها "تحاول التعويض عن تقصيرها وعجزها عن وقف أعمال القتل والمجازر في سورية". وبشكل أكثر تحديداً، عقد المجلس الوطني على عجل اجتماعاً لكامل أعضائه في الفترة بين 4 و8 تشرين الثاني/نوفمبر. لكن بحلول ذلك الوقت، كانت الولايات المتحدة وقطر، على وجه الخصوص، مصمّمتين على تشجيع تشكيل هيكل جديد يوفّر قدراً أكبر من التمثيل للحراك الثوري ومجالس المدن أو المحافظات في المناطق المحرّرة من سورية. كانت خطتهما تستند إلى "المبادرة الوطنية السورية" التي اقترحها عضو المكتب التنفيذي في المجلس الوطني السوري رياض سيف.

الائتلاف الوطني: فاصل قصير؟

(يتبع)

http://www.carnegie-mec.org/2013/04/04/المعارضة-السورية-ومشكلة-القيادة/fxc6
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://elsoumoudelcharif.ahlamontada.com
 
المعارضة السورية ومشكلة القيادة .. يزيد صايغ .. ج1
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» المعارضة السورية ومشكلة القيادة - يزيد صايغ .. ج3
» المعارضة السورية ومشكلة القياد .. يزيد صايغ ج2
» متحدث باسم المعارضة: أمريكا بدأت تقديم بعض الاسلحة الفتاكة لمقاتلي المعارضة السورية
» الثورة السورية ومخاطر غياب القيادة
» المعارضة السورية تتفق حول "ائتلاف" موحد

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات الصمود الحر الشريف :: Votre 1ère catégorie :: نافذة على سوريا-
انتقل الى: