مصير كلب خائن...نص من مجموعة الرغيف المر

مصير كلب خائن

خرجت ذات مساء في جولتي المعتادة بين بساتين تحيط بالقرية وإذا بي أصور مشهدا غريبا من سيناريو الحياة في تلك القرية ..وجدت امرأة تفصل رأس كلب عن جسده بمعول وقبضة من غضب أعمى ...
هالني المشهد و اقتربت منها أسألها عن الجرم الذي جعلها تنفد فيه حكمها بتلك الطريقة البشعة القسوة...لم يكن سؤالي لها ولا وجودي ليوقفها عن إتمام ما بدأت به ...وراحت تجيبني في زفرة من حقد على الكلب ...
أخبرتني أنه كان يخطف دجاجتها الواحدة بعد الأخرى ..أربعة لم تكن تملك غيرها ...كانت مصدر قوتها الوحيد ...أخبرتني أنه كان يخنق الواحدة منها ثم يحفر حفرة يدفن فيها رأس الدجاجة وينصرف.أي مفسد؟
عذرت حقدها وطريقة قتلها وتمنيت لو مر معولها على رؤوس كلاب بشرية تعبث بشرف نساء عفيفات يرغمهن واقع زمن صعب ففصلها عن أجسادها ...
ابتعدت عنها بخطوات وقد تموجت بذاكرتي قصتي مع كلب بشري كان يساومني عن شرفي بمنصب عمل زمن سنوات البطالة ، أيام كانت قطعة الخمسين دينارا تعدل حلما ...
إن انكسار حلم الجامعي المتخرج على صخرة البطالة أمر بالغ القسوة خاصة لشباب من منطقة كمدينتي .. التي كان يضطر طلابها للتنقل إلى ولايات الشمال من أجل الدراسة الجامعية ، تلك معاناة أخرى قد توحي لكلاب بشرية بطرح المناقصة .
إن الكلاب البشرية لا تقنع بنصيبها الشرعي بل إن لديها شراهة لا محدودة لا يسد جوفها إلا التراب ...إنها لا تختلف عن ذلك الكلب المفسد في شيء فهي تخنق عمر الفتاة وأحلامها ، وتحفر في تربة العار حفرة تدس فيها هامات لن ترفع من بعد....بل إن الواحد من الكلاب البشرية قد يبدأ المهمة ويترك إكمالها لكلاب أخرى تنهش ما تبقى، و إنها لتعبد طريق الخطيئة لفريستها...
كنت بكل خطوة أخطوها بعيدا عن تلك القروية أتذكر قصصا روتها لي فتيات كثيرات أبطالها كلاب بشرية ...تلك الكلاب المتعددة الأنواع و الفصائل حسب نوعية غدائها :الرشوة ..المال ..الكراسي ........
تمنيت لو أن كل عفيفة امتلكت معولا تفصل به رؤوسا كتلك ، تمنيت لو أن فتيات العراق امتلكنها .وتنهدت لمعول مكبل بفلسطين ،آه لو أتيح للقدس ..لغزة ..لكل المدن الفلسطينية أن تمتلك معاول..
قصة تلك الفلاحة ليست ببعيدة عن قصة فلاح رأيته ذات مساء آخر يشنق كلبا على شجرة ..يومها لم أسأل الفلاح عن جرم ذلك الآخر فقد بت أرى أن للقرويين قصصا مع الكلاب غريبة ، ولعل انتقامهم منها هو انتقام من واقع ينهش أحلامهم وحقهم في الحياة الكريمة ،بل إنه ليدس رؤوسهم في التراب...

نعم استاذي الفاضل ما اكثر الذئاب البشرية...ان صححت اللفظ فمعروف عن الكلاب الوفاء والحراسة ام اولئك البشر فلا يحسنون سوى النهش..وللاسف هناك مواضيع تقبع في الطابوهات رغم انها من كبرى السرطانات الخبيثة في جسد المجتمع غير ان اقلام مثقفينا قلما تلامسها...
تحياتي وشكري وامتنانني استاذي ومشجعي عبدو...

اشكر مرورك ايتها العزيزة عبير...اشكر مرورك المشجّع الجميل...
كم تعاني النساء من هكذا نماذج بشرية للاسف...